أبرز الأخبار

منازلة الإنتخابات: غياب البرامج وسباق على “نبش القبور”

يتسابق المرشّحون إلى الإنتخابات النيابية وخصوصاً مرشّحي الأحزاب الكبرى، على الفوز بأكبر عددٍ ممكن من الأصوات في الإستحقاق المقبل، ويستخدمون لتحقيق هذا الهدف كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وصولاً إلى استغلال مآسي الحرب في لبنان، ونبش القبور وتوظيف الحوادث الأمنية الحديثة والقديمة، من أجل الحشد الطائفي وتحريك الغرائز وزرع الحماس في صفوف الناخبين، وذلك في الوقت الذي يفتقد فيه الخطاب كما الحملات وحتى الشعارات الإنتخابية، للبرامج السياسية والمالية والإقتصادية والإجتماعية والتربوية والصحية والبيئية وغيرها من العناوين التي تحملها حملات المرشحين في أي بلدٍ ديمقراطي.

وتحت مظلة الإضطراب والتوتر الطائفي، تنطلق المكوّنات السياسية والحزبية كما مجموعات الحراك المدني، في حملاتها بالأمس كما اليوم، ويكتفي قادتها بتكرار خطابات سابقة في انتخابات ماضية، نظراً لانعدام القدرة والجرأة على إطلاق الوعود بـ “غدٍ أفضل”، كما هي عليه الحال في الدعاية الإنتخابية. ويعزو المحلل طوني عيسى هذا الواقع إلى أن “القوى السياسية في لبنان، لم تعتد أن تسير الأنتخابات في أي يوم وفق منهاج سياسي أو برنامج أو مخطط أو روزنامة سياسية يعدون بتطبيقها، وما يُسجّل اليوم، هو فقط شعارات يجري دائماً استحضارها من الأرشيف، وتنطبق على الجميع وتتضمّن عادةً شعاراتٍ وأفكاراً وشذرات برامج من هنا وهناك سياسية وإقتصادية”.

لكنه يستدرك موضحاً لـ “ليبانون ديبايت”، أنّ “هذا الموضوع اليوم، يتّخذ أهميةً خاصة، لأن المرحلة تقتضي ان يتواجه الجميع بالبرامج لا بالشعارات، باعتبار المرحلة مصيرية بالنسبة للبنان. وبالتالي فإن القوى السياسية التي اعتادت أن تستخدم الشعارات الشعبوية والرنّانة و”التخوينية”، تكرّر نفسها اليوم وتفعل ما كانت تقوم به في محطاتٍ سابقة، وتتّكل على أن المحازبين الذين لطالما كانوا موالين لها ومنحوها صوتهم في الإنتخابات الماضية، سوف يبقون عند مواقفهم”.

ولاحظ عيسى أنّ “المجتمع المدني أُصيب بالعدوى نفسها وهو يتكّل اليوم على الشعارات، وهو أساساً استخدم الشعارات منذ 17 تشرين الاول، علماً أنه كان على المجتمع المدني أن يحقّق هدفاً من أثنين، وذلك أن يضع برنامجاً يسير الجميع تحت عناوينه العريضة، وإمّا أن يوحّد صفوفه في مرجعية سياسية أو شبه مرجعية على الأقلّ بالخطوط العريضة، لكن الثوار لم يفعلوا ذلك ولذا أُصيبت ثورتهم إذا صحّت تسميتها بالثورة، بانتكاسةٍ كانت متوقّعة. فلا يمكن للثورة بعد انطلاقها ببضعة أيام أن تبقى مشرذمة، إذ هرب الذين قاموا بالثورة من استحقاق القول إذا كان “حزب الله” يشكّل توافقاً عند الثوار أم لا، وهناك الذين اكتفوا بالكلام عن إسقاط النظام أو تعديله أو تصحيحه وهناك الذين ارتأوا أن المشكلة هي في أساسها سياسية، وهي تقتضي التغيير على مستوى ان يتخلّى الحزب عن السلاح ويعود القرار للدولة اللبنانية وحدها”.

وإستدرك عيسى، أنّ “هذا الهرب من البرنامج السياسي الموحد قد أوقع الثورة في الخلل وهي حتى اليوم لم تتوحّد بناءً على المعطى السياسي المذكور، وذلك أيضاً بسبب التنافر الداخلي بين قواها وشرائحها والشخصانية عند غالبية الذين يقودون هذا الحراك والذين باتوا يتنافسون في الإنتخابات، والمشكلة أن القوى السياسية النافذة، استطاعت أن “تخرق ” الثورة بدسّ جماعاتها في صفوفها، بحيث لم يعد يعرف الناخب هل هؤلاء هم من الثورة أو ضدها، وفي هذا الخضمّ ضاعت الشعارات والبرامج والأفكار وتحوّلت الحملات والخطابات والمنازلات الإنتخابية، تكراراً للنماذج التي شهدناها من قبل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى