بأقلامهم

كم من مرة يجب أن تموت ديانا خوري، وكم من مرة يجب أن تُدمر بيروت، كي نتعظ

ورحلت ديانا خوري في إنفجار بيروت الآثم أمام أعين أولادها الثكالى،ترى ما هي الجريمة؟هل الجريمة تعريفها طفل تُقتل أمه أمامه بسبب إنفجار بيروت أم الجريمة هي في طبقة من الحكام الزعران الذين يرعون منظومة متشعبة من السارقين والناهبين والمافيات المنظمة التي تتستر خلف هذه الطبقة؟هل ترتضي هذه الطبقة السياسية أن يحصل بعائلاتها وبيوتها ما حصل ببيروت وبالشهداء الأبرار؟هل ترتضي هذه الطبقة أن تفقد أمهاتها وشبابها وأملاكها كما حصل مع أهل بيروت؟
ديانا خوري وغيرها المئات والآلاف ماتوا ضحية طبقة سياسية نهمة لا تشبع قتلاً وسرقة وتدميراً والأوقح أنها تحاول بكل ما أوتيت من حقد وخبث أن تطمس التحقيق فتلتف على القضاء وتتخلص من القاضي تلو الآخر في تناغم تام وإرادة جهنمية لدفن كل الضحايا والشهداء والحقيقة دون أن يرف لها جفن.ما حصل ببيروت يرقى إلى جريمة الإبادة الجماعية، إنفجار إجرامي سيبقى وصمة عار على جبين تلك الطبقة السياسية وسيتكلم عنه التاريخ وستخلده الكثير من الوثائقيات والأفلام بعد أن صنفه الجميع على أنه الثالث بعد ناغازاكي وهيروشيما بفداحته.
رعاة شر وأشرار،يتلهون بصغائر الأمور وينكرون على الشعب والوطن حقوقهم،قتلوا بيروت أكثر من مرة وقتلوا أبنائها لأن الإنسانية بداخلهم ماتت وحل مكانها الإجرام الخالص،أحزاب تتخابط ومن ثم تتخالط لتجر بيروت ومن فيها إلى آتون الحديد والنار والقتل والدمار،لا هم لها سوى بضعة مقاعد نيابية ووزارية تتحكم عبرها بمفاصل الدولة فتجعلها كسيحة وعاجزة،هي المرض وتقدم نفسها كالدواء الشافي،ذهنية مريضة وعقيمة لم ينتج عنها سوى دمار لبنان.
بالأمس كان السيد حسن يتوعد بمئة ألف مقاتل قادرين على إزاحة الجبال، فهل العراضات العسكرية في عيون السيمان وهل الغمز من قناة عيون أرغش وعيون السيمان هي خارطة طريق إحتلال لبنان والقبض على خناقه وتطويعه تمهيداً لولاية ما؟
عجيب أمر كل الأحزاب التي تستحضر الحرب الأهلية والفتنة كلما تم حشرها في الزاوية، فلبنان لم يعد مكاناً للنزهات،التاريخ يشهد،لا المسيحي ولا الدرزي ولا السني ولا حتى الشيعي قادر على قضم جغرافية لبنان ولو حتى بقيد أنملة.
إن كان باستطاعتنا أن نتخلى عن بعض،وإن كنا سنستمر في استجلاب الخراب والدمار على لبنان، فلننعزل عن بعض أفضل وليكن كل في منطقته محصن في عرينه ضد الآخر ولنرى من سيحتمل أن يعيش دون الآخر بعد أن أوصلنا السياسيون إلى أمر واقع وهو أننا لا نستطيع أن نعيش مع بعض،فالطبقة السياسية المتكاذبة لم تترك مكاناً للعيش بسلام.
يكفينا حروب ودمار، يكفينا معارك وقتال ومجازر كل عشرة أعوام ويكفينا عقود محاصصة طائفية كل خمسة عشر عاماً، لم يعد الشعب يحتمل ولم تعد بيروت تحتمل الدمار والدماء ولتكن بيروت مدينة مفتوحة للجميع برعاية دولية لأننا لم نعد نأمن لبعضنا.
لا يجب أن يصبح أولادنا ورثة التاريخ البشع والمقيت الذي سطرته أيدي الحكام بقتلهم وإجرامهم،لا يجب أن يصبح أولادنا ضحايا حرب ومفقودين ومسروقي الأحلام والطموحات،أولادنا يستحقون لبنان السلام والحضارة والثقافة،فكم من مرة يجب أن تموت ديانا خوري وكم من مرة يجب أن تُدمر بيروت،كي نتعظ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى