أخبار محلية

الانهيار يحاصر الليرة اللبنانية والنموذج الفنزويلي يداهمنا!

Topskynews

هزّة جديدة تعرضت لها العملة اللبنانية، مع سقوطها الحاد إلى مستوى جديد وغير مسبوق مقابل الدولار الأميركي.

وتخطت الليرة اللبنانية في الساعات الماضية حاجز الـ 50 ألف ليرة للدولار الأميركي الواحد في السوق السوداء، وهو مستوى جديد في رحلة المعاناة الطويلة، التي تعيشها العملة اللبنانية منذ نهاية عام 2019، في الوقت الذي لم يتمكن فيه الإجراء الذي اتخذه المصرف المركزي اللبناني منذ نحو ثلاثة أسابيع من كبح جماح المسار الهبوطي للعملة سوى لأيام معدودة.

فقبل أيام قليلة من نهاية عام 2022 فاجأ المصرف المركزي اللبناني الأسواق المالية، بقرار سمح من خلاله للأفراد والمؤسسات بشراء الدولار من المصارف عبر منصة “صيرفة” دون حدود، وبسعر 38 ألف ليرة للدولار الواحد، وقد نجحت هذه المبادرة بخفض سعر الصرف في السوق السوداء من حوالي الـ 48 ألف ليرة للدولار إلى نحو 42 ألف ليرة.

ولكن ما هي إلا أيام قليلة حتى عاود سعر الصرف في السوق السوداء ارتفاعه، مع تراجع المركزي اللبناني جزئياً عن قراره، وإعلانه أن شراء الدولار عبر منصة “صيرفة” سيكون مخصصاً فقط للأفراد وبسقوف محددة وليس للشركات، وهو ما أعاده المراقبون إلى عدم قدرة المركزي على الصمود أمام الطلب الهائل على الدولار من الأسواق.
وقد أظهرت البيانات الرسمية أن حجم المعاملات التي أجريت عبر منصة صيرفة، خلال أول 11 يوم من العام 2023، تخطت 1.1 مليار دولار أميركي، حيث تركّز حوالي 80 بالمئة من هذه المعاملات في الأيّام الثلاث الأولى من العام، أي حين كان المجال لا يزال مفتوحاً أمام الشركات للاستفادة من المنصة.

ومن المتوقع أن ينعكس هذا الرقم الكبير للعملة الصعبة الذي تدخل به مصرف لبنان في السوق، محاولاً لجم انهيار الليرة، تراجعاً بقيمة احتياطاته بالعملات الأجنبية، التي وصلت إلى مستويات منخفضة بلغت 10.15 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2022.
“صيرفة” هي إحدى المشاكل

ويرى رئيس مجلس ادارة بنك الاستثمار والتمويل جان رياشي في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن منصة صيرفة ليست منصة حقيقية لتحديد سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وهي لا تملك القدرة ولا يمكن لها بأي طريقة لجم الانهيار الحاصل في سعر الصرف، مشيراً إلى أن السعر الذي تعتمده هو سعر اصطناعي ولا يعبر عن حقيقة الوضع.

وبحسب رياشي فإن مصرف لبنان يوحي أن منصة صيرفة، تجسد نوعاً من الحل ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، بل هي تحوّلت إلى منصة توفر الدولار بسعر مدعوم لبعض الجهات، ليتم استخدام هذه الدولارات لاحقاً في عمليات المضاربة على الليرة في السوق السوداء، داعياً إلى الغاء هذه المنصة التي تحولت إلى عبء وليس حل.

ويكشف رياشي أن مصرف لبنان يموّل جزءاً من عمليات صيرفة، من خلال شراء الدولار من السوق السوداء على سعر مرتفع، ليعود ويبيع هذه الدولارات عبر منصة صيرفة بسعر أقل، مشيراً إلى أن البنك المركزي يغطي الخسائر التي يتكبدها، من جراء الفارق الكبير بالسعر بين السوق السوداء ومنصة صيرفة، من خلال عملية طبع العملة وهو ما يعني في النهاية أنه يخلق كتلة نقدية بالليرة اللبنانية أكبر من تلك التي أمتصها من السوق.

أساس انهيار الليرة

ويرى رياشي أن السبب الاساسي الذي يعمق انهيار الليرة اللبنانية، يعود لسياسة طبع العملة التي ينتهجها مصرف لبنان، وذلك بهدف تمويل الإنفاق الحكومي، وإعادة جزء من ودائع الناس بشكل شهري، مشيراً إلى وجود مشكلة كبيرة تكمن في الودائع المسجلة في المصارف، حيث تظهر ميزانيات المصارف اللبنانية أن هناك نحو 95 مليار دولار كودائع للعملاء.
ومن المفترض أن تكون 90 بالمئة من هذه الأموال مودعة في مصرف لبنان، ولكن الوضع على أرض الواقع يظهر أن مصرف لبنان لا يملك هذا الحجم من الأموال، ما يعني أن الودائع الدولارية للمودعين لا يوجد مقابلها أموال، ولذلك فإن مصرف لبنان يلجأ إلى تذويب هذه الودائع من خلال سياسة طبع الليرات، التي تخلق تضخماً وتعمّق من انهيار الليرة اللبنانية.

حل المشكلة

وشدد رياشي على أن باب الحل لمشكلة انهيار العملة اللبنانية، يتكون من عدة عناصر، أبرزها إقرار موازنة للدولة لا تعتمد على سياسة طبع العملة لتمويل الإنفاق، ورد ودائع المودعين، إضافة إلى خلق توازن بالقطاع المالي، من خلال إعادة هيكلة المصارف وتحمل الدولة جزءاً من المسؤولية عبر اعداد خطة تضمن إعادة حقوق المودعين، من دون تشكيل ضغط على الليرة.

حجم الكتلة النقدية بالليرة

وبحسب البيانات الرسمية فقد بلغ حجم الكتلة النقديّة التي تشمل السيولة الجاهزة بالليرة اللبنانيّة 97.08 تريليون ليرة لبنانية مع نهاية العام 2022، وهو ما يثبت أن سياسة طبع العملة من قبل مصرف لبنان، أغرقت السوق بكميات كبيرة من الليرة اللبنانية، التي باتت تستخدم في عمليات المضاربة على العملة.
لبنان يلحق بالنموذج الفنزويلي

من جهته، يقول الدكتور في الاقتصاد السياسي موفق اليافي في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية الموجودة في السوق، تتعدى الحجم الذي يمكن أن يتوقعه الشخص، وبالتالي فإن الانهيار الحاصل هو نتيجة طبيعية لسياسة طبع العملة ولا يمكن توقع سوى انهيار إضافي بسعر الصرف، مشيراً إلى أن لبنان يلحق وبخطى ثابتة بالنموذج الفنزويلي لانهيار العملة.

سقوط حر لا سقف له

اليافي، أن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، دخل مرحلة السقوط الحر الذي لا قاع له، فالبلد يعاني من شلل في مؤسساته في ظل غياب أي خطة اقتصادية أو اصلاحية لمواجهة ما نشهده من انهيار، ولم يستبعد تسجيل سعر الصرف مستويات قياسية جديدة خلال عام 2023، قد تصل إلى 70 الف أو حتى تفوق مستوى 100 الف ليرة للدولار الواحد، لافتاً إلى أن الانهيار يحاصر الليرة اللبنانية، إذ يترافق ذلك مع ذوبان احتياطات البلاد بالعملة الصعبة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى