بأقلامهم

زغرتا المدينة والعائلات وبورصة الترشيحات

لكل دائرة إنتخابية حساباتها وفق قانون الانتخاب 2017 أو ما يعرف بـ”قانون جورج عدوان”، ولكن لكل منطقة خصوصيتها وأعرافها التي ليس من السهل تخطيها أياً تكن القوانين الانتخابية النيابية المعمول بها. هذا هو واقع الحال في قضاء زغرتا – الزاوية حيث نوابه الثلاثة دوماً من المدينة منذ قيام الجمهورية اللبنانية وتحديداً من العائلات السياسية الخمس وأكبرها من حيث عدد الناخبين “الدويهي” ويليها بشكل لصيق معوض ثم فرنجية وكرم والمكاري إلا أن لهؤلاء لفيفاً من العائلات يدور في فلكهم ما يجعل من عائلة فرنجية الاكثر وزناً إنتخابياً. عبر التاريخ، هذه العائلات تحالفت أحياناً وتخاصمت أحياناً عدة الى حدّ المواجهات الدموية.

يعتبر آل فرنجية الاكثر إنضباطاً عائلياً ولكن واجِهتهم السياسية أي “تيار المردة” لم يجرؤ أو لم يسعَ الى كسر حصرية التمثيل النيابي في معقله قضاء زغرتا – الزاوية بالمدينة كما فعلّ غريمه السياسي “القوات اللبنانية” في معقله جبة بشري حيث نجح في إنتخابات 2018 بإيصال نائب من قرى القضاء هو المهندس جوزف إسحق من بلدة حصرون.

سابقة تاريخية تسجل لدى عائلة فرنجية بعد “17 تشرين” وهي خروج بعض أفرادها عن سطوة العائلة للمرة الاولى والمجاهرة برفضهم الاستمرار بخط “المردة”. الاهمية ليست بمدى حجمهم داخل العائلة بل بكسر حاجز الخوف أو المحرمات وإن بقي المرشح الوحيد الاوحد هو النائب طوني سليمان فرنجية الذي حلّ اولاً على صعيد القضاء بـ 11407 صوتاً فيما الحاصل النهائي 11263.6 صوتاً في انتخابات 2018.

عند آل معوض هامش الاختلاف السياسي أوسع مع أرجحية كاسحة لبيت الرئيس الشهيد رنيه معوض أكان في المرحلة الاولى بعد إغتياله مع أرملته النائبة السابقة نايلة معوض أو مع نجلهما لاحقاً النائب المستقيل ميشال معوض وواجهتهم السياسية “حركة الاستقلال”. هذا الآخير حلّ ثانياً بـ 8571 صوتاً ونجح بفرض حضوره في اللعبة السياسية اللبنانية وبخلق ثنائية زغرتاوية مع سليمان فرنجية وإن كانت الارجحية للأخير.

كما يوجد في العائلة أيضاً رجل الاعمال توفيق معوض الذي كان مقرباً من العونيين و”المردة”، إلا أن وصوله الى قناعة بأن لا حظوظ له عند “المردة” لأنه ليس ضمن اول اسمين بالترتيب وتالياً بالترشيح عن المقاعد النيابية الثلاثة وعدم دعم “المردة” له في معركة رئاسة “الرابطة المارونية” دفعاه الى إختيار لعب دور “العرّاب” في العائلة ودعم ميشال معوض في السياسة والمساهمة في وصوله الى ساحة النجمة عوض منافسته على مقعد نيابي.

هناك أيضاً، النائب السابق قيصر معوض الذي يصفه بعضهم بأنه متقلّب إذ هو يساري الهوى، لكنه عاد وتقرب من آل فرنجية وفاز على لائحتهم في الانتخابات النيابية عام 2000. أما في إنتخابات 2018، فترشح على لائحة “القوات اللبنانية” لكنه إنسحب قبل بضعة ايام من فتح صناديق الاقتراع ما اربكها. حتى الآن لا بوادر لترشحه خصوصاً ان الثقة مفقودة فيه من قبل من يركّبون اللوائح بعد تنصله من التزامه مع “القوات” في الاستحقاق الماضي.

التعددية كما الحضور الحزبي لطالما كانا الاقوى لدى آل الدويهي مقارنة بالعائلات السياسية الباقية. فكان السابق منذ 7/3/1988 تاريخ وفاة “بونا” سمعان الدويهي -الذي دخل الى ساحة النجمة نائباً شمعونياً وأول رجل دين مسيحي – على إستمداد المشروعية السياسية في العائلة من مدى القرب منه. اربعة مرشحين محتملين في العائلة للعام 2022:

النائب الحالي والوزير السابق اسطفان الدويهي الذي حصد 5435 صوتاً تفضيلياً عام 2018 مدعوماً من “المردة” الذين يتحالف معهم منذ تعيينه نائباً عام 1991 قبل انتخابه للمرة الاولى عام 1992.
المهندس ميخائيل الدويهي الآتي من تجربة مهنية ناجحة في شركة “كاتربيلر” العالمية في البرازيل وأوستراليا وآسيا ومن تجربة إجتماعية كرئيس ومؤسس جمعية “مؤسسة الخير والإنماء وناشط في موضوع تطويب البطريرك اسطفان الدويهي وعضو في الرابطة المارونية وناشط في لجنة الانتشار الماروني وعضو مؤسس في “الجمعية المسيحية للتنمية في التربية والعائلة” وكذلك من تجربة العمل الاجتماعي في زغرتا حيث خاض الانتخابات البلدية عام 2016 بوجه الائحة التي شكلت بالاتفاق بين فرنجية ومعوض. المهندس الدويهي هو المرشح الرسمي لـ”القوات اللبنانية” ما سيعطيه دفعاً اضافياً عن ما سيحصده بشخصه جراء انتشار “القوات” على مساحة القضاء.
المحامي يوسف بهاء الدويهي الذي إنضم مجدداً منذ بضعة أشهر الى حزب “الوطنيين الاحرار” كأمين عام هذه المرة، ويحكى في الكواليس ان رغبته الدائمة في النيابة حاضرة لكن ثمة صعوبة في ظل ما يحكى عن تحالف بين “القوات” و”الاحرار” على مساحة الوطن.
الدكتور ميشال الدويهي وهو وجه شاب وديناميكي برز في صفوف “17 تشرين” يرجّح ان يكون مرشّح تحالف الاقضية الثلاثة – “شمالنا” بعد إنتهاء العملية التي اطلقها لإختيار مرشحيه.

أما آل كرم عائلة البطل اللبناني الاسطوري – الى حد التقديس لدى الزغرتاويين – يوسف بيك كرم، فيبرز فيهم النائب والوزير السابق سليم كرم الذي لم ينجح بالوصول الى ساحة النجمة رغم محاولاته المتكررة إلا عام 2009 متحالفاً مع “المردة” وفي إنتخابات 2018 لم تؤهله الـ1590 صوتاً تفضيلياً التي حصدها بالفوز. حينها، إعتبر ان “المردة” لم يوزعوا فائض الاصوات عن فرنجية بينه وبين الدويهي بالتساوي. كرم أعلن رغبته خوض انتخابات 2022 وما زال يفاوض لإختيار اللائحة التي قد ينضم اليها.

من العائلة أيضاً، العميد المتقاعد فايز كرم العوني الانتماء وكان حضوره ضعيفاً في اوساط العائلة إلا انه حظي بتعاطف معه بعد توقيفه بجرم العمالة لإسرائيل وعدم إحتضانه كفاية من قبل العونيين. يحكى عن سعي كرم للترشح بعدما عدل عن ذلك عام 2018 جراء ترشيح التيار للوزير السابق بيار رفول.

أما آل مكاري، فالاسمان المتداولان هما النائب السابق جواد بولس الذي حصد 109 اصوات تفضيلية عام 2018 بعدما “جيّر” معظم أصواته لمصلحة حليفه ميشال معوض في زغرتا ومترشحاً وإياه على لائحة العهد العوني والسيد زياد مكاري الذي يعتبر مقرّباً من “المردة” في العائلة. تشير المعلومات الى ان جواد بولس لن يكرّر مسألة منح أصواته لمعوض في الانتخابات المقبلة ما قد يخلق مشكلة جدّية لديه. أما اسعد بولس المكاري احد وجوه العائلة والذي ترشّح مراراً فليس بوارد خوض غمار الانتخابات هذه المرة.

وحده النائب طوني فرنجية يملك حاصلاً انتخابياً ومقعده مضمون أما نائبا زغرتا في مجلس 2022 فالتحالفات قد ترسم معالم هويتهما وصناديق الاقتراع وحدها من سيحسمها.

 

 

المصدر: موقعlebtalks
بقلم جورج العاقوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى