أبرز الأخبار

مستجدات الرئاسة.. اتصالات فرنسية والفاتيكان على الخط

جلال عساف / ليبانون فايلز

عندما يغرد نائب الأمين لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان حزب الله لم يطرح خلال هذه الفترة اي تعديل او تغيير للنظام السياسي المرتبط بالطائف، نظرا إلى الحساسيات الموجودة ولأن المشكلة أساسا ليست في التعديل أو عدمه، وإنما فلنطبق أولا ما ورد في الطائف إلخ… وعندما يورد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في كلمته الكنسية الأخيرة الإتي: “إذا أردتم ألا يتفكك لبنان، أسرعوا بانتخاب رئيس للجمهورية”، وعندما تحذر باربارا ليف مساعدة وزير الخارجية الاميركية، اللبنانيين من سيناريوهات صعبة، ضمنها تفكك كامل للدولة، وفي الوقت نفسه تقول انها واثقة ولا بد للسعودية من الانضمام الى الجهود ولاسيما الأميركية منها، حيال لبنان، فإنه، حتى الكائنات الحية غير الانسان، وعلى رغم انها لا تمتلك مفهوم الـ “raison” الذي يتحلى به البشر، تدرك أنه في حال عاد الافرقاء السياسيون اللبنانيون، الى الفكر السوي والحكمة والتبصر، أن يساهموا في معالجة سريعة للأمور في لبنان الكبير وذي الحجم الجغرافي الذي يعادل جغرافية أصغر مدينة عالمية.

وهذا الواقع، يحتم عليهم، خصوصا المكونات المسيحية، الجهد والذهاب اولا الى انتخاب رئيس لجمهورية لبنان الذي لا يزال الرأي فيه متفقا ومؤكدا على ان يكون مسيحيا مارونيا بين رؤساء( مسلمون) في ٢٢ دولة عربية في المنطقة، ومن هنا عليهم بالركون الى التفاهم والتوافق عبر التشاور، وتأمين الأجواء لانتخاب الرئيس، واستشراف شبه موازي على ما يمكن ان تكون عليه الحكومة المقبلة، وبعدها الادارة العامة، ولاسيما الاقتصادية والادارية والمالية منها اذا صح التعبير..

واذا كان ما يسمى بالصقور لدى المكون المسيحي في الوطن، وفي مقدمتهم، الذين يتباهى كل منهم، بامتلاك بصمات المقترعين لـ ١٨، ١٩، ٢٠ نائبا له، لا تزال ترتفع برؤوسهم الحرارة، وقد برهنوا عن مآثرهم، منذ وفاة الكبير الرئيس كميل شمعون الذي بقي موحدا الموقف على رغم “وقائع دموية” حتى وفاته في ٧ آب ١٩٨٧، برهنوا عن أفعالهم ٣٥ عاما، بغض النظر عن “استراتجياتهم الفذة” ، اذا كان كل ذلك سيعود مرة رابعة الى الساح ليحيي استنفار الغرائز الداخلية والشهوات الشرهة، واستجلاب الدعم من القوى الخارجية المغرضة المستندة الى “اوراق اعتمادهم”، فالسلام على لبنان الذي، لا يزال حتى اليوم، وبهذه الظروف الصعبة “أجمل من أي وطن يعيش فيه اللبناني العادي باجتماعياته وتقاليده وعاداته”، هذا اللبنان الذي، على سبيل المثال، لم يذهب “صقوره من المكون المسيحي” بشكل جدي ومن دون مواربة أو محايلة، أو أي نعت رديء لن نستخدمه في هذا المقال، لم يذهبوا نحو التحقيق الفعلي والعملي للامركزية الإدارية، من أجل الحفاظ على توازنات المجتمع اللبناني المتنوع والمميز بكل مكوناته. إن هؤلاء لم يذهبوا بأي جدية الى تحقيق اللامركزية، ونصر على ذلك حتى ولو هم أنكروا هذه التهمة.

إن الرأفة بمعيشة الناس الكريمة، من هذا المكون وسائر المكونات من جهة، وتأكيد حزب الله أنه ليس في وارد الدخول بتعديلات على دستور الطائف من جهة ثانية، وعدم جدوى البكاء على أطلال الأعوام من ٢٠٠٥،٢٠٠٦ وحتى الـ ٢٠٢٢ ومآثر الذين شملناهم في نعوتنا، من جهة ثالثة، كل ذلك يحتم على اللبنانيين، ان يندفعوا بقوة وبحكمة، الى فتح مسارات التشاور ( لا تنقزوا لم نستخدم عبارة التحاور) والانكباب ليلا ونهارا، من أجل تأمين أجواء مسهلة لانتخاب رئيس جمهورية من نادي الأقربين للنخب، ولأهل الحكمة والتبصر والتلاقي، والرأفة بالناس، ليس فقط اقتصاديا، بل أيضا فكريا وتطورا، رئيس جمهورية يوازن بين الشكيمة الوطنية والدستورية، والعزيمة الاقتصادية والانمائية والاجتماعية. رئيس جمهورية لا تتدفق في شرايينه سموم الحقد والتحدي والانتقام والثأر والضغينة والنكد ومركبات النقص وعقدها (هذه الصفات والنعوت نقصد بها كل شخصية تحملها من أي جهة كانت، وليس من جهة وحيدة).

ولقد أثبتت العقود منذ ٥٠ عاما وحتى اليوم، أن رئيس الجمهورية حتى في عز صلاحياته ما قبل الطائف، لم يستخدمها كما لم يتمكن من استخدامها كما لم ينفع استخدامها في ادارة البلد او ادارة الأزمة، في حال اختار عكس الانفتاح والحوار، او في حال اختار الحزم… والنتيجة نفسها اذا لم تكن لديه الصلاحيات التي كان يتمتع بها قبل الطائف، الا اذا تولى ادارة البلد وادارة الأزمة بالحكمة والتشاور والانفتاح، هكذا برهن معظم الواقع.

وبالتالي، هناك اليوم تبصر او توقع، لمسارين :

-المسار الأول هو العودة الى آفة الرؤوس الحامية، والذهاب الى الانتحار.

-المسار الثاني هو مسار العمل لتوازي الاهتمامات الفرنسية- الأميركية-السعودية- المصرية، مع محاولات داخلية لفتح كوة في الجدار وتأمين سياق للتشاور من أجل الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية.

أوساط مطلعة على المسار الثاني، لفتت الى أهمية اتصالات فرنسية في اتجاهات عدة من اجل لبنان:

في اتجاه السعودية، وفي اتجاه ايران، وتشير الأوساط الى أن الفاتيكان وبعدما تعقدت الأمور حتى الآن، سينضم بقوة الى عجلة الاتصالات عبر سفيرها الجديد باولو بورجا، للمساعدة في تبديد الأجواء القاتمة الملبدة، والمساهمة في تسهيل الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية. وكشفت لنا الأوساط ان السفير باولو بورجا، له باع طويل وبارع في الدبلوماسية الناعمة، وعزم لا يلين، وتوقعت، أنه في حال نجحت محاولات فتح التشاور الداخلي، سواء عبر دولة الياس بوصعب، او الرئيس بري، او بكركي، او أي جهة، سيؤدي ذلك وبالتوازي مع الاتصالات الاقليمية- الدولية، الى نجاح في اتجاه انتخاب الرئيس ولو أن الأمر استلزم حتى الشهر الاول من السنة المقبلة لتحقيق هدف انتخاب الرئيس الرابع عشر لجمهورية لبنان ما بعد الاستقلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى