أخبار محلية

لهذا السبب … عون “لن يبقى”

جوزفين ديب – اساس ميديا

بين الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة سباق، وبين الاستحقاقين وترسيم الحدود سباق آخر، من دون أن نسقط الأهميّة الكبرى للاتفاق النووي بين إيران والغرب، المقبل على خواتيمه، مع تأثيره الحتمي على ملفات لبنان.

على وقع هذه الاستحقاقات اللبنانية والإقليمية والدولية، تراهن القوى المحلية على اختلافها على تحصيل أكبر قدر من مكتسبات ممكنة. وفي موازاة التطوّر الإقليمي تتحرّك القوى اللبنانية، وتحديداً المسيحية، على وقع الاستحقاق الرئاسي. فقد حطّ رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل في الديمان محاولاً إنعاش حوار مسيحي – مسيحي، إلّا أنّه سرعان ما أتاه الردّ من معراب يقول له: “لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ مرّتين”.

فكيف تبدو حسابات القوى المعنيّة مباشرة بالاستحقاق بانتظار ربع الساعة الأخير؟

اللافت قبل يومين كلام باسيل الجديد: “لن نقبل أن نكون سبباً بالفراغ، وسنكون حرّاس الجمهورية بوجّ شياطينها”. وهذا الكلام يحمل تفسيرين:

– التفسير الأوّل يتّهم باسيل بأنّه سيدفع باتجاه بقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا بعد انتهاء ولايته، بعد كلام صريح له عن أنّ حكومة تصريف الأعمال لا يمكن أن تتولّى صلاحيّات رئاسة الجمهورية في ظلّ الفراغ الرئاسي.

– التفسير الآخر قرأ في كلام باسيل إقراراً بعدم إمكانية البقاء في “القصر”، عكس كلّ ما أُشيع في الأيام الأخيرة، ولا سيّما أنّه قال: “لسنا مستعدّين لنكون سبباً بالفراغ رغم أحقّيّتنا..”.

غير أنّ توقيت كلامه، الذي قال فيه أيضاً “خطيئتنا أنّنا زرنا البطريرك”، يأتي بعد محاولته إقناع بكركي بإنعاش طاولة حوار مسيحي – مسيحي تحت غطاء البطريرك، شرط أن يشارك فيها سمير جعجع، خصمه اللدود رئيس حزب القوات اللبنانية. فشلت محاولة باسيل هذه لأسباب عديدة:

– أوّلاً لأنّ البطريرك الراعي غير راغب بالدعوة إلى حوار يدرك أنّه لن ينجح.

– وثانياً لأنّ جعجع لن يقبل أن يسلّم لباسيل ما سبق أن سلّمه لعون.

مطّلعون على جوّ المبادرة قرأوا فيها محاولةً من باسيل لاستدراج جعجع إلى أن يكونا الناخبين الأساسيَّين للرئيس المقبل. فإمّا أن يكونا المرشّحَيْن مع صعوبة هذا الخيار، وإمّا أن يتّفقا على هويّة الرئيس المقبل. جاء الردّ سلباً من معراب، إذ قال جعجع في مؤتمر صحافي إنّ الرئيس المقبل يجب أن يكون رئيس تحدٍّ لسياسات جبران باسيل وحزب الله. وما هجوم باسيل على جعجع إلّا استكمال لنتائج فشل المبادرة التي سقطت قبل أن تولد من الديمان.

البقاء في القصر: سوخوي سياسي

“لا يمكن مواجهة جعجع بسليمان فرنجية، بل بشخصيّة أكثر تمثيلاً على الأقلّ وأصلب في السياسة”، هكذا يعلّق مصدر مقرّب من رئيس التيار على فكرة تنمو في حارة حريك، مفادها أنّ مواجهة تعاظم قوّة جعجع تكون بانتخاب فرنجية رئيساً. باسيل ليس من هذا الرأي، هو المعارض بشدّة لوصول رئيس تيار المردة إلى رئاسة الجمهورية.

على مقلب قصر بعبدا، ما يزال الرئيس ميشال عون ملتزماً بـ”الخروج” في 31 تشرين الأوّل من هذا العام. على الرغم من كلّ الرسائل المقصودة وغير المقصودة باتّجاه الرئيس نجيب ميقاتي، يدرك فريق القصر أنّ لـ”بقاء” عون بعد انتهاء ولايته، ومن دون أيّ مسوّغ قانوني منبثق من البرلمان اللبناني، تداعيات خطيرة تبدأ من عقوبات دولية على الرئيس وصولاً إلى احتمال قيام عملية عسكرية لضبط أيّ وضع مستجدّ وناتج عن احتمالات الفوضى الممكنة.

تتحدّث معلومات مواكبة للاستحقاق الرئاسي عن تحذير دولي تلقّاه القصر من إمكانيّة خطورة فكرة “البقاء”، ناهيك عن تأكيدات مستشار الرئيس سليم جريصاتي المستمرّة أنّ عون لن يبقى دقيقة واحدة لأنّ أيّ شيء غير ذلك يمهّد لـ”سوخوي سياسي”، على وزن طائرات السوخوي التي أخرجت عون من القصر في نهاية الحري.

كلّ ما في الأمر أنّ الضغط واجب على ميقاتي ليسارع إلى تشكيل حكومة أصيلة مع تسليم الجميع أنّ الفراغ مقبل حتماً ولو لفترة محدّدة.

أمّا حزب الله الذي رشح عن مصادر مقرّبة منه أنّه لا يساند بقاء عون في بعبدا، فقد دعا أمينه العام إلى تشكيل حكومة أصيلة. كذلك فعل البطريرك الراعي الذي كثّف رسائله باتجاه ميقاتي داعياً إيّاه إلى بذل الجهود على الأقلّ لتشكيل حكومة أصيلة.

هل يصمد ميقاتي؟

في بعبدا حصل حوار بين ميقاتي وأحد مستشاري الرئيس البارزين قبل سفر رئيس الحكومة إلى موناكو. وفي الحوار قال المستشار لميقاتي: “أين أنت بين الناخبَيْن الأساسيّين في البلاد، وهما الفرنسيون وحزب الله؟ سعد الحريري تمتّع بحيثيّة شعبية ونيابية حصّنت مكانته السياسية، أمّا ميقاتي فلا”. أضاف المستشار أنّ “المسيحيّين موجودون في أكبر كتلتين في البرلمان يتقاسمهم جعجع وباسيل. لذلك الأفضل تشكيل حكومة أصيلة ترأسها (ميقاتي) بدلاً من التشكيك في صلاحيّات حكومة مستقيلة”.

يتقن الجميع في لبنان فنّ اللعب على حافة الهاوية. ينتظر الجميع مصير الاتفاق النووي الذي يرى فيه باسيل نافذة إنقاذ يستطيع من خلالها تعويم نفسه بصفته حليفاً لحزب الله. فهل يأتي الحلّ من هناك مُفرجاً عن حكومة تكون له فيها حصّة وازنة تبقيه في قلب السلطة بعد انتهاء عهد عون؟ أم يكون ميقاتي أدهى، وهو المسلّح بتفاهمه مع برّي وجنبلاط، ويصمد إلى ما بعد تشرين الأول؟

الأمور بخواتيمها، ولا سيّما أنّ من أوّل من سيقبض الثمن السياسي لترسيم الحدود البحرية هو حزب الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى