أبرز الأخبار

باسيل يؤمّن فوز بري وينتظر الجائزة الكبرى

كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:

بدا واضحاً أنّ هدف حزب الله كان تأمين 65 صوتاً لنبيه بري رئيساً للمجلس النيابي للمرة السابعة. فلهذا الرقم دلالة كبيرة، فهو يتخطى النصف من عدد أعضاء المجلس النيابي، ولهذا كان من الضروري في ظل حتمية النصاب المؤمن للجلسة أن يتحرك المهندس الأكبر ليرتب الصفقة بين بري وباسيل، وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، في رحلة ركوب البوسطة المشتركة، التي سوف تتخطى بأشواط مجرد التحالف في الانتخابات النيابية.

الاتفاق الصفقة كان واضحاً جداً، والبوانتاج كان دقيقاً بعدما استطاع ثلاثي حزب الله/ أمل/العونيين، جذب بعض الأصوات من الأكثرية الرخوة، وقد تمثلت الدقة في احتساب الأصوات، في نيل بري وأبو صعب الرقم نفسه، بما يؤشر إلى أن المجلس سيكون من الآن وصاعداً مجلس الـ 65 صوتاً، أي أنّ هذا التحالف بات قادراً نظرياً على تسمية رئيس مكلف بـ 65 صوتاً، وتشكيل الحكومة بـ 65 صوتاً وربما انتخاب رئيس للجمهورية بـ 65 صوتاً، والمحطات المقبلة ستكون اختباراً في هذا المجال.

ولعل ما يجدر التوقف عنده في تحليل ما حصل هو هذا التوافق الثلاثي لا بل الثنائي بين بري وباسيل، الذي حاذر الإعلان عن نفسه، مع أنه بات مكشوفاً للعيان. لقد نجح المهندس الأكبر، حزب الله، بصياغة صفقة متكاملة لم يكن الوصول إليها على درجة كبيرة من الصعوبة. لقد أمنت هذه الصفقة لكل من بري وباسيل ما يريدانه.

بري نال الـ 65 صوتاً في تصويت تلا أكبر مجزرة تعرض لها اللبنانيون منذ ما قبل العام 2019 وصولاً إلى اليوم، فبدا كأن التجديد له تم بنواب يمثلون أكثرية اللبنانيين، وذلك تجاوزاً لكل ما جرى في ساحات الثورة التي شهدت اعتداءات حرس المجلس النيابي الذين يعدون بالآلاف على المتظاهرين. أما باسيل فقد ضمن في الصفقة فوز الياس أبو صعب وهو هدف يبقى ثانوياً أمام ما سيستكمل منها في موضع تشكيل الحكومة وانتخابات الرئاسة، التي لا يزال يعوّل باسيل فيها على حزب الله أن يفرضه رئيساً كما فرض العماد ميشال عون من قبله.

بدت الصفقة المستدامة بين باسيل وبري برعاية الحزب قابلة للتطوير، ويستطيع حزب الله أن يفخر بقدرته على تجديد حياة المنظومة من خلال تحصين بري شيعياً ومنع اختراقه، وتركيب كتلة منفوخة لباسيل لإعادة تأهيله للرئاسة، وقد كلف هذا النفخ حلفاء الحزب الآخرين مقاعدهم بالجملة، ولم يكن إلّا تحضيراً لولاية رئاسية جديدة على الجميع انتظار إعلان البدء عنها في وقت قريب.

من ملامح الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب الجديد، هل سيمكن تلمس معالم مقاومة منسقة للمنظومة الطامحة بالتجديد، ولراعيها؟ الأكيد أن الأداء لم يكن على مستوى الآمال، لكن ليست هذه النهاية بل البداية. فنواب التغيير والكتل السيادية، قدموا نموذجاً جديداً في العمل البرلماني، فاضطر رئيس المجلس إلى تعديل الإداء، لكن الأهم من كل ذلك أن نواب التغيير، الذين امتنعوا في الدورة الأولى لانتخاب نائب رئيس المجلس، عن انتخاب غسان سكاف، عادوا وصوبوا موقفهم، لأنّ المطروح أمامهم كان انتخاب مرشح حزب الله وحلفائه، ما يستدعي عدم الوقوع في ضبابية المواقف المثالية ومتاهاتها، فانتخاب رئيس المجلس ونائبه كان المحطة الأسهل، أمّا ما سيأتي فهو الذي سيحدد مصير الحكومة والرئاسة وخطة الإنقاذ الاقتصادي، ومكافحة الفساد. ما سيأتي سيحدد مساراً بكامله لا مكان فيه للمراهقة السياسية.

لقد حددت المنظومة هويتها بلا لبس، وحددت المعارضة هويتها بلا لبس أيضاً، فإلى الجولة المقبلة التي لن تكون إلّا مزيداً من انكشاف المنظومة ووضوح المعارضة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى