أبرز الأخبار

الحريري يزيد الإحباط في الطائفة السنية

“ليبانون ديبايت “- محمد المدني

إنتهت زيارة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، وكما سبق وذكرنا، لا عودة إلى الحياة السياسية لتيار “المستقبل” ورئيسه الذي أعلن ذلك صراحة في كل اللقاءات التي أجراها في بيروت. لكن الحريري حقّق من هذه الزيارة عدة مكاسب، إلاّ أنه مُني ببعض الخسائر السياسية التي لم تكن في حساباته.

إستطاع الحريري تثبيت نفسه كزعيم سنّي له قاعدته الشعبية العابرة للمناطق اللبنانية، ومن خلال التحركات التي شهدها لبنان، خصوصاً مع ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تمكن الحريري من إعادة ضخّ الروح في تياره المعتكف عن العمل السياسي منذ سنتين تقريباً، فقد احتاج جمع الحشود الغفيرة إلى تواصل بين القياديين في التيّار والقاعدة الشعبية، الأمر الذي لا يحصل إلاّ عبر المساعدات الإجتماعية التي يتولى تقديمها والإشراف عليها رئيس “جمعية بيروت للتنمية” أحمد هاشمية.

أمر آخر نجح الحريري في تحقيقه، وهو تكريس التباعد بين مناصري تيار “المستقبل” والنواب الجدد غير المنتمين إلى الحريرية السياسية، ومن المعروف أن عدة محاولات حصلت قبل وبعد الإنتخابات النيابية لاستقطاب جمهور تيار “المستقبل”، لكن هذا الهدف لم يستطع النواب تحقيقه، وبزيارة الحريري زاد تمسّك جمهوره به.

نقطة أخرى أراد سعد الحريري حسمها، وهي تصويب البوصلة في دار الفتوى التي ركنت أخيراً إلى حضن النائب فؤاد مخزومي، الذي بات لديه الكلمة الأولى في التعيينات داخل مؤسسات دار الفتوى، وحديثاً قدم رشوى على شكل مبادرة للمشايخ عبر تأسيس صندوق دعم لهم، تموّله “مؤسسة مخزومي.”

ومع زيارة الحريري، زار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بيت الوسط على رأس وفد كبير من رجال الدين، في خطوة لا يمكن وضعها إلاّ في إطار التزام دار الفتوى بزعامة سعد الحريري ولو أنه مبتعد عن العمل السياسي.

في المقلب الآخر، كانت فكرة شعار التيار “تعو ننزل ليرجع” في غير مكانها، فلماذا إطلاق هكذا شعار والرئيس الحريري يعلم أن موعد عودته لم يحن بعد، ولعل إطلالته على قناة الحدث “السعودية”، والإعلان عن عدم العودة إلى الحياة السياسية، كان بمثابة التزام الحريري بالسياسة الإقليمية التي أجبرته على الإبتعاد.

إضافةً إلى ذلك، ساهم الحريري بشكلٍ مباشر وغير مباشر في ارتفاع منسوب الإحباط السنّي، وذلك بسبب الحملة الكبيرة التي رافقت زيارته، والتي أوهمت المناصرين والمؤيدين له بأنه عائد إلى الملعب السياسي، ليتبيّن بعدها أن شيئاً لم يتغير في المدى المنظور.

ثم أن الحريري باعتباره يتصدر قائمة السياسيين الأكثر تمثيلاً في الطائفة السنية، عمل تزامناً مع زيارته على ضرب خصومه السياسيين، والسنّة تحديداً، عبر عدة طرق ووسائل، وراح يطرح نفسه بديلاً عنهم، في حين أنه هو “الأصيل” وهو من قاد الطائفة السنّية في الحياة السياسية منذ العام 2005. فهل بات الحريري ينافس نواب وفاعليات سنيّة بعدما كان صاحب أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى