أبرز الأخبار

الحريري يعيش تجربة سمير جعجع وميشال عون

“ليبانون ديبايت” – محمد المدني

رهيبة هي الأجواء التي رافقت عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان. منذ بداية الشهر الجاري والحريري يتصدّر المشهد السياسي كمادة أساسية لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، وللمرة الأولى منذ الانتخابات النيابية، نرى الشارع السنّي يتحرك بقوة كدليل واضح أن الحريري لا يزال الزعيم الأول رغم غيابه.

أحد أهم أسباب تعلق الشارع السنّي بالحريري، رغم تعليقه العمل السياسي، يعود إلى فشل النواب السنّة في تشكيل حالة سياسية بديلة تحافظ على دور الطائفة في المشهد السياسي، حيث خيّم الإنقسام والتشرذم على الساحة السنّية وراح كل نائب يبحث عن دورٍ خاص به دون الأخذ بعين الإعتبار أن الطائفة باتت مهمّشة وغير معنية بالطروحات والتسويات التي تطبخ داخل لبنان وخارجه.

الساحة السنّية في غياب الحريري شهدت فراغاً هائلاً معززاً بالإحباط والضعف نتيجة غياب الطائفة عن أي قرار وطني هام. ويصحّ القول أن معظم النواب السنة فشلوا في تقديم الصورة السياسية التي تتناسب مع واقع المرحلة باستثناء بعضهم في بيروت وصيدا والبقاع، لذلك عندما فشل “الوكيل” بقي الحريري هو “الأصيل”.

صحيح أن عودة الحريري ليست مهمة كونها لن تغير في المشهد السياسي المقفل، وهي لن تغير شيئاً لأن رئيس تيار “المستقبل” خارج العمل السياسي راهناً، لكن العودة مهمة للمرحلة القادمة، فهي تعيد تأكيد زعامته للشارع السنّي، وتؤكد أن لا بديل لزعامته خصوصاً أن أحداً لم يستطع ملء الفراغ الذي تركه الحريري منذ اعتزاله.

كما تكمن أهمية العودة بأنها رسالة للخارج والداخل، أن الحريري يبقى رقماً صعباً في المعادلة اللبنانية، ويجب أخذ هذا الشيء بعين الإعتبار عند إعادة ترتيب أوراق لبنان فيما لو حصلت تسوية كبيرة إقليمية مع امتداد لها في لبنان.

لذلك لا يمكن إبقاء الحريري قسراً خارج المعادلة الى ما لا نهاية، طالما غيابه زاد من قوته ولم يضعفه. وهذا يذكرنا بتجربة الزعماء المسيحيين الذين أبعدوا قسراً من قبل النظام السوري، إمّا نفياً كالجنرال ميشال عون وإمّا سجناً كرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وهذا النفي زاد من شعبيتهم بدل أن يضعفهم.

مشهدية زيارة الحريري هذه السنة تؤكد على اكتمال الجهوزية الداخلية لعودته النهائية، بدليل الإلتفاف الشعبي الكبير حوله والمناشدات الوطنية الواسعة لعودته من قبل القوى السياسية. ولكن يبقى استكمال الجهوزية الخارجية عبر إزالة الموانع الإقليمية التي حالت دون عودته حتى الساعة، وهذا ينتظر تسويةً إقليمية كبيرة، تعيد ترتيب المنطقة وتفرض معادلات جديدة ولا سيّما في لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى