أبرز الأخباربأقلامهم

مجزرة مالية إجتماعية إنسانية….. عفا الله عما مضى!

 

ألمحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

مجزرة جديدة تطال اللبنانيين ،أقله قضت مضاجع مليونين وسبعمائة ألف مودع قوامها ١٩٠ مليار دولار من الودائع، وهي أتت لتضيف سلسلة مآسي وكوارث على ما جنته أيدي الحكام والمسؤولين الذين تواطأوا وأهدروا وسلبوا مدخرات شعبنا وهرّبوا الى الخارج ما أمكن تحويله من إموال وودائع.
أربع سنوات من عقم المعالجات منذ تاريخ اندلاع ثورة ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ ، شهدت وفاة مئات من المودعين، من بينهم أتت اسباب الوفاة جراء اختفاء اموالهم المودعة، ومرضى داهمهم المرض جراء صدمتهم، ويقينهم بأن هذه المدخرات تبخرت تضاءل أمل استردادها منذ ذاك التاريخ.
الا أن ما ينسجه اولئك انفسهم هم الذين شاركوا في الجريمة الشائنة، يخيطون طقم الخلاص والتفلت من العقاب، بدءاً من استرداد مذكرات التوقيف الى الضغط على القضاء لوقف تنفيذ الاحكام ضد المصارف، وعدم كشف الجناة الحقيقيين، الى تهريب حاكم مصرف لبنان ،واخفاء الادلة، كالتعتيم على التدقيق الجنائي ،الى التباطؤ في سن قوانين تدين الفاعلين، وسن تشريعات الكابيتال كونترول،
اما المجزرة الآتية والتي تشكل جزءاً لا يتجزأ من حلقات مسلسل طمس الحقائق ودفن الحقيقة في مهدها، هو ما يتردد اليوم من أنه سوف تتم اعادة الودائع الى المودعين ( علماً انه لم يتضح حتى اليوم بيد من هذه الودائع ومن يستثمرها ومن حولها) وتسريب متعمد تارة مفاده انه سيتم اعادة الحسابات ما دون المئة الف دولار، وتارة اخرى ستعاد وفق جدول زمني قوامه عشر سنوات ام ثلاثون سنة، وطوراً ستسدد بدون فوائد وفق اقساط شهرية تبلغ ١٥٠$ فقط، وهذا ما يثبت أن الفاعلين المرتكبين الذين بحثوا عن حماية انفسهم وتحصينهم من الملاحقة الجزائية وابراء ذمتهم ان بواسطة قوانين تحميهم وتمنحهم العفو على جرائمهم، او بواسطة المصارف التي سوف تفرض كشرط للاستفادة من القانون الجديد ( التسوية) ابراءات لذمة الغير كما المصارف مقابل رضوخ المودعين لهذه التسوية.
عملياً بات من المؤكد ان الحلول جاءت أولاً على حساب كبار المودعين الذين تخطت ودائعهم المئة ألف دولار ،وأيضاً صغار المودعين الذين لن ينعموا بحلول عملية ،بل سوف تكون تمديداً للحلول المؤقتة التي بدأت تستنفد الودائع منذ ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ وحتى اليوم عبر اسكاتهم بطرق ملتوية عبر تسديدهم جرعات تمثل بدل عطل وضرر شهري لن يتجاوز المئة وخمسين دولاراِ لن تكفي المتضرر أكثر من تسديد فاتورة اشتراك المولد شهرياً وعلى سنوات طوال ان لم تصل الى عقدين من الزمن، فيرث اولاد المودع واحفاده فتات وديعته.
اما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ،فلطالما تبجح بحماية الودائع والمحافظة عليها!! فلما لم يفصح لنا عن مكان ايداعها وبيد من وبعهدة من وفي أي حسابات أودعت ان لم يكن كلامه ترقيعي يهدف لتخدير المودعين وإسكاتهم ونهيهم عنه
بقي أن نسأل قراصنة العهد الحديث الذين قضموا الودائع الضخمة، ما مصير الوديعة التي بلغت ٢٠٠ الف دولار قبل ١٧ تشرين من العام ٢٠١٤ وهي كانت مودعة بالليرة اللبنانية وتساوي ٣٠٠ مليون ليرة لبنانية ان كانت ستحتسب على سعر صرف السوق اليوم، اي لن تتجاوز قيمتها ٣٣٥١ دولاراً اليوم وستستنفد على مدى ٢٢ شهراً!!!
هكذا ترسى الحلول في لبنان ،
يفنى الغنم وتبقى الذئاب تسرح وتمرح، ويبقى الشعب شاهداً على أبشع وأشنع جرائمها، من المجازر البشرية الى جريمة تفجير مرفأ بيروت ،الى اختلاس الودائع، الى نهب ألاموال العامة وافلاس الدولة ، ورغم ذلك، يعهد للذئاب حماية القطعان، وتولي شؤونها وسلامتها….. وعفا الله عما مضى…..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى