أبرز الأخبار

هل خطط “حزب الله” لشن عمليات أمنية في البرازيل؟

أثار توقيف السلطات البرازيلية خلية تابعة لميليشيات “حزب الله” اللبنانية يشتبه في تخطيطها لارتكاب أعمال “أمنية” في البلاد، الجدل حول تنامي تلك الخلايا في عدد من دول أميركا اللاتينية وإمكان نقل الصراع في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفصائل الموالية لإيران إلى دول أجنبية.

وكانت الشرطة الاتحادية البرازيلية كشفت في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن اعتقال شخصين لم تذكر اسمهما حينها بتهم تتعلق بالإرهاب في ساو باولو، حيث نفذت الشرطة أيضاً 11 عملية تفتيش ومصادرة في الولاية نفسها وفي ولايات برازيليا وميناس جيرايس.

وذكر البيان أن التوقيف تم في ساو باولو في إطار عملية أمنية تهدف إلى “إحباط استعدادات إرهابية والحصول على أدلة على احتمال تجنيد برازيليين لممارسة أعمال متطرفة في البلاد”، في حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” أبلغ الجهات الأمنية في البرازيل عن معلومات مرتبطة بالشبكة زاعماً أنها تستهدف الجالية اليهودية في البلاد بتدبير من “حزب الله” اللبناني.

نشرات حمراء

وبحسب مصادر صحافية برازيلية، فقد طلبت السلطات البرازيلية من منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) إصدار نشرة حمراء لتوقيف شخصين يحملان الجنسيتين البرازيلية واللبنانية وموجودين حالياً في لبنان، في حين تم إلقاء القبض على السوري محمد خير عبد المجيد، وهو حاصل على الجنسية البرازيلية منذ عام 2008، كونه المسؤول الرئيسي عن تجنيد برازيليين لصالح “حزب الله”، مشيرةً إلى أنه مطلوب أيضاً للإنتربول، إضافة إلى مواطن لبناني برازيلي يدعى هيثم دياب المشتبه بتجنيده مواطنين برازيليين وإرسالهم إلى لبنان لتدريبهم.

مشتبه ثالث

وكشفت مصادر صحافية في البرازيل أنه تم القبض على المشتبه فيه الثاني في مطار جوارولوس بالقرب من ساو باولو أثناء عودته من رحلة إلى لبنان، في حين أفادت وكالة “رويترز” بأن الشرطة البرازيلية اعتقلت رجلاً ثالثاً تشتبه بصلته بـ”حزب الله” اللبناني.

ونقلت “رويترز” عن مصدرين مطلعين أنه لم يُكشف النقاب عن اسم المعتقل الذي ألقي القبض عليه في العاصمة برازيليا، ويجري حالياً التحقيق بشأن ارتباطه المزعوم بالحزب.

غضب برازيلي

وكان الموساد الإسرائيلي قد أعلن فور شيوع الخبر أنه ساهم من خلال التحقيق البرازيلي، في “إحباط هجوم خططت له خلية إرهابية تابعة لحزب الله في البرازيل”، توقع أن تكون أهدافها مواقع مرتبطة بالطائفة اليهودية.

لكن هذه التصريحات أثارت غضب الجانب البرازيلي، إذ اتهم وزير العدل فلافيو دينو الأجهزة الإسرائيلية بـ “الرغبة في استباق نتائج التحقيق لأغراض دعائية سياسية”.

في الأثناء، قللت وسائل إعلام برازيلية من دور الموساد في كشف الخلية، موضحة أن البرازيل تتبادل المعلومات الأمنية في قضايا المخدرات والشبكات الإجرامية مع أميركا ودول مجاورة ومع سلطات إنفاذ القانون في تلك الدول لتعقب العناصر الإجرامية.

مهمات استطلاع

وكشفت وكالة “رويترز”، أن ولوكاس باسوس ليما، هو واحد من ثلاثة أشخاص على الأقل قُبض عليهم، بشبهة الانتماء إلى “حزب الله”، وقد تحركت السلطات بناءً على معلومات من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “إف بي آي” بشأن هجوم محتمل في البرازيل أو بالقرب منها.

وكشفت الوكالة أن وثيقة محكمة فيدرالية، بتاريخ 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، اطلعت عليها “رويترز”، أظهرت أن الشرطة عثرت على أدلة على هاتف ليما المُصادر تشير إلى “أنه نفذ مهمات استطلاع في أماكن من أجل شن هجمات محتملة على المجتمع اليهودي في البرازيل، وأن ليما التقط مقطع فيديو وصوراً لمعبدي تاغواتينغا وأغواس كلاراس اليهودييْن في برازيليا ومنطقة اليهود في مقبرة كامبو دي إسبيرانسا في العاصمة”. وبالإضافة إلى ذلك، كشف تاريخ البحث على هاتفه بحثه عن زعيم يهودي لم يُذكر اسمه وعن السفارة الإسرائيلية في البرازيل وأماكن يهودية في ولاية غوياس المجاورة، كما تظهر وثيقة المحكمة أيضاً أن ليما أجرى تدريباً على الأسلحة وبحث عن طيار ذي خبرة في عبور الحدود، ربما بهدف الفرار بعد تنفيذ هجوم.

قرار القاضي

وأشارت “رويترز” إلى أن ليما واحد من خمسة برازيليين على الأقل يُشتبه في تجنيدهم على يد محمد خير عبد المجيد لصالح “حزب الله”، علماً أن عبد المجيد لا يزال فاراً من العدالة. وأطلق سراح اثنين من الاحتجاز المؤقت، وفقاً لقرار القاضي، لأنهما “لا يشكلان تهديداً للتحقيق ولا للمجتمع”، في حين أمر بوضع ليما رهن الحبس الاحتياطي على ذمة المحاكمة، كما صدر حكم غيابي بسجن عبد المجيد على ذمة المحاكمة.

وجاء في الوثيقة أن الرسائل بين ليما وعبد المجيد “تظهر الولاء المفرط لأهداف المنظمة الإرهابية”، وفي رسائل إلى عبد المجيد، طلب ليما دائماً تكليفه بـ”مهمة”، وقال ليما في إحدى الرسائل لعبد المجيد، “يمكنك الاسترخاء، لأن كل ما تطلبه سيتم تنفيذه”.

“تشويه صورة الحزب”

واعتبر الصحافي المقرب من “حزب الله” محمد قمح، أن الاتهامات بوجود خلية لـ”حزب الله” في البرازيل كانت تحضر لأعمال أمنية هي “افتراءات ضمن إطار البروباغندا الإعلامية (الدعاية) التي يعتمدها الموساد الإسرائيلي بهدف تشويه صورة الحزب وتوريط لبنان في قضايا خارجية”.

وإذ رأى قمح أن هذه المعلومات “صناعة وفبركة من الموساد الإسرائيلي”، أشار إلى أن حتى المحكمة الفيدرالية في البرازيل لم تحكم على أي شخص حتى الساعة وكل الأمور متعلقة بشكوك معينة تحيط بلبنانيين يتم ربطهم بـ”حزب الله” نتيجة الضغوطات الخارجية.

ونفى قمح قدوم أي أشخاص يحملون الجنسية البرازيلية للخضوع لتدريبات في لبنان يشرف عليها “حزب الله”، مضيفاً أن الأحاديث عن علاقات احزب بميليشيات في البرازيل أو دول أميركا الجنوبية هي “روايات أميركية وإسرائيلية تروج لضرب المقاومة ومصدقيتها وتصويرها على أنها شبكة إجرام دولية”.

قائد الخلية

وحسب تقارير الشرطة الفيدرالية البرازيلية، فإن المشتبه الرئيسي “في تجنيد برازيليين لصالح حزب الله” محمد خير عبد المجيد، قد هاجر عام 2008 إلى البرازيل وحصل على جنسيتها، وقد تم توقيفه عام 2014 للمرة الأولى، عندما تم القبض عليه بتهمة بيع الكحول لقاصرين.

كما حققت معه الشرطة الاتحادية في عام 2021 عن نشاطه بالتهريب حيث اشتبه المحققون بأن عائدات التهريب كانت لتمويل أعمال إرهابية، إذ نشر على موقع “فيسبوك” صورة بالزي العسكري فوق مدرعة. وتم حذف الملف الشخصي فيما بعد، إلا أن الشرطة كانت قد سحبت نسخة عن صورته وضمتها إلى ملفه.

كذلك كشفت الشرطة أنه شارك عام 2016 بالقتال الدائر في سوريا كعضو في “حزب الله”، وبعد ثمانية أعوام نشط في البرازيل بتجنيد برازيليين للقيام بأنشطة غير مشروعة، بينها “عمليات إرهابية،” علماً أنه لم تكن لمن تم تجنيدهم أي روابط أيديولوجية أو دينية مع الحزب، وهم شبكة من المرتزقة تعمل ضمن المافيات والعصابات الناشطة في أميركا اللاتينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى