أخبار محلية

أسلوبٌ فرضهُ “حزب الله” ستنفذه “حماس” قريباً.. إكتشفوا ما ستشهده غزّة

تحريكُ أميركا لأساطيلها البحريّة والجويّة لمساندة إسرائيل لم يأتِ فقط بهدف ردعِ حركة “حماس” فحسب، بل الأمرُ يتعدّى ذلك ويرتبطُ بحسابات أميركيّة داخلية من جهة، وبحساباتٍ أميركيّة في الشرق الأوسط من جهةٍ أخرى.

من أجل معرفة ما يرتبطُ بالنوع الأول من الحسابات المذكورة (أي الأميركية الداخلية)، يمكن النظرُ قليلاً إلى ما ينتظرُ أميركا قريباً من إستحقاقات. هنا، يجب التطلُّع إلى الإنتخابات الرئاسية التي ستحصلُ هناك العام المُقبل، حيثُ ستكون هناك “منازلة قوية” بين مرشحين يطمحون لإزاحة الرئيس الأميركي جو بايدن جانباً، وأبرزهم الرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب. من الآن، يستعدُّ بايدن لخوض معركتِه، وهذا الأمر يتطلّبُ تمكيناً لنفسه في الداخل والخارج وتحديداً مع إسرائيل. هنا، فان الحفاظُ على “الكيان المُصطنع” في فلسطين المحتلة أمرٌ مطلوبٌ بشدّة بالنسبة لبايدن، والأساس في هذا الأمر هو إظهار أنّ إدارته قادرة على حماية حلفائها الأساسيين ومنع إنهيارهم. أما النقطة الأهم فترتبطُ بخسارة إسرائيل وهزيمتها، فإن حصل هذا السيناريو، عندها ستكون أميركا قد مُنيت بالضربة القاضية.

لهذا السبب الأساسي المرتبط بالحسابات الأميركية الداخلية، يُمكن إستشراف ما قد يحصلُ في قطاع غزة قريباً. الآن، ورغم دعمها المُطلق لإسرائيل لمعاقبة “حماس” بعد العملية التي نفذتها الأخيرة الأسبوع الماضي، تسعى أميركا إلى “دوزنة أوتار الوضع” عن طريق تخفيف التوتر من جهة، وتأخير أي خُطوة قد تُساهم في إغراق إسرائيل أكثر في وحول “حماس”. الأمرُ هنا ينطبق على تأخير العملية العسكريّة البرية ضدّ القطاع، فالخطوةُ هذه ستكون مقتلاً كبيراً للإسرائيليين لسببين: الأول وهو أنّ بُنية كتائب “القسام” (الجناح العسكري لحماس) ما زالت صامدة وعلى حالها رغم القصف المستمر منذ أسبوع. ميدانياً، لو تضرّرت قاعدة “حماس” العسكرية، لكانت إسرائيل تراجعت عن تصعيد خطواتها، لكنّ الحقيقة تشيرُ إلى أنّ الحركة الفلسطينية ما زالت مُتماسكة عسكرياً، ولهذا السبب تريدُ إسرائيل تكثيف الضربات لإضعافها.

السبب الثاني الذي يدفع لإعتبار العملية البرية بمثابةِ “ضربة قاضية” لإسرائيل هو أنَّ “حماس” لن تُقاتل إلا بأسلوب “حرب العصابات” الذي يُساهم بإستنزاف أي جيش نظاميّ ضخم. التجربة على هذا الصعيد معروفة وليست بعيدة عن أذهان الرّأي العام لاسيما في لبنان وتحديداً خلال حرب تمُّوز 2006. حينها، خاض “حزب الله” معركته وفق تكتيك “حرب العصابات”، الأمر الذي أرهقَ إسرائيل ميدانياً وجعلها تخسرُ الكثير من آلياتها وقدراتها العسكرية البريّة.

في ما خصّ الحسابات الأميركيَّة في الشرق الأوسط، فإنها ترتبطُ حُكماً بمصالح واشنطن في المنطقة، كما أنها تتصلُ أيضاً بالنفوذ السياسي. على صعيد النقطة الأولى، فإنّ ما يهُمّ أميركا الآن هو الحفاظ على إسرائيل كونها تُعتبر “حارس البوابة” الخاص بها، كما أن الأخيرة تُعتبر مرتع إستثمارٍ أساسي لها في منطقة حيوية، ومن خلالها يمكن أن تحظى أميركا بنفوذٍ وثروات أبرزها تلك المرتبطة بالغاز، وهنا يكمن بيتُ القصيد. حالياً، تُعتبر إسرائيل ملجأ الغرب الأساسيّ على صعيد الطاقة، وبالتالي يمكن أن تؤدي أيّ خضة في هذا الإطار إلى إنكسار أميركا والغرب في ظلّ حرب الغاز التي أُطلقت إبان إندلاع حرب روسيا ضدّ أوكرانيا. كذلك، من مصلحة أميركا إرساء توازنٍ مقبول في الشرق الأوسط وعدم إخافة الدّول الكبرى فيه أكثر من اللازم. هنا، لا يمكن لواشنطن أن تستعدي العرب كثيراً خصوصاً على صعيد القضية الفلسطينية لأن لديها مصالح مع مختلف الدول هنا، وآخر مثال على ذلك هو قرار السعودية إيقاف كل المحادثات المدعومة أميركياً بشأن التطبيع مع إسرائيل، وذلك كوسيلة ضغط للحفاظ على القضية الفلسطينية ووقف إبادة غزة التي قد تحصلُ فعلياً بواسطة آلة الحرب الإسرائيلية المسنودة من الأميركيين.

أمام هذه المشهدية، يستوجبُ إنتظار ما ستؤول إليه الأحداث.. ولأنّ المصالح تتقاطع، يُمكن أن تكون عملية “طوفان الأقصى” مقدمة لتسوية كبرى قد تساهم في إنصاف “حماس” من جهة، لكنها ستساهم في كسر إسرائيل أيضاً من جهة أخرى وتحديداً بعدما باتت هيبتها العسكرية والإستخباراتية ملطّخة بإخفاقاتٍ ضخمة وتاريخيّة.

محمد الجنون

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى