أبرز الأخبار

انتقادات صريحة ومباشرة إلى قوى المعارضة…مواقف جنبلاط تثير الجدل

المصدر: النشرة

في آخر تصريحاته الصحافية، وجّه النائب السابق وليد جنبلاط انتقادات صريحة ومباشرة إلى قوى المعارضة، التي “يتقاطع” معها “الحزب التقدمي الاشتراكي” رئاسيًا، من حيث المبدأ على الأقلّ، مشيرًا إلى أنّه “لا يفهم مبرّرات” رفض بعض الأفرقاء المسيحيين للحوار، ومشدّدًا على أنّه “لا بديل عن الجلوس إلى طاولة الحوار”، حتى لو كان “حزب الله” يتمسّك بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، باعتبار أنّ الحوار قد يوصل إلى “حلّ وسط”.

لكنّ جنبلاط، الذي نبّه إلى أنّ “رفض الحوار يضاعف في المأزق ولا يحلّه”، في رسالة “ضمنيّة” إلى كلّ القوى التي ترفض الحوار، بل أعادت عقارب الزمن إلى الوراء لتطلق معادلة “لا حوار في ظلّ السلاح”، و”لا حوار قبل انتخاب رئيس للجمهورية”، ذهب أبعد من ذلك، حين قال إنّه “يجب أن نجلس مع السيد حسن نصر الله ليس من أجل انتخاب الرئيس فقط، بل أيضًا من أجل مستقبل لبنان”، مع ما لاستخدام تعبير “الوجوب” هنا من دلالات وعِبَر.

وإذا كان هناك في قوى المعارضة من “يميّز” بين ما يقوله “البيك”، ومواقف رئيس الحزب الحالي، تيمور وليد جنبلاط، فإنّ الواضح أنّ “التناغم” بين الطرفين أكثر من قائم في مسألة الحوار، إذ إنّ جنبلاط الابن يبدو بدوره “ثابتًا” على خطى دعم الحوار، بوصفه من “الثوابت” التي يؤمن بها الحزب، وهو حذّر صراحةً قبل أيام من مغبة ما وصفه بـ”الاستمرار في المناخ التعطيلي السائد وانسداد الأفق السياسي للحوار”.

ولأنّ “الحزب التقدمي الاشتراكي” بقيادة تيمور جنبلاط، “كرّس” إلى حدّ بعيد “التقاطع” مع قوى المعارضة رئاسيًا، حتى قبل دخول مصطلح “التقاطع” إلى التداول مع “التيار الوطني الحر”، فإنّ المواقف الأخيرة للثنائي “الجنبلاطي” يفتح الباب أمام علامات استفهام بالجملة حول “تموضع” الحزب في المرحلة المقبلة، فهل يبقى ضمن هذا “التقاطع” أم يخرج منه، أم أنه ربما خرج منه أصلاً، بانتظار إعلان “فرطه” رسميًا؟!.

في المبدأ، يبدو موقف “الحزب التقدمي الاشتراكي” من الحوار “مبدئيًا”، بل إنّ المطّلعين على أدبيّات الحزب، يدركون أنّ هذا الموقف “متناغم” مع الثوابت التي سعى لتكريسها على مدار السنين، ولو أنّه خرج عنها في بعض المراحل “الاستثنائية”، التي يعرفها الجميع، وبالتالي فإنّ “المُستغرَب”، وفق ما يقول العارفون، ليس الموقف بحدّ ذاته، بل الضجّة “المفتعلة” حوله، وكأنّ هذا الموقف ينطوي على “مفاجأة” أو حتى “صدمة” للبعض.

بالنسبة إلى هؤلاء، قد يكون صحيحًا أنّ الحزب بقيادة الشاب تيمور جنبلاط ليس نفسه بقيادة والده، وأنّ الابن أدخل “نَفَسًا جديدًا”، وربما “تغييريًا” إلى قلب الحزب، إن جاز التعبير، بدليل ما يُحكى عن “تشدّده” في بعض مواقفه، سواء لجهة الرفض “المطلق” للسير بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، بعيدًا عن “الليونة” التي كان يبديها والده، أو حتى لجهة العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري التي ما عادت كما كانت.

لكنّ الصحيح أيضًا وفقًا للعارفين أنفسهم، أن تيمور جنبلاط لا يرفض الحوار، بل هو “يتبنّى” ما قاله والده في تصريحاته الأخيرة لجهة أنّ “لا بديل عنه” لمعالجة الأزمة الحاليّة، وهو يعتبر أنّ رفع السقف لحدّ رفض الجلوس مع “حزب الله” على طاولة واحدة، أو حتى الحديث معه بشكل مباشر أو غير مباشر، يعقّد المشكلة ولا يحلّها، لأن القاصي والداني يدرك أنّ لا رئيس يمكن أن يُنتخَب إذا لم يحصل مثل هذا التفاهم بين الجانبين.

أكثر من ذلك، ثمّة من يشير إلى أنّ انتقادات جنبلاط للمعارضين، الذين يريدون وضعه في “خانتهم”، لا يقتصر على ملف الحوار، بل يشمل طريقة تعاطيهم مع المرحلة بالمطلق، انطلاقًا من شعار “التطبيع مع الفراغ”، فهو لا يؤيّد مناخ “التعطيل” الذي يكرّسونه، في ظلّ الأزمات المتفاقمة التي يعاني منها البلد، ويسري ذلك على جلسات التشريع التي يعتقد أنّها ضرورية، ولكن أيضًا بعض التعيينات، التي يرى أنّها “واجبة”، ولو لم يُنتخَب رئيس.

لا يعني ما تقدّم، وفق العارفين، أنّ جنبلاط يمهّد لإعلان “الانقلاب” على تقاطعه “الرئاسي” مع المعارضة، أو أنه أنجز هذا “الانقلاب” كما يحلو للبعض القول، ولو أنّ هناك من ينظر إلى هذا “التقاطع”، كتقاطع “التيار” مع المعارضة على أنه “مؤقت”، بانتظار موعد “التسوية”، التي لن يتأخّر “الاشتراكي” إلى الالتحاق بها، ربما من باب “الواقعية السياسية”، أو حتى “المصلحة” كما يقول بعض المنتقدين لموقفه.

يرفض المحسوبون على الحزب التعليق على هذه الانتقادات، “المردودة لمطلقيها”، وفق وصفهم، ولا سيما أنّ “المزايدين” على موقف “الاشتراكي” اليوم، كانوا سابقًا أول من ذهب إلى عقد التسويات والتفاهمات التي كلّفت البلاد غاليًا، ويشدّدون على أنّ الحزب “ثابت” على مقاربته الرئاسية “حتى الآن”، فهو لن يذهب إلى تبنّي ترشيح فرنجية، وهو يعتقد أنّ الوزير السابق جهاد أزعور يمتلك المواصفات التي تؤهله ليكون مرشحًا توافقيًا للرئاسة.

لكنّ الحزب، الذي يتمسّك بعبارتي “المرشح التوافقي” و”حتى الآن”، يترك الباب مفتوحًا أمام كلّ الاحتمالات، بما فيها تغيير موقفه، إذا ما طرأ طارئ يفرض ذلك، فالأمور ليست مرهونة “بخواتيمها” فقط، ولكن بالتوافق والتفاهم، بعدما أثبتت جلسات الانتخاب التي عقدت، والتي كانت بأغلبها “فولكلورية”، أنّ احتمال انتخاب رئيس للجمهورية “بضربة أكثرية قاضية” متعذّر، طالما أنّ الفريقين يلوّحان بتعطيل النصاب، متى شعرا بقرب “الخسارة”.

في النتيجة، تبدو المعادلة واضحة بالنسبة إلى “الاشتراكي”. فكرة “الجلسات الانتخابية المتتالية” التي تتمسّك بها المعارضة، وفق مبدأ “ليربح من يربح”، ديمقراطية وجذابة، لكنّ مشكلتها أنّها أقرب إلى “المثالية”، ولا يمكن “إسقاطها” على الواقع اللبناني الحاليّ، واقع يجعل “الحوار” شرطًا “إلزاميًا” لإنجاز الانتخابات الرئاسية، في ظلّ الاعتبارات المعروفة للجميع، إلا إذا كان هناك من لا يريد أصلاً انتخاب رئيس، بمعزل عن التبعات “الخطيرة” لذلك!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى