أبرز الأخبار

“إغتيالات” و”إنتحاريون” في عين الحلوة.. مفاجأة عمَّا ينتظرُ صيدا بعد”حرب المخيَّم”

لم يكُن الوصول إلى “تخريجة” وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة بمدينة صيدا، أمس الإثنين، سهلاً أبداً وسط التوتر القائم، لاسيما أن الإشتباكات الضارية التي استمرّت لـ3 أيامٍ متواصلة أسفرَت عن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وتركت بصمة دمويّة تمثلت بـ”مجزرة اغتيال” مسؤول الأمن الوطني في صيدا أبو أشرف العرموشي مع اربعة من مرافقيه.

خلال ساعات يوم أمس، كانت الإتصالات في أوجِها لـ”دوزنة المعركة” وإفساح المجال أمام المتقاتلين الذين ينتمون إلى حركة “فتح” من جهة، وجماعة “جند الشام” من جهة أخرى، لإبراز النوايا الحسنة. وحتماً، تمَّ الوصول إلى صيغة نهائية لإتفاق وقف إطلاق النار في مكتب النائب أسامة سعد، وقد جرى الإعلان عن البنود والضمانات علناً، لكن ما يُخفى بين السطور هو الأعظم، في حينِ أنَّ المُعطيات الميدانية تُنذر بأنَّ الأمور لم تنتهِ بعد على صعيد المعارك.. فما السبب وما الذي يُحضّر لاحقاً؟

من أبرز الأمور التي دفعت “فتح” للموافقة على التهدئة، كان في تثبيت ضمانة أساسية لا تنازل عنها وتتمثلُ بتشكيلِ لجنة تحقيق باغتيال العرموشي وتسليم القتلة إلى الدولة اللبنانية. بحسب المعلومات، فإنَّ تنفيذ هذا الأمر مطلوبٌ من “جند الشام” أولاً كونها المتهمة باغتيال العرموشي، فيما تكشف مصادر متقاطعة لـ”لبنان24″ أنَّ المتورّط الأول في مقتل القياديّ “الفتحاوي” هو الإرهابي بلال بدر مع 3 عناصر آخرين تمت معرفتهم بالأسماء، مشيرة إلى أنَّ بدر كان خرجَ من حيّ الطيري داخل المخيم وتمركز مؤخراً مع فصيل “جند الشام” في مناطق أخرى.
أمام ذلك، فإنَّ مسألة تسليم المطلوبين بعملية الإغتيال ستكون معقدة باعتبار أن بدر هو المتورط الأساس فيها، علماً أنه من مصلحة “فتح” والدولة اللبنانية توقيف بدر باعتباره “كنزاً ثميناً” وأحد أخطر المطلوبين في لبنان. وفي حال لم يحصل التسليم المطلوب بشدّة، عندها قد تجدُ “فتح” نفسها مُرغمة لاتخاذ خيار المواجهة الحقيقية مُجدداً لـ”ردّ اعتبارها”، فالمسألة لا تنحصرُ بإشتباك مُسلّح، بل باستهدافٍ ممنهج وقتلٍ مقصود ومجزرةٍ مدُبّرة.

الأهم وسط هذه المشهديّة هو أنَّ مطلب تسليم الجناة إلى الجيش لا يتصلُ بوقتٍ مفتوح، فالمُدة لتنفيذ ذلك قصيرة، وتقولُ معلومات “لبنان24″ إنَّ الفصائل الفلسطينية بأكملها باتت في أجواء هذا الأمر، وفي حال عدم تحقّق المطلب المذكور بجدّية بأسرع وقت، فعندها سيكون لـ”فتح” كلامٌ عسكريّ غير مسبوق، وحينها قد تنطلق معركة تحرير المخيم من “جُند الشام”، إنتصاراً لمقتل المسؤول “الفتحاوي” العرموشي ورفاقه، ما يعني أياماً طويلة من القتال، الأمرُ هذا تتبناهُ أوساطٌ من “فتح” إذ راحت تتحدثُ عنه صراحة وتقول: “إن لم يجرِ ما نريد، فسننهي جند الشام”. هنا، تُرجّح المصادر إنّ “فتح”، وفي حال لم تحقق أهدافها، قد تلجأ لاحقاً إلى تنفيذ عمليّة نوعية مكلفة من عناصر ذات خبرة بعمليات “الكوموندوس” والإغتيال، ومن الممكن أن يجري تنفيذ إستهداف المطلوبين بإغتيال العرموشي بعملية سريّة من خلال رصدهم والإطباق عليهم بكمينٍ مفاجئ أينما كانوا داخل المخيم.

الأجواء هذه وغيرها باتت طاغية على أوساط الفصائل المختلفة، إلا أنّ “فتح” ملتزمة بالتهدئة “مبدئياً” تحت سقف الإتفاق الذي رعاهُ النائب أسامة سعد وحركة “أمل” بشكل خاص. لكنه ورغم ذلك، فإنّ “فتح” لم تسحب عناصرها من مواقعها القتالية في المخيم، كما أنه لم يُطلب من السكان العودة رغم دخول مجموعة منهم إلى المنطقة ليلا للحصول على بعض الإحتياجات. حتماً، كل ذلك، يُوحي بأن إمكانية إندلاع الإشتباكات قائمة، وما زادَ الطين بلة هو أنَّه وفي “ذروة” التهدئة، تعرّضت مراكز لـ”قوات الأمن الفلسطيني” لإطلاق نار في منطقتي الطوارئ والتعمير، مساء الإثنين، وأسفر ذلك عن مقتل العنصر في “الأمن الوطني” عُمر محمد. الإستهدافُ هذا اعتبرتهُ أوساطٌ فلسطينية بمثابة إستفزازٍ مستمر للذهاب إلى معركة أخرى، وقالت لـ”لبنان24″ إنه لا ينمُّ عن “نوايا صادقة”. في المقابل، تقول مصادر ميدانية أخرى إنَّ “فتح” قد تستمرّ بالضغط عسكرياً على “جند الشام” عبر مناوشات متفرقة، وذلك بهدف “إستنزاف” عناصر تلك الأخيرة ودفعها لتنفيذ الشروط المطلوبة منها تحت وطأة الضربات والرصاص.

مفاجآت ميدانيّة ومخاوف من اغتيالات
ما جرى في مخيم عين الحلوة خلال اليومين الماضيين جرى وصفُه بـ”حرب شوارع” بإمتياز، لكنَّ المفارقة تكمنُ في مكانٍ آخر. بحسب المصادر الميدانية، فإنَّ تحصينات وتحرّكات مسلحي “جند الشام” شكلت مفاجأة من الناحية العسكرية، فقدرتهم على الإنتقال من مبنى إلى مبنى والتحصّن ضمن أماكن كثيرة يعني أنَّ هناك مخططاً مسبقاً لحصول معركة، وقد يكونُ التوقيتُ الحالي لإندلاعها “مُفبرك” أيضاً لتنفيذ غاياتٍ مشبوهة أساسها ضرب سطوة “فتح” وتوسع الإسلاميين داخل المخيم. هنا، تكشف مصادر قياديّة فلسطينية لـ”لبنان24″ أنَّ مجموعات من جند الشام حاولت خلال الساعات الماضية التقدم باتجاه مناطق سيطرة “فتح”، إلا أنها لم تنجح من ذلك وتحديداً في ناحية منطقة درب السيم وأجزاء أخرى من المخيم. وعليه، فإنّ ما يجري يوحي بأنَّ هناك محاولات للسيطرة الميدانية من قبل الإسلاميين، لكن الترجمة الفعلية على الأرض تصطدمُ بقوة “فتح” العسكرية، وبإمكانية استعانتها بقوات رديفة من الخارج، فضلاً عن قدرتها في الحصول على تغطية من الدولة اللبنانية لإنهاء أي حالة شاذّة في المخيم.

ووسط كل ذلك، فإنَّ هناك مخاوف جديّة في عين الحلوة من تكرار سيناريوهات الاغتيالات، وفعلياً فإن “فتح” تستشعرُ خطر ذلك على قياداتها. ولهذا، جرى تكثيف الإجراءات الأمنيّة حول منازل مسؤولين أساسيين، كما أن التحركات باتت أكثر مضبوطة ومترافقة مع تدابير مُشدّدة. وحتماً، فإنّ فرضيات الإستهداف قائمة طالما أنّ الأمور لم تنتهِ بعد، وطالما أن “جند الشام” والإسلاميين الآخرين يرون أنفسهم تحت نيران إستهداف “فتح”، الأمر الذي يُشكل مبرراً لهم بخوض معركة من نوع آخر، سواء عبر “إنتحاريين” أو عبر كمائن واغتيالات.. وفي أي حال، فإن المعركة ستكون شرسة جداً، والعواقب وخيمة على عين الحلوة وصيدا ككُل.. والسؤال: هل ستكون تلك الأحداث مقدمة لبحث جدي وفعلي لوجود سلاح المخيمات؟ حتماً، كلُّ الأمور واردة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى