أبرز الأخبار

“مفاجآت للإسرائيليين وتحضير للحرب منذ العام 2006”.. عنصر من الحزب يروي حجم خطر الحرب في الجنوب

المدن

في إحدى المرات، وخلال تواجد مقاتلين لحزب الله في أحد المنازل في قرية حدودية، اكتشفوا وجود مسيرة إسرائيلية صغيرة الحجم، “درون”، خارج أحد شبابيك المنزل. وهذه الرواية التي يقصها أحد مقاتلي الحزب، يُريد من خلالها إظهار حجم الخطر الذي يعمل فيه المقاتل، وذلك بسبب طبيعة الحرب التي فرضت عليه أن يقدم التضحيات الكبيرة تجنّباً لحرب واسعة.

صعوبات تواجه حزب الله
من الصعوبات التي تواجه مقاتلي الحزب في هذه الحرب، قدرة التعقب الإسرائيلية، بل وقدرة استخبارات العدو على معرفة أماكن الشقق التي قد يلجأ إليها مقاتلون. إذ بعد التخلي عن الهواتف التي تسببت باغتيال الكثير من المقاتلين، لا تزال إسرائيل قادرة على التعقب، ولو بصورة أقل. فخلال استهداف السيارة بمنطقة الناقورة التي كانت تقل ثلاثة مقاتلين للحزب، لم يكن هناك هواتف -حسب معلومات “المدن”- خصوصاً أن أحد الشهداء كان من الذين يتفادون أي ظهور علني منذ بداية الحرب في 8 تشرين الأول،. فهو غاب عن منزله طيلة تلك المدة، ولم تشاهده عائلته سوى مرة أو مرتين خلال 4 أشهر ونصف الشهر. وهنا يرجح المقاتل أن تكون المسيرات قد قامت بملاحقة الهدف لساعات طويلة قبل إطلاق الصواريخ، وهي حالة تشبه ما حصل يوم استهداف إحدى الشقق في كفررمان.

أيضاً من صعوبات الحرب هو مساحتها الجغرافية، فالحزب معنيّ باستخدام انواع محددة من الأسلحة، التي يبلغ مداها بضعة كيلومترات فقط. ولأجل ذلك، عليه البقاء في مناطق قريبة من الحدود لتنفيذ العمليات اليومية، بظل تواجد طائرات الاستطلاع بكثافة على مدار الأربع وعشرين ساعة. كذلك لم تعد الأهداف على الحدود متاحة كما في السابق. إذ أن الإسرائيلي وللمرة الأولى في تاريخه قام بإنشاء حزام أمني داخل فلسطين المحتلة. وبالتالي، أصبحت المواقع شبه خالية، ومن يتواجد فيها لا يخرج من الدشم والغرف المحصنة. وهذا ما يزيد من صعوبة العمليات بسبب الظروف المشار إليها.

“بركات طوفان الأقصى” على الحزب
يعمل مقاتلو حزب الله في بيئة صعبة للغاية، فهم -حسب المقاتل- كانوا يتحضرون طيلة السنوات الماضية منذ العام 2006 حتى العام الماضي، من أجل حرب كبرى مع العدو الإسرائيلي تكون “بلا سقوف وضوابط”. ولكن ما حصل كان مغايراً لكل التوقعات. فطبيعة الحرب هذه لم تكن بالحسبان، والتعامل معها كان صعباً للغاية، خصوصاً في البداية، حين لم يكن الحزب ملمّاً بكل التطور اللاحق بأسلحة الجيش الاسرائيلي.

يعلم حزب الله ان السنوات الماضية التي كان يتحضر فيها لم تمر في إسرائيل من دون تحضير مقابل. لذلك يعتقدون أن من بركات عملية طوفان الأقصى دفع العدو لإظهار كل تقنياته الحديثة، خصوصاً بما يتعلق بالسلاح الجوي والمسيّر، الذي تطور بشكل هائل، بينما في المقاومة لم يتم الكشف سوى عن 5 بالمئة من التقنيات الجديدة. وهي حصراً بعض أنواع الصواريخ الموجهة، التي زاد مداها إلى حدود العشرة كيلومترات، صواريخ فلق، والصاروخ الذي يحمل الكاميرا في مقدمته، والصاروخ الذي أسقط المسيرة هيرمز 450، والذي يُعتبر المفاجأة الأكبر للإسرائيليين في هذه الحرب، لأن العدو الاسرائيلي الذي يُفاخر بالتفوق الجوي الكامل، بات يشعر بالقلق.

إذاً، كانت الحرب الحالية فرصة لحزب الله لاكتشاف “جديد” العدو، ولذا كانت البداية صعبة ومكلفة على الصعيد البشري. وهو الأمر الذي دفع الحزب، حسب قول المقاتل، إلى تغيير تكتيك العمل أربع مرات حتى اليوم. وهذا الأمر يعتبر صعباً للغاية بالنسبة للجيوش الكبير عالمياً. فهناك جيوش معروفة بعدم قدرتها على التكيف والتغيّر بسرعة خلال مسار الحرب، وهناك جيوش ومنها الجيش الاسرائيلي معروفة بسرعتها بهذا الأمر. وهذا أيضاً كان من المفاجآت للإسرائيليين الذين اكتشفوا قدرة الحزب على تغيير التكتيك خلال الحرب، من دون انتظار نهايتها من أجل إجراء التقييم والتغيير.

234  شهيداً من حزب الله منذ بداية المعارك حتى تاريخ كتابة هذا التقرير. وهذه الأرقام المرتفعة نتيجة عادية لطبيعة الحرب القائمة. ومن هذا المنطلق يتحدث مسؤولو الحزب دائماً عن تضحيات كبيرة يدفعونها لمنع الحرب الواسعة عن لبنان، علماً أنه بالحرب الواسعة قد يكون العمل العسكري أسهل. ولكن هناك قرار واضح لدى الحزب برفض الحرب الواسعة وعدم الانجرار إليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى