أبرز الأخبار

أمام باسيل الترشُّح في البترون أو خارجها… أو العزوف!

يُرجِّح معارضون لرئيس لجمهوريّة ولمن هو “تربيته”، كما قال أخيراً في كلام مكتوب ومُسجَّل، أي وليّ عهده رئيس “#التيار الوطني الحر” النائب #جبران باسيل، أن تكون حظوظ الأخير في الانتخابات النيابيّة المقرَّرة في 15 أيار المقبل ضعيفة جدّاً سواء كمُرشَّح لمقعد نيابيّ في مسقط رأسه البترون، أو كرئيس لـ”تيّار” لا بُدّ من أن يُرشِّح باسمه عدداً من أعضائه والقريبين منه لغالبيّة المقاعد النيابيّة المسيحيّة في البلاد. ويُرجِّح العارفون من بينهم أن يتّخذ باسيل في نهاية المطاف وقبل مهلة تقديم ترشيحه رسميّاً إلى وزارة الداخليّة قراراً من اثنين إذا بيّنت له إحصاءاته ونتائج حركته في الدوائر الانتخابيّة المُهمّة له ولتيّار عمّه الرئيس عون أنّه لن يكون قادراً على الفوز سواء كمُرشَّح أو كرئيس “تيّار” أعطته الانتخابات الماضية كتلة نيابيّة بين أعضاء وحلفاء بلغت حوالي 30 نائباً. الأوّل نقْل ترشّحه من البترون إلى دائرة انتخابيّة أخرى غالبيّة ناخبيها مسيحيّة وفيها ربّما أقليّة ناخبة إسلاميّة شيعيّة الأمر الذي يزيد حظوظه في الفوز. أمّا القرار الثاني فهو العزوف عن الترشّح إذا وجد بعد درسٍ مُعمَّق لتوزُّع الناخبين على الأطراف السياسيّين في دائرة البترون أنّ نجاحه صعبٌ جدّاً فيها وربّما مُستحيل. ذلك أنّ حاصل الأصوات الذي يحتاج إليه للفوز يبلغ حوالي 14 ألف صوت، بينما ما يمتلكه منها لا يتجاوز 7 آلاف صوت. يعني ذلك أنّه يحتاج إلى حلفاء أقوياء في هذه الدائرة قادرين على إعطائه الأصوات الكفيلة بإنجاحه. لكنّ مشكلته هي أنّه أحد الأقوياء فيها لا الوحيد. فهناك جهات سياسيّة قويّة شعبيّاً تُناصبه العداء وتعتبر إسقاطه في الانتخابات هدفاً استراتيجيّاً، هي “حزب القوات اللبنانية” والنائب بطرس حرب الذي سيُرشِّح ابنه مجد و”حزب الكتائب اللبنانية”. إلى الثلاثة هناك رئيس “تيّار المردة” الزعيم المسيحي الزغرتاوي سليمان فرنجية الذي لا تزال له شعبيّة في البترون قضاءً ومدينةً رغم الضمور النسبي الذي لحق بها في حروب 1975-1990 وفي المراحل المتنوِّعة التي أعقبتها. أمّا الناخبون المسلمون في الدائرة نفسها على تنوّعهم المذهبي فإنّ أصواتهم قد لا تكون مُرجِّحة. علماً بأنّ بعضهم قد ينقسم فريقين، أحدهما معه وآخر ضدّه تماما، مع أنّه لا شيء أبداً يُمكن أن يقسمهما لأنّ تحالفهما “وجودي” رغم المساعي التي قد يبذلها أحدهما أي صاحب الموقع الأقوى في البلاد.

أمّا القرار الأوّل وهو نقل ترشيحه إلى دائرة أخرى فإنّه قد يُهينُ كبرياءه، هو الذي “ملأ الدنيا وشغل الناس” داخلاً وفي المنطقة وحتّى في العالم كما يُقال، والذي اتُّهم سواء عن حق أو عن باطل بأنّه الرئيس الثاني للجمهوريّة اللبنانيّة من جرّاء وثوق رئيسها الرسمي والفعلي بقدراته وإصراره على أن يُؤمِّن خلافته له في قصر بعبدا. وهو لم يُنكر يوماً فضله عليه بل “تربيته” له ورغبته في تمهيد طريق الرئاسة أمامه. لهذا يُرجِّح معارضوه ومُعارضو “مُعلّمه الذي ربّاه” أن يُفضِّل عدم الترشّح على الهروب من دائرة مسقط رأسه إلى دائرة أخرى، علماً بأنّ ذلك ليس عيباً وإن غير مُستحسن. فعمّه الرئيس الحالي عون ترشَّح في دائرة أخرى هي كسروان وفاز. وعديله شامل روكز ترشَّح فيها وفاز أيضاً. وهو من البترون أيضاً. هناك أمثلة أخرى عدّة على ذلك وإن قليلة. في هذه الحال يستطيع باسيل أن يُبرِّر عدم الترشّح بالقول لأنصاره بل أنصار عمِّه الرئيس ومُحازبيه إنّه رئيس “التيّار الوطني الحرّ” أي تيّار الجنرال ثمّ الرئيس #ميشال عون الذي كادت غالبيّة مسيحيّي لبنان بين 1988 و1990 تطوِّبه قدّيساً لهم بل قدّيس القدّيسين رغم أنّه ومن تحارب معهم من المنطقة المسيحيّة دمّروها وأضعفوها وأفسحوا في مجال دخول القوّات السوريّة إليها، ورغم أنّ من واجهوه كانوا قد قسموا المنطقة نفسها قبل نحو عشر سنوات بارتكاب جريمة بشعة جدّاً وغير مألوفة.

إلى ذلك فهو لا يزال يحظى بتأييد عون، ولا يزال عون مُتمسّكاً بخلافته له وساعياً بإلحاح إلى إقناع حليفه الشيعي “حزب الله” الأقوى في البلاد بتبنّيه، علماً بأنّ هذا “الحزب” عجز عن إقناع شريكته في “الثنائيّة الشيعيّة” “حركة أمل” ورئيسها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بالتصويت لعون رئيساً للبلاد عام 2016. لكنّ البعض يتساءل عمّا إن كانت “أمل” وبرّي قادرَيْن على مخالفة قرار حليفهما “الحزب” لو لم يكن الأخير واثقاً من فوز عون بالرئاسة بأصواته وأصوات تيّاره و”تيّار المستقبل” و”حزب القوات اللبنانية” وبأصوات عددٍ من أطراف مجموعة 8 آذار؟ طبعاً لا يهدف التساؤل إلى “زكزكة” الصديق الرئيس برّي، بل إلى لفت النظر إلى أنّ “التحالف الوجودي” عندما يتهدَّد جديّاً في الداخل من الخارج فإنّ طرفَيْه لن يسمحا لأحد بزرع التناقض بينهما وبين موقفَيْهما من أيّ استحقاق.

في أيّ حال، يعتقد ناشطون عونيّون وأعضاء في “التيّار” الذي أسَّسه عون، أنّ باسيل مسؤول، قبل أعداء عمّه الرئيس وتيّاره وأعدائه هو وحليفه “حزب الله” وحلفاء حليفه في 8 آذار باستثناء “أمل” برّي، عن الانفضاض الشعبي المسيحي الواسع وإن غير الشامل بعد عنه، وحتّى عن رئيس الدولة. فالاثنان مسؤولان لاعتبارات لا يتّسع المجال لذكرها الآن وأيضاً حرصاً على كرامة المواقع. فباسيل كان “كلّ لبنان معه”، كان معه سُنّة الحريري ودروز وليد بيك جنبلاط وفي مرحلة مُهمّة “القوات” و”حكيمها”، لكنّه بدَّد ذلك فتخلّى بداية عن المسيحيّين ثمّ استهدف “أمل” نبيه برّي ومسيحيّي آل فرنجية و”المردة” والزعيم الدرزي الأبرز وسُنّة الحريري. وظنّ خطأً أنّ “حزب الله” يُغنيه عن برّي ويتكفَّل بإضعافه كُرمى لعينيه وعيني عمّه. وبدا كأنّه يعمل لتقسيم الشيعة.

فهل يحصد الرئيس عون نتائج أعماله وأعمال صهره و”تلميذه” باسيل؟ الجواب في الانتخابات النيابيّة المقبلة إلّا إذا عطَّلتها تطوّرات مؤاتية وعنفيّة داخليّة وإقليميّة بأمرٍ من اثنين، الأوّل التسبُّب بفراغ تشريعي إن لم تُجرَ الانتخابات وإذا عجز الرئيس برّي وغيره عن التمديد لمجلس النوّاب، والثاني هو التسبُّب بفراغ رئاسي.

 

سركيس نعوم – النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى