عامل غير مجدٍ في كبح جنون الدولار
يرى الخبير الإقتصادي الدكتور محمود جباعي أنه “كما كان متوقعًا فتحويلات المغتربين من الخارج تحافظ على وتيرتها المتصاعدة، حيث قدّر البنك الدولي بـ 6.4 مليار دولار قيمة التحويلات لهذه السنة، علما أنه وفي النصف الأول من عام 2023 إستمرت التحويلات بنفس الوتيرة”.
ويؤكد جباعي لـ “ليبانون ديبايت”، أن “هذا الأمر يساهم نوعاً ما في الإستقرار الاقتصادي والنقدي في البلاد، حيث أن المصرف المركزي عندما يقوم بشراء الدولارات من السوق فهو يعتمد على أموال المغتربين بالدرجة الأولى، فهو يقوم بشرائها ووضعها على منصة صيرفة من أجل القيام بإستقرار معيّن أو تأخير إرتفاع سعر صرف الدولار كما جرى في العادة في العاميين الماضيين”.
لذلك يلفت جباعي إلى أن “هذه التحويلات تساهم في إستقرار معيشي لفئة كبيرة من اللبنانيين، حيث يبلغ عدد العائلات التي تحصل على هذه التحويلات ما بين 230 إلى 240 ألف عائلة شهريا، وهذا يعني أن حوالي 22 إلى 25% من الشعب يستفيد من هذه التحويلات، فضلاً عن فائدتها للأسواق حيث يقوم أصحابها بالشراء من السوق ومن المنتجات مما يساهم بحركة إقتصادية وحركة بيع تساهم في نشاط إقتصادي في القطاع الخاص وفي الأسواق المحلية، وهذا ما ساهم في تضييق الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي بدأ منذ عام 2019 حيث نرى أن نسبة كبيرة من اللبنانيين أصبحت تتأقلم مع الأزمة وذلك بفعل التحويلات بالدرجة الأولى”.
كما يتحدّث جباعي عن القطاع السياحي الذي يدخل إلى البلاد ما بين 2 إلى 3 مليار دولار كحد أدنى سنويا، والذي يعتمد أيضاً على المغتربين الذين يقومون بصرف أموالهم في لبنان، بالإضافة إلى الأموال التي تأتي من خلال أحزاب معينة في البلد أو من خلال جمعيات الـ”NGO” و”اليونيفل” وهذا هو السبب الأساسي في حصول إستقرار معيشي وهو ما أبعد شبح الفقر عن لبنان بشكل كبير”.
ويشير إلى أهمية إستمرار التحويلات التي تساهم أيضا في زيادة الناتج المحلي، حيث يتم صرفها بالداخل اللبناني لأن عملية الإدخار أصبحت معدومة في المصارف بعد أزمة القطاع المصرفي، وقبل عام 2019 كان معظم هذه التحويلات يتحول إلى إدخار بالمصارف أما اليوم فأصبح في الأسواق حيث يقوم أصحابها بصرفها أو تركها في منازلهم من أجل صرفها عند الحاجة إذا كانت بكميات كبيرة “.
وأما بالنسبة لموضع سعر الصرف، فيلفت جباعي إلى أنه “مرتبط بالرجة الأولى بما يقوم به المصرف المركزي عبر منصة صيرفة حاليًا لأنه لم تحصل أية حلول جذرية لا في على الصعيد السياسي ولا حتى الاقتصادي والمالي في البلاد، حيث أن لبنان اليوم يعيش في أزمة سياسية، وحتى الآن لم تتشكل حكومة جديدة لوضع خطة تعافٍ مالي وإقتصادي حقيقي، وليس هناك أي أفق لحل أزمة المودعين بشكل جدي، فكل هذه العوامل تؤكّد أن منصة صيرفة هي وحدها التي تقوم اليوم بنسبة كبيرة بضبط سعر الصرف”.
ويتابع, “إذا توقّفت منصة صيرفة ولو كانت التحويلات أكثر من ذلك أيضا فهي لن تساهم في إنخفاض أو إستقرار سعر الصرف لأن في السابق التحويلات كانت بذات الوتيرة ولم تساهم بل إرتفع الدولار من 1500 إلى حدود الـ 140 ألف، فإذا إستمرت صيرفة وبإنتظار الحلول الجذرية في السياسة والإقتصاد من الممكن حينها الحديث عن إستقرار نقدي، وأما إذا توقفت صيرفة ولأي سبب من الأسباب لن يعود هناك تأثير لا لأموال التحويلات أو السياحة حيث سيرتفع سعر الصرف من جديد فحاجات السوق كبيرة جداً وبخاصة أننا نستورد ما قيمته مابين مليار و300 إلى مليار و500 مليون شهريا”.
ويلفت جباعي, إلى أنه “صحيح أن نسبة الصادرات تحسنت إلا أنه ما زالت بعيدة جدا عن الواردات ولم تصل الى النسبة المطلوبة لذلك فهي مؤشر جيد لكن الى المستقبل ولكن هذا الامر أيضا يحتاج إلى خطة مدروسة من قبل الحكومة والدولة والمجلس النيابي لإصدار التشريعات والقوانين التي تشجع على تحسين الاقتصاد الزراعي والصناعي”.