أبرز الأخبار

دولار المصارف قريباً ٩٠ ألفاً؟… سعر صرف موحد وكل تعاميم سلامة سقطت

انشغل اللبنانيون منذ حوالي الشهرين بالحرب على غزة وباشتعال جبهة الجنوب ونسوا أو تناسوا مصيبتهم الكبرى وهي الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي باعتبار أن الخطر الأكبر على صعيد المنطقة والحرب أقوى من الخطر الأصغر، لكن سرعان ما عادوا ليستفيقوا على الهموم الداخلية، وخصوصاً الفراغ في الرئاسة الأولى والخوف منه في المؤسسة العسكرية والموازنة التي يعتبرونها الأسوأ على جيوبهم وعلى الوضع المعيشي المتردي.

وفي خضم الأحداث كان هناك من يعمل بصمت على اجراءات ربما يحق للبعض وصفها بالترقيعات لكنها فعلياً تحتسب ولأول مرة على هذا المستوى منذ استفحال الأزمة، لمصلحة المواطن، اذ وبحسب موقع “لبنان الكبير” سيعلن مصرف لبنان قريباً جداً أنه وحد سعد الصرف نهائياً مع الحكومة والدولة بكل قطاعاتها والمصارف، وهو فعلاً ما وصل اليه باستثناء الدولار المحلي أو ما سمي بـ “اللولار”.

وفي معلوماتنا أيضاً أن داخل المصرف المركزي أصبح هناك سعر موحد لسعر الصرف، الذي سيتحول قريباً في كل المصارف على سعر الصرف الموحد ولم تعد هناك منصات، وقد أبلغت المصارف أن ميزانياتها ستتحول على دولار 89,000.

‏وبالفعل بدأ العد العكسي للتخلص من تعدد أسعار الصرف نهائياً وسعر الـ15,000 هو الوحيد المغاير والموجود في المصارف وفق ما حددته موازنة العام 2022، وبما أن موازنة 2023 (drop) ، اذاً سيعتمد سعر دولار موازنة 2024، وعندما تصبح كل المصارف على سعر 89,000 سيتمكن مصرف لبنان من تقويمها كل على حدة، ومعرفة ما إذا كانت “vailable” وقادرة على الدفع للمودعين أم لا، كما سيعرف كم لديها من رسملة وأعباء، وليس مثلما يحصل الآن بفوضى واستنسابية لسعر الصرف بحيث يفتح “المركزي” ميزانية المصارف ولا يستطيع قراءتها .

وبعكس ما يتوقع من أن رفع سعر الدولار المحلي في المصارف من 15,000 إلى 89,000 يمكن أن يؤدي إلى تضخم، يؤكد مصدر رفيع في البنك المركزي لموقع “لبنان الكبير” أن هذا التحول يشكل ربحاً لـ “المركزي” وليس العكس، فبدلاً من دفع ستة دولارات على كل 90000 ليرة سيدفع دولار واحد، والمصرف له مصلحة ‫بأن يمتص الدولار وليس بكب كميات منه، وهذا هو سر الاستقرار النقدي حالياً، اذ تم حصر كل الصرف بالليرة اللبنانية وضبطنا السعر باستخدام العملة الوطنية، لأننا نستطيع طبع ليرة وليس دولاراً.

ويذكر المصدر بأن ما فعله “المركزي” هو تجفيف الكتلة النقدية بالعملة الوطنية من السوق، عن طريق الضرائب، واتفقنا مع الحكومة على أن لا تحصل دولارات من السوق الا بالتوافق مع المصرف المركزي.

‏ويشدد المصدر على أنه لم يعد مقبولاً أن يسحب المودع دولاره على 15,000 لا أخلاقياً ولا ضميرياً، وبالتالي فإن الخطوة الثانية ستكون الزام المصارف بدفعه على 89,000 فور إقرار موازنة 2024، والعلاقة مع المودع يجب أن تتغير ومن الضروري انصافه بما تيسر، والبحث عن حل قانوني يرضيه بالحدود الدنيا، وإذا قررنا استخدام الـ haircut معه فيجب أن يكون بموجب نص قانوني وليس مثلما يحصل الآن بحيث تتم سرقة المودع بوقاحة وعلى عينه.

ويشير المصدر الى أن هذه الخطوة عندما تتحقق يصبح هناك إمكان لإيجاد حل للمودعين بالطرق السليمة، وتتحدد بصورة واضحة موازنة المصارف وخسارة المودع فيها، كما تتضح طرق التعويض عليه، وسيكون لازماً على كل المصارف التقيد بهذا القرار حكماً وتنفيذه.

‏اما الهدف فهو التالي:

‏توحيد ميزانيات المصارف على 90,000 (السعر الفعلي للدولار) وتسجيل صفر خسارات في “المركزي”، لأننا نسجل على الدولة القيمة التي نستوفيها من السوق، اذ تصبح ميزانية الدولة على ٩٠ ألفاً بكل أجهزتها ومؤسساتها، من دون منصات متعددة، ومحددة بمعايير مختلفة، حتى فذلكة منصة الكهرباء (صيرفة +) تم الغاؤها. ( فقط دعم الخبز يتم على ٣٠ ألفاً وحساباته مختلفة).

بإختصار بالنسبة الى المصرف المركزي، الدولار أصبح ٩٠ ألفاً، ونستطيع الاعلان أنه تم توحيد سعر الصرف، ويتم التعامل مع الدولة ومع كل القطاعات بالسعر ذاته (لأول مرة ميزانية الدولة وماليتها منذ سنوات تنتظم وكهرباء لبنان تدفع بانتظام وعلى السعر الفعلي).

الاستثناء الوحيد هو سعر الدولار المحلي المرتبط بقرار سيصدر مع اقرار موازنة العام ٢٠٢٤ لأن سعر الـ١٥ألف ليرة هو سعر موازنة الـ٢٠٢٢، والذي على قيمته تتم السحوبات المصرفية أو ما يعرف بتعميم الـ١٥١، وهذا التعميم عملياً له علاقة بالسيولة وأصبح بحكم الملغى وعندما نتسلم موازنة الـ٢٠٢٤ بقيمة السوق التي حددناها تلقائياً ستجبر المصارف على دفع دولار المصارف (اللولار) على القيمة نفسها بالتوافق مع وزارة المال، وهذا يعني أننا وصلنا الى تحرير سعر الصرف.

وفي معلومات موقع “لبنان الكبير” وبالاتفاق مع لجنة المال والموازنة، أن موازنة الـ٢٠٢٤ لن تمر من دون اقرار قانون “الكابيتال كونترول” لتحديد استخدام حجم الكتلة النقدية بالليرة مقابل الدولار المحلي، لأن التدخل التشريعي من المهم جداً أن يترافق مع رفع سعر الدولار المحلي أو اللولار حتى لا يتمكن المودعون من سحب كامل وديعتهم وبالتالي نفقد قدرة التحكم بسعر السوق.

اذاً كل التعاميم سقطت بالنسبة الى المصرف المركزي باستثناء الـ١٥٨ الذي يتيح للمودعين سحب ٤٠٠ دولار للقدامى و٣٠٠ دولار للجدد والذي أجري عليه تعديل مؤخراً بأنه بات يحق للمودع الذي نقل أمواله من بنك الى آخر الافادة من البنك الأساس الذي أقفل له الحساب.

ولكن كيف ارتفع الاحتياط على الرغم من أن الـ ١٥٨ يقتطع من الاحتياطي؟

يؤكد المصدر أن هذا يعود الى الـgood management الذي تتيحه العلاقة الواضحة بين وزارة المال والمصرف المركزي، وعندما تأخذ السلطة النقدية صلاحياتها الكاملة وتترك السلطة الاقتصادية والمالية للدولة وللحكومة، ينتظم العمل والسبب أيضاً يعود الى عاملين بحسب المصدر: ارتفاع مداخيل الدولة بالدولار الذي مكنها من تحصين نفسها وامكانات أكبر للصرف. والعامل الثاني استعادة قدرة التدخل في سوق النقد.

وهذا الواقع الجديد يشكل ثباتاً كبيراً قياساً على المرحلة السابقة ويرجح أن يستمر، وهذه هي الكوة التي فتحت في جدار الأزمة.

ويبقى السؤال: هل سيتمكن مجلس النواب من إقرار موازنة ٢٠٢٤ بسلاسة؟ بالتأكيد لا، قياساً على الانتقادات الكبيرة التي تتعرض لها تضاف اليها صعوبة عقد جلسة تشريعية، من هنا عاد الحديث عن إمكان إصدارها بمرسوم، ‏وهو الأمر المرفوض من قوى سياسية أساسية في مقدمها “التيار الوطني الحر”. ‏وهنا سأل موقع “لبنان الكبير” مصادر السراي عن احتمالية الاقدام على خطوة كهذه، فأكدت أن الأمل في أن تصدر الموازنة بقانون من مجلس النواب حيث أن لجنة المال منكبة على دراستها، وللمجلس متسع من الوقت أي حتى نهاية كانون الثاني 2024 ما يشكل مهلة أربعة أشهر منذ استلام مشروع الحكومة المحول إليها في 29 أيلول 2023 لإدخال ما تقرر من تعديلات، وفي حال تلكأ المجلس عن إصدار قانون الموازنة بصيغته المعدلة قبل نهاية هذا العام عندها تصدر بموجب مرسوم موقع من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء بالصيغة المرسلة من الحكومة وليس في ذلك أي كيدية، انما عملاً بالمادة 86 من الدستور.

اذاً كباش سياسي دستوري جديد ينتظر البلد، وهذه المرة من باب الموازنة.

ليندا مشلب – لبنان الكبير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى