أبرز الأخبار

الثلاثي المسيحي “يقترب” من مرشّح توافقي..

يبدو أنّ الرئيس نبيه برّي قد تلقّى تحذيراً أميركياً غير مسبوق كنّا أشرنا إليه في “أساس”، نقلاً عن مصادر أميركية بتاريخ 5 آذار الماضي، عن “أسماء لن تنجو لأنّها مرتبطة بعرقلة انتخاب رئيس الجمهورية”. لكنّها المرّة الأولى التي يُذكر فيها الرئيس برّي بالاسم وليس بالتلميح أو بالإشارة إلى مقرّبين منه.

رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي الديموقراطي روبرت مانديز وزعيم الأقلية في اللجنة الجمهوري جايمس ريتش، بعثا رسالة “نقدية” إلى الرئيس الأميركي جو بايدن عن الوضع في لبنان والسياسة المتّبعة تجاه الأزمة اللبنانية.

اللافت في الرسالة أنّها موقّعة من جناحي النظام في الولايات المتحدة الأميركية، ومن رجلين يمكن اعتبارهما “الأقوى” و”الأكثر تأثيراً” في مجلس الشيوخ، وقد عرضا بواسطتها مراحل العقوبات الأخيرة التي طاولت مقرّبين من الحزب ومتعاونين معه، وما هو مطلوب في المرحلة المقبلة.

في نصّ الرسالة تعبير عن “ارتياح” للعقوبات الأخيرة على حسن محمد دقو ونوح زعيتر، “وهما لبنانيان مرتبطان بالحزب، وذلك لدورهما في تهريب الكبتاغون نيابة عن نظام الأسد، وكذلك على شبكة ناظم سعيد أحمد، مموّل الحزب”. كما عبّرت الرسالة عن “السرور” لـ”إعلان العقوبات على ريمون وتيدي رحمة، المرتبطين بالحزب، لدورهما في بيع الوقود الملوّث في لبنان”.

تأتي بعدئذٍ الفقرة الأهمّ والجديدة في الرسالة لتعبّر عن “إحباط من الجمود السياسي المستمرّ الذي صمّمه الحزب وحلفاؤه، مثل نبيه بري، لإضعاف المعارضة في مواجهة مرشّحه المفضّل على حساب المرشّحين الذين يتمتّعون بدعم أوسع وأكثر استعداداً لمواجهة تحدّيات لبنان العديدة”.

تلاقي هذه الرسالة كلاماً سابقاً عن عقوبات أميركية ستُفرض على مقرّبين من الرئيس بري في حال استمرار واقع الحال على ما هو عليه. وفي عين التينة حذر وترقّب وارتباك وتشاؤم يعبّر عنه رئيس المجلس أمام زوّاره.

بين عبد اللهيان والسعوديّة؟

بالتزامن كان وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان يزور لبنان وفي جعبته رسالة “توافقية”. إذ أعلن في مؤتمر صحافي، ردّاً على أسئلة الصحافيين في المبنى الجديد لسفارة إيران في ضاحية بيروت الجنوبية، أنّ إيران “تنصح أصدقاءها بشكل أخوي”، وأنّه “استناداً إلى الدستور اللبناني لا يُنتخب رئيس الجمهورية إلا بالتوافق”.

جاءت زيارة عبد اللهيان وسط كثير من الترقّب. وهي الأولى بعد الاتفاق السعودي الإيراني في الصين. وقد التقى الأمين العام للحزب، وزار مارون الراس على حدود فلسطين المحتلّة، ثمّ عاد إلى بيروت ليرمي كلمة السرّ: “التوافق”. وأكّد ثبات “محور المقاومة” على مواقفه: “جيش، شعب، ومقاومة”. والأرجح أنّه وضع الحزب في أجواء التفاهم الإقليمي الجديد انطلاقاً من موقع القوّة وليس من منطلق الاستسلام.

لكنّ الزيارة حاكت أيضاً المزاج السعودي في تعبير الوزير الإيراني عن دعوته إلى التوافق. وفي المعلومات أنّ ما قاله عبد اللهيان في مؤتمره الصحافي عن الدعوة إلى توافق لبناني على الرئاسة كان قد ترجمه في نقاشه مع الحزب.

تحدّث مصدر متابع لهذه الزيارة عن “هدوء الساحات المشتركة الإيرانية والسعودية، وبالتالي التراجع عن الخطاب التصعيدي والتحدّي”. ولأنّ المشهد متشابك من طهران إلى الرياض ثمّ واشنطن وبيروت، فلا شكّ أنّ الملف الرئاسي قد دخل مرحلة جدّية مختلفة على عدّة مستويات. فطهران تسعى إلى الانفتاح. ولهذا كانت خطوة دعوة نواب من مختلف الاتجاهات إلى السفارة مبادرة جدّية على الرغم من أنّها لم تُلبَّ بالشكل الذي تتمنّاه طهران. كذلك دعت السفارة صحافيين “من المحور الآخر” للمرّة الأولى إلى هذا النوع من المؤتمرات الصحافية.

معراب – اللقلوق – بكركي

بالتزامن مع المعطيات الخارجية، يقوم النائب غسان سكاف بمسعى داخلي لتوحيد صفوف المعارضة حول اسم مرشّح للرئاسة. ولكن يبدو أنّ الأهمّ هي تلك المفاوضات التي تُخاض بالسرّ.

وفق معلومات “أساس”، تقوم الأحزاب المسيحية المتّفقة على رفض رئاسة فرنجية بحوار مباشر وبالواسطة في إمكانية الاتفاق على رئيس برعاية بكركي. وهي فعلاً قد وصلت إلى قواسم مشتركة، لكن لم تفصح عنها بسبب غياب أيّ نيّة جدّية حتى الآن لفتح أبواب مجلس النواب. خطّة هذه القوى المعارضة هو الإعداد لعملية انتخابية في حال اتّخذت الأمور هذا المسار، والتحضير لتعطيل النصاب في حال تحقيق رئاسة فرنجية بـ65 صوتاً.

أمّا التيار الوطني الحر الذي يطالب بأن يكون شريكاً حقيقياً في تسمية الرئيس ولن يرضى بخيار المعارضة، فيؤكّد نوابه، ولا سيّما النائب جيمي جبور المقرّب من رئيس التيار جبران باسيل، أنّهم لن يذهبوا للاقتراع لفرنجية تحت أيّ ظرف ولو كان المسار يقود إلى رئاسة قائد الجيش جوزف عون.

إذاً في الكواليس حراك جدّي، حراك معارض يلاقي الحراك الخارجي الذي بدأت إشارته بالظهور جليّة باتجاه ذهاب اللبنانيين إلى التوافق على رئيس يقود التسوية والحلّ السياسي والاقتصادي. وهذه رسالة ستسمعها القوى اللبنانية من الموفدين الخارجيين المقبلين على لبنان في الأيام الآتية.

المصدر: اساس ميديا – جوزفين ديب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى