أبرز الأخبار

سوبرمان في القصر الجمهوري

الديار – نبيه برجي

يفترض أن نقفل الطرقات أمام المسيحيين لمنعهم من الهجرة، وان كان جليّاً أن تنفيذ السيناريو اياه يجري، بخطى مبرمجة، لترحيل اللبنانيين كافة، واحلال اللاجئين والنازحين محلهم، ولأغراض تتعلق بالمسار الاستراتيجي للمنطقة، وحيث الشرق الأوسط يدور حول الهيكل…

بعد نحو عقد من الزمن، كم ستكون نسبة اللبنانيين على أرضهم، اذا ما بقيت “ماكنة التكاثر” في المخيمات شغالة هكذا، واذا ما بقينا حقائب بشرية تبحث عن أي رصيف في العالم، ولو كانت الأرصفة التي نتعايش فيها مع القردة؟

تصوروا أن نصل الى تلك الساعة (الساعة الجهنمية) التي نتناقش فيها حول “كمية” المسيحيين في لبنان ، كما لو أن المسيحيين، وبمنأى عن ذلك الطراز من القادة، لا يشكلون “حالة نوعية” كانت وراء كل مظاهر الحداثة في بناء الشخصية اللبنانية.

أكثر من خلل بنيوي ضرب لبنان بسبب الادارة الرديئة للسياق التاريخي لهذا البلد. لم نعد أمام “الهويات القاتلة ” وانما أمام “الطوائف القاتلة”. الطوائف التي تقتل المفهوم الجيوسياسي للدولة، والمفهوم السوسيولوجي للمجتمع.

في آخر لقاء مع المطران جورج خضر، في منزله المتواضع، أبدى خشيته من “موت الحياة في لبنان. هو القائل “لبنان واقع ركام لا واقع جماعة”. حين سألناه عمن حال دون الوصول بالتفاعل بين الطوائف، الى ما تقتضيه “ثقافة الحياة”، أجاب (ربما بمرارة) ” اسأل من هم مسؤولون عن الدنيا وعن الاخرة عندنا..” !!

أي لبنان اذا ما خلا من المسيحيين. هاني فحص كان من أبرز من طرحوا السؤال، ليغلّق ضاحكاً “في هذه الحال لا ندري ما اذا كان السنّة يأكلون الشيعة أم الشيعة يأكلون السنّة. الدروز أبرع من يؤكلوا”…

المسيحيون ابتلوا بقادتهم. لو كان هؤلاء يمتلكون الحد الأدنى من الرؤية، لأدركوا أن دور المسيحيين في لبنان (ولكل المنطقة) يتعدى دور الطائفة. ولقد تعداه في كثير من الأحيان. هذا ما رأيناه في الصحافة المصرية، وفي اليوميات اللبنانية. من “الهورس شو” سأل العراقي بدر شاكر السياب “هل تستوردون الهواء من الجنة ؟”. خبثاء لعبوا بالسؤال “هل تستوردون نساءكم من الجنة ؟”.

ما كان رأي أدونيس، ونزار قباني، ومحمود درويش، ومحمد الماغوط، وأحمد الصافي النجفي، وحتى أحمد شوقي ؟ قصائد عشق بلبنان. حالياً، مثلما تحولت المقاهي التي كانت تستضيف الساسة العرب الهاربين من بلادهم الى دكاكين للهوت دوغ والهمبرغر، الدولة تحولت الى دكان لتلك الرؤوس التي تشبه أطباق الهوت دوغ والهمبرغر..

هبوط في السياسة، وهبوط في الاقتصاد، وهبوط في الثقافة. ديبلوماسي عربي قال لنا مازحاً “حتى السفيرة الأميركية دوروثي شيا تبدو، في اطلالاتها التلفزيونية، وكأنها تقلد ميريام فارس ومايا دياب..”!

كل زعيم مسيحي يرى في نفسه قسطنطين الأكبر. وزير سابق رأى في زعيم حزبه، وهو يجثو بخشوع أمام تمثال للسيدة العذراء، “شيئا من القديسين القدامى”. لا نتجرأ (فعلاً لا نتجرأ) على الحديث عن كيفية نظرة وزراء ونواب من طوائف أخرى الى قادة هذه الطوائف.

حتى التغييريون المسيحيون يطرحون أفكاراً عجيبة. بعضهم ظلال باهتة للساسة التقليديين. أحدهم، وعبر الشاشة، يراهن على رئيس للجمهورية ينزع سلاح “حزب الله”، ويمنع حتى طيور اللقلاق من عبور الحدود، والمباشرة، فوراً، في تطبيق استراتيجية “صاعقة” للاصلاح السياسي، والاقتصادي، والمالي.

استطراداً، رئيس سوبرمان من انتاج فريدريك نيتشه. لكأن صاحب السعادة لا يدري أن الصلاحيات المناطة بصاحب الفخامة تضطره، أحياناً، الى تقليد مقالب غوار الطوشي للنفاذ من الأسلاك الشائكة التي تحدق به.

كريم بقرادوني أكد أن الرئيس سيكون في القصر قبل حزيران. لا نتصور أن الأستاذ كريم يأخذ معلوماته، كما ساسة آخرين، من ليلى عبد اللطيف.

لا احد معني بنا، وان كان مصدر سياسي وثيق الاطلاع يؤكد أن السعودية ـ حتى الآن ـ لا تقبل باسم سليمان فرنجية. نائب كان في زيارة واشنطن نقل عن عضو بارز في الكونغرس قوله “اختاروا من تشاؤون. أياً كان هذا الرجل لن يفلت من أيدينا…”

كم هي الأيدي التي لا نفلت منها…؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى