بأقلامهم

اخطر ما قاله رياض سلامة يستدعي ملاحقات دولية… جملة اختصرت حكاية وطن!

 

المحامي لوسيان عون

كان حديث حاكم مصرف لبنان عاماً يختصر معاناة نشأت منذ سنوات طويلة، ظن خلالها اللبنانيون أن الوضع المالي ممسوك والاقتصاد متين على ما كان يطمئن الحاكم ،وكانت ” هندساته المالية” التي أطلق شعارها يتغنى بها، والدولار الثابت طوال ثلاثين عاماً تقريباً ( ١٥٠٧،٥) نتاج عملية ضبط يتخللها يومياً تدخل من المصرف المركزي عبر إحراق ملايين الدولارات ،لكن لم يكن يعرف من اي صندوق كانت تقتطع وتصرف الى أن هرع عشرات من الثوار الى الشارع في ١٧ تشرين الاول عام ٢٠١٩ وأحرقوا الدواليب احتجاجاً على زيادة بعض الرسوم ، وقد استغلتها المصارف للاقفال ،واطلق الحاكم العنان لتعاميمه الشهيرة التي ما زالت حتى الساعة تتحكم بحياة اللبنانيين وقوتهم ومعيشتهم ،دون إنتاج أي بصيص أمل بتحسين اوضاع الليرة المنهارة.
لكن، جملة تفوه بها الحاكم أمس كانت كفيلة بتحريك القضاء لما تعكس من اهتراء وانهيار على مستوى رقابة مصرف لبنان على المصارف اذ قال :

“التحاويل الماليّة التي تُجرى من البنوك اللبنانية إلى الخارج لا تمرّ عبر ‎مصرف لبنان

المصارف لا تبلغ مصرف لبنان بتصرفاتها لكنها استعادت ٤٠ ٪ مما حولته للخارج!”

واستناداً لهذه الإفادة الواضحة،
نسأل :
اين رقابة مصرف لبنان على المصارف ؟
لماذا انقطع عن الإشراف على المصارف وغض الطرف عن عمليات التهريب المبرمجة ؟
لماذا لم يشكو الحاكم منذ ما قبل الازمة بسنوات عن تفلت المصارف عن الخضوع لرقابة مصرف لبنان بهذا القدر الذي سمح لها بتهريب عشرات المليارات من الدولارات الى الخارج ؟
ان كان الحاكم قد علم بنسبة ٤٠٪ ما تم استرداده من اموال مهربة الى الداخل كما افصح امس فلماذا لم يبادر الى اعلان الارقام ونشرها ونشر الحسابات بتفاصيلها، وهو لا يزال يخفيها امام الرأي العام؟
واين سجلات وزارة المال التي كانت تحصر استيفاء ما نسبته ٥٪ من مقدار الحسابات من المصارف، وهذا يثبت أنها عمدت الى تهريب الضرائب منذ سنوات من امام الخزينة ،ما يوجب تحريك النيابة العامة المالية وملاحقة المصارف التي أمعنت في ذلك مع ما يشكله من جريمة تطال المال العام وتحديد مقدار الضرائب المهربة.

في اي حال، ما نراه هو اتهامات متبادلة تخلو من تحديد الارقام بين المصارف ورياض سلامة…
الاخير يتهم المصارف بتهريب الاموال واخفائها ،والمصارف تتهم سلامة بانها اقرضته كل ما في جعبتها من أموال وودائع!!
دوامة لا تنتهي ولن تنتهي إلا بقضاء شفاف ونزيه مع رفع الغطاء عن كل المسؤولين السياسيين واعضاء مجالس ادارة المصارف وتبيان الارقام والوقائع ومجريات التهريب بكل تفاصيله للتوصل لمعرفة من فعل ومن خطط ومن شارك ومن تواطأ….. ومن كتم المعلومات عن الجريمة المروعة التي تضاهي جريمة تفجير المرفأ ،عل اللبنانيين يتعرفون يوماً على من نهب اموالهم العامة والخاصة وفجّر بيوتهم وهجر أبناءهم وتسبب بانهيار وطن بأكمله ،فحرام بعد ثلاثة اعوام ونيف، لم تصل الى اللبنانيين من فم مسؤول مالي رفيع كرياض سلامة الا تسريبات مبهمة وعناوين فضفاضة لتبقى جريمة العصر سرقة اموالهم بمنزلة سرّ مثلث برمودا حتى الساعة….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى