أبرز الأخبار

تشويه مواقف القوات

كتب ماريو ملكون في موقع القوات اللبنانية:

لم يرضَ الصّحافي غسان ريفي إلّا الانضمام إلى جوقة الكتّاب الممانعين الذين تجنّدوا لتشويه مواقف حزب القوّات اللبنانيّة من الاستحقاق الرئاسي، وذلك من خلال مقاله “لا رئيس للجمهورية في لبنان قبل أن يقتنع باسيل وجعجع باستحالة انتخابهما” في موقع “سفير الشمال”، حيث أسقط منه الوقائع وأبسط قواعد المنطق والموضوعية، وضمّنه جملة من العجائب التّحليليّة.

عجيبٌ أنتَ يا أستاذ ريفي، بقولك “ينام رئيس حزب القوات اللبنانية على ترشيح النائب ميشال معوض كواجهة يمكن من خلالها تقدير حجم الاصوات”، فكيف يمكن التعامل مع هذا اللامنطق؟ فالوقائع تُشير إلى دعم “القوّات” المطلق لترشيح معوض وإلى مساعيها المتواصلة لحشد التأييد له وإلى رفضها التخلّي عن ترشيحه كشخصية إنقاذية تتماهى مع السّعي لإيصال رئيس سيادي إصلاحي.

أمّا “الواجهة” في الانتخابات الرئاسية فتمثّلت بإصرار البعض على التصويت بورقة بيضاء وبشعارات فلكلورية، فأين هو قلمكَ من الكتابة عن الذي يُخفي مرشّحه خلف واجهة التوافق والاجماع؟ هل باتَ مَن يلتزم بالأصول الدستورية في إعلان مرشّحه والتصويت له وخوض معركته بالعلن هو المُستغرَب؟ بالفعل منطق عجيب.

مضحكٌ أنتَ يا أستاذ ريفي بكلامك عن “صمت جعجع الرئاسي وعدم البوح برغبته بالترشّح”، فهل باتت الصحافة تشمل فصولًا من علم التنجيم وقراءة الافكار والمشاعر، كي تبني مقالك المشابه لكتابات “الممانعين” عن رغبات جعجع؟ وهل صُمَّت مسامعك ومداركك ولم تعد قادرًا على تتبّع كلام الدكتور جعجع الواضح والمباشر في الملف الرئاسي؟

إنّ كلامك يا سيّد غسان عن رغبات شخصيّة بالترشّح في حديثك عن رجلٍ مقاومٍ ومناضلٍ تخلّى عن حريّة جسده وسنين حياته لأجل سيادة الدولة وكرامة المواطن وحرية المجتمع، هو مرذول، مرفوض، منبوذ في الاساس؛ أمّا عن الترشّح للرئاسة، فهو أقلّه لدى رئيس “القوّات” لا يمكن أن يدخل في سياقات الرغبة أو حبّ التمظهر أو الحلم السلطوي، كما هو الحال لدى معظم متعمشقي السياسة ومنتحلي صفة الرجالات الوطنية في لبنان، بل هو لديه، واجب وطنيّ يجب الالتزام بتحقيقه إن تطلّب الامر.

فالدكتور جعجع يوم وجد أنّ الحاجة الوطنية تفرض وجوده في سدّة الرئاسة الأولى لاستكمال مشروع بناء الدولة، لم يتردّد بالترشّح، فهل تناسيت؟ فما الذي سيمنعه اليوم، خاصّة أنّه الممثّل الاول للمسيحيين وصاحب أكبر كتلة برلمانية وفق إرادة اللبنانيين، شاءت بعض الاقلام والابواق أو رفضت؟

وبعد، إنّ قرار “القوّات” في دعم النائب معوض، لم يأتِ عن عبث بل في سياق إيمان الدكتور جعجع منذ لحظة انتهاء الانتخابات النيابية الاخيرة، بأنّ وحدة المعارضة بكلّ مكوّناتها هي السبيل في استعادة الاستقرار من خلال رفع يد الفريق الممانع المتسلبط على السلطة، وإلّا لكان تمسّك بترشيحه “الطبيعي” كما يُردّد كلّ العاقلين، ولم يفتح المجال للتفتيش عن مرشّح قادر على إرساء المشروع الانقاذي قولًا وفعلًا.

وسرياليّ جدًا يا أستاذ ريفي، ابتداعك لنظرية “تناقضات” الدكتور جعجع بعد كلامك عن قراءة الرغبات، فكيف وجدت تناقضًا بين دعمه المباشر لمعوض وتأكيده عدم التمسّك لا هو ولا معوض نفسه بذلك، شرط وجود مرشّح بنفس المواصفات ولكن يستطيع أن يحظى بتأييد الأكثرية النيابية؟ وكيف أقمحت ما قاله ردًّا على أسئلة صحفية عن عدم الاعتراض على رئاسة قائد الجيش في حال تأمّن له الاجماع المطلوب؟

أمّا تمسّك “القوّات” بمندرجات الدستور التي تتطلّب عقد جلسة مفتوحة بدورات متتالية دون تعطيل للنّصاب، فليست هي مَن تُسأل عليه، بل المعطّلين الفعليين، لأنّه من أقلّ الواجب على الصحافة الموضوعية أن تلعب دورًا وطنيًّا في التمييز بين “أهل الدستور” و”أرباب شريعة التعطيل”؛ وعن الخطوات المفترضة لمنع هيمنة حزب الله على رئاسة الجمهورية، فهي مرتبطة بمدى تخطّي الاخير للدستور والميثاق ومدى تأثير ذلك على المسار الانقاذي المطلوب.

أستاذ ريفي، كان الأجدى بكَ أن تتحلّى ببعض المنطق، فمَن ينتظر التطورات لتبدّل المشهد الرئاسي هو المرشّح المهووس بالسلطة الذي يفعل المستحيل ليستعيد رضى حليفه المسلّح وهو المرشّح المتخفّي الذي يمتنع عن خوض غمار المنافسة الديمقراطية التزاماً بأوامر سيّده المسلّح، أمّا مَن يملك مرشّحًا ويرفض الغرق بحوارات التمييع أو بالارتكاز على لقاءات الخارج، فلا يمكن اتّهامه بذلك.

أخيرًا، ليست المعضلة طائفية، كيف تقف عند التوافق المسيحي، بل هي سياسيّة سياديّة بامتياز، بين مَن هو مُستعدّ أن يبيع قرار الدولة لبلوغ السلطة تمامًا كما فعل البعض مرّات ومرّات، بعد اتفاق الطائف وفي صفقة العودة وفي تفاهم الاذعان، وبين مَن يرفض الرّضوخ لقوى غير شرعية تهدف مواصلة خطف الدولة والشعب، وهنا يا أستاذ ريفي “الممنوع من الصرف” هو تحوير الحقيقة لخدمة الباطل “فلا ترمِ الصّالح بالطّالح” كي لا يُناصر قلمك أهداف الطّالح، والسّلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى