أخبار محلية

المرشّح الرئاسي المفضّل لبكركي… في حضن باسيل

الفاعليات السياسية والحزبية والرسمية اللبنانية مشغولة هذه الأيام بقضية دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وإن مستقيلة ومصرّفة للأعمال الى عقد جلسة ثانية لمجلس الوزراء بعد الشغور الرئاسي، هدفها حلّ مشكلة انعدام الكهرباء من جرّاء الخلاف القويّ بينه وبين وزير الطاقة وليد فياض حول حاجة السلفة المالية الى مرسوم صادر عن مجلس الوزراء يُتيح لمصرف لبنان دفع قيمتها المالية البالغة حوالي 62 مليون دولار أو الى مجرّد قرار من رئيس الحكومة. المشاورات جارية لحل هذه العقدة ويقوم بها “حزب الله” مع حليفه حتى الآن على الأقل “التيار الوطني الحر” الذي يرفض من حيث المبدأ إنعقاد جلسات لمجلس الوزراء ومع جهات سياسية أخرى من أجل إقناعهم بتأمين غالبية الثلثين المندونها لا جلسة بحضور وزرائه أو بعضهم أو بعدم الاعتراض على تأمينه هو أي “الحزب” غالبية الثلثين المطلوبة لانعقاد الجلسة.

ad
رغم أن الرئيس ميقاتي أعدّ جدول أعمال الجلسة ووزّعه على أعضاء الحكومة قبل أيام، ورغم اقتناعه أو بالأحرى اعتقاده بأن “حزب الله” سيساعده في تأمين انعقادها نظراً الى الحاجة الماسّة الى الكهرباء المنقطعة على نحو دائم أخيراً، فإنه أحجم حتى الآن على الأقل عن توجيه الدعوة الى عقدها في موعد محدّد. كان يُفترض أن يكون ذلك في الأسبوع الجاري لكن انتقال الرئيس حسين الحسيني الى جوار ربه يوم الأربعاء الماضي أرجأ التحديد الى الأسبوع المقبل.

هل يعني الانشغال بهذه القضية المهمة والملحّة انتقال انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون قبل شهرين و14 يوماً الى الدرجة الثانية من الاهتمام؟ الجواب هو أن الشغور لا يزال القضية الأولى على جدول اهتمامات الأطراف السياسيين اللبنانيين كلّهم وحتى غير اللبنانيين. لكن العقبات المتنوّعة والعجز عن إزاحتها حتى الآن عند الجهات القادرة على ذلك هو الذي أعطى الانطباع بأن ملء الشغور الرئاسي نزل الى المرتبة الثانية من الاهتمام. ولا تغيّر دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة انتخابية رئاسية يوم الخميس الماضي أن العقد ذُلِّلت وأن الجلسة ستُعقد وأن النواب اتفقوا بغالبيتهم المهمة إما على رئيس وإما على معركة جدّية وعلى عدم إقفالها قبل انتخاب رئيس جديد وإن احتاج ذلك الى جلسات عدّة أو دورات انتخابية عدّة في جلسة واحدة، إذ إن شيئاً في المواقف السياسية لم يتغيّر. طبعاً أرجأت وفاة الرئيس الحسيني هذه الجلسة الى الأسبوع المقبل لكن لا شيء يضمن تحوّل الظروف السلبية إيجابية في موضوع الانتخابات الرئاسية.

في ظل الاستعصاء الواضح لملء الشغور الرئاسي كيف يمكن وصف الأجواء الرئاسية الانتخابية السائدة حالياً؟ تُشير معلومات متابعين من قرب المساعي المبذولة لإنجاز استحقاق انتخاب رئيس جديد للبلاد الى أن البطريرك الماروني بشارة الراعي يقوم بدور مهم وأساسي على هذا الصعيد. لكنها، خلافاً للإنطباع السائد عن تركيز سيّد بكركي نشاطه الرئاسي على تذليل العقبات المسيحية المتنوّعة المعرقلة أو بالأحرى المعطّلة ملء الشغور بالسعي الى إقناع الأحزاب والشخصيات السياسية المسيحية المهمة والمقرّرة في هذا الاستحقاق بالتفاهم على رئيس يحقّق أهدافها، بدأت تفكّر في من يستطيع ملء الشغور من شخصيات الصف الثاني المارونية. وهذا أمرٌ تعرفه المرجعيات والقيادات الحزبية الفاعلة عند غير المسيحيين. وتشير المعلومات المتوافرة عن هذا الأمر إلى أن الراعي عندما يُسأل عن قائد الجيش العماد جوزف عون وحظوظه الرئاسية يجيب بأنه يحتاج الى تعديل دستوري.

وعندما يُسأل أيضاً عن زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية وحظوظه يُجيب بأن إنتخابه يتوقّف على إقناع الأحزاب المسيحية الكبرى أو أحدها على الأقل بذلك، وهذا أمر غير متوافر حالياً. وعندما يُسأل ثالثاً عن أسماء الصف الثاني من المرشّحين للرئاسة يُجيب بأنهم كثيرون ومن بينهم الوزراء السابقون زياد بارود وجهاد أزعور والدكتور روجيه ديب. لكن المتخصّصين ببكركي وتحديداً بسيدها الراعي يلفتون الى أن مرشّحه الجدي والفعلي في حال تعذر انتخاب أحد المرشحين الأقوياء ومنهم أيضاً جبران باسيل رئيس “التيار الوطني الحر” هو روجيه ديب. واللبنانيون يعرفون علاقتهما الممتازة منذ سنوات طويلة.

لكن حظوظ ديب لا تبدو كبيرة لأسباب عدة قد يكون منها عدم تأييد “حزب القوات اللبنانية” له بعدما كان مثّله في حكومة شكّلها الراحل الرئيس عمر كرامي بعد بدء تطبيق اتفاق الطائف في أوائل عهد الراحل أيضاً الرئيس الياس الهراوي. قد يكون من الأسباب أيضاً معلومات توافرت عند مرجع كبير ذي دور بارز في الاستحقاق الرئاسي تؤكد أنه “هل معقول أن البطريرك الراعي يريد روجيه ديب رئيساً علماً بأنه الآن في حضن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل؟” الى كونه قريباً دائماً من الراعي. وهذا أمرٌ لا يسهّل وصول ديب في حال صحة هذا الكلام.

طبعاً ظنّ البعض أن نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم عندما تحدّث في تصريح صحافي أخيراً عن ضرورة إيصال شخص للرئاسة يتمتع بمؤهلات تمكّنه من إنهاض الاقتصاد اللبناني بعد بلوغه أدنى درجات الانهيار، ظنوا أنه يلمّح الى احتمال اقتراب حزبه من البحث في هذا الأمر.

إلا أن المعلومات المتوافرة عن هذا الموضوع لا تزال تعتبر أن “الحزب” لم يقترب بعد من حسم خياره الرئاسي وأن هذا الحسم قد لا يكون قريباً، إلا طبعاً إذا طرأت أحداث وظروف وتطورات تقتضي الاستعجال بل الحسم. فسليمان فرنجية لا يزال المرشح الأول والوحيد لـ”الحزب” بل لـ”الثنائية الشيعية” رغم أن بعض من استمعوا الى أمينه العام السيد حسن نصرالله أخيراً ظنّوا أنه فتح نافذةً صغيرة بل “طاقة” بحديثه عن الاستعداد للبحث في خيار رئاسي آخر يوافق عليه الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى