أبرز الأخبار

وطن خال من مقومات الحياة… والامل : فانوس سحري موعود!

 

ألمحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

أمس الأحد، شاهدنا على شاشات التلفزة هيصات واحتفالات وانتصارات و” اناساً تكلموا عن أحلام وردية تحققت، فرغبت ولو للحظة أنني قد اكون مخطئاً في توجهاتي وخياراتي ونظرتي إلى أناس لم اتشارك وإياهم النظرة الى شخص” يعود في الغد الى منزله رئيساً سابقاً لينضوي الى نادي الرؤساء السابقين….فقررت للتو لعب دور محامي الشيطان، والانخراط من جديد في دولة عل الحياة قد ضخ في شرايينها الامل ،
استيقظت صبيحة الاثنين، فلا ماء في المنزل ولا كهرباء” الدولة ” ، النافعة مقفلة ،المحاكم حالها حال الدوائر المالية والعقارية، بل الانكى ،اطلعت على آخر المستجدات، فالوطن استيقظ على فراغين دستوريين يشيان بسنوات مدمرة اخطر من العامين والنصف اللذين سبقا انتخاب الرئيس عون في تشرين من العام ٢٠١٦….
يومها كان لنا حكومة تصريف اعمال لتسيير شؤون المواطنين ،اما الآن فبداية صراع سياسي ينبؤ بثورة واضطرابات امنية واقتتال طائفي ومذهبي لا ندري،
لقد دخلت البلاد في المجهول، نصف بيروت لا يزال مدمراً وقسم من متضرري انفجار المرفأ المزلزل لم يستوفوا تعويضات،والشعب يعيش على وعود المساعدات الاجتماعية الوهمية ،المعوقون سلبت المساعدات المخصصة لهم منذ عامين ونيف، الهجرة مخيفة، والبطالة على انحس، عجلة الاقتصاد شبه متوقفة، المصارف شبه معطلة، ” معك كاش بتشتغل، ما معك كاش بتقعد بالبيت”، والشيكات أضحت للديكور والذكرى، ليل المناطق حولها الى مدينة اشباح، وقوى الامن تصد المواطنين لمن يتوجه الى مخافرها لتقديم شكوى والجواب واحد : ” ما في آليات، والنيابات العامة مقفلة ،والقضاة معتكفون ،وقد اقفلوا هواتفهم ” وقد بات الاخذ بالثار واستيفاء الحق بالذات خريطة طريق للمواطن في المرحلة المقبلة ،
لقد دخلنا في المجهول، لم يعد من دولة حقاً،
إنها الفوضى العارمة حيث لا حكومة تلتئم ولا رئيس للبلاد ولا دستور يطبق ولا قوانين تحترم، بل جماعات وعشائر مقيمة على ارض إسمها لبنان حيث القتل والتهريب والتخريب…..
يا محلا حكم الميليشيات في زمن الحرب ،حين كان يعرف اللبناني من هو زعيم الحي ام الشارع ام المنطقة التي يحكمها فيلجأ اليه شاكياَ ومتوسلاً استخدام سلطته او نفوذه عله يستوفي حقه.
أما اليوم وقد تسلمنا عهد الفراغ الميمون فالحنفيات فارغة وعقول بعض زعمائنا كذلك، وجيوبنا ايضاً وايضاً ،ودوائرنا كذلك…..
ولكن إفرحوا ايها اللبنانيون وهللوا….
لقد اخبروكم بان لكم ولاسرائيل ولشركات النفط العالمية فانوساً سحرياً إحتمالياً تحت قعر البحر اسموها ” قانا ” في ” بلد نفطي” ( شعار مستحدث يشبه المورفين بتركيبته لتخفيف الاوجاع والآلآم) فما عليكم الا انتظار السنوات الخمس المقبلة لانتاج الغاز، ومن بعدها الثراء والخيرات والمجد والسعد،
لقد ذكرتني تلك الوعود بذاك المرابي الذي كان منذ سنوات يشفط أموال الناس ومدخراتهم في احدى ضواحي بيروت ويمن عليهم ببعض الفوائد التي لم تكن سوى بعضاً من رساميل الناس التي كانوا يغدقونها عليه طمعاً بفوائد المراباة ، وما كان عليه الا أن نشر اشاعة بين صفوف هؤلاء بانه توسع في تجارة بواخر الخشب في عرض البحر، فانتقل الخبر كالنار في الهشيم، حتى بات حديث الناس، دعاية فضلى لذاك اللعين، فيجيب الفرد على السؤال : ” الم تعرف ان فلاناً اصبح مليارديراً بعدما أضحى من كبار تجار بواخر الخشب؟
الحصيلة كانت في اختلاس الرجل ستة ملايين دولار من ودائع الناس والتواري عن الانظار والسفر، وطارت سفن تجارة” الخشب ” واوهام الاغبياء المراهنين على تجارة” السمك ببحر ” ولم يتمكن امرىء من التحقق عن مصير السفن ولا الخشب بل جل ما ايقنوه أن مدخراتهم تبخرت بسحر ساحر والسبب أن الحيلة انطلت عليهم .
ها نحن في حاضرة عملية خداع مماثلة :
يودون ايهامكم بالبحر وسمكه، وبفانوس سحري اسمه ” قانا ” لالهائكم والاستيلاء على الكراسي والمناصب في حين بتنا نعيش على اطلال ورجم تكاد تخلو من ادنى مقومات الحياة الاجتماعية والمعيشية….
وان كانت مقومات الدولة هي الارض والشعب والمؤسسات، فان الارض احرقوها ولوثوها والمؤسسات شلوا عملها ودمروها، وها هم يوهمون الشعب بهدايا ” سمكاً في البحر” برسم الصيد بعد جيل من الآن….
فلم يبق لنا سوى سماع الاوهام… والتعويل على الكلام الفارغ الرنان….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى