بأقلامهم

بري مايسترو الانقاذ ام التعطيل

دراسة دستورية للمحامي لوسيان عون - كاتب ومحل سياسي وقانوني

المحامي لوسيان عون – Almarsadonline

نصت المادة ٧٣ من الدستور على ما يلي :
المادة ٧٣
” قبل موعد انتهاء ولایة رئیس الجمهوریة بمدة شهر على الأقل أو شهرین على الأكثر یلتئم المجلس بناء على دعوة من رئیسه لانتخاب
الرئیس الجدید واذا لم یدعَ المجلس لهذا الغرض فانه یجتمع حكما في الیوم العاشر الذي یسبق اجل انتهاء ولایة الرئیس”.
لقد شاء المشترع من خلال المادة المذكور أن لا يترك مجالاً لاي فراغ على مستوى الرئاسة الاولى بل أولى رئيس المجلس النيابي سلطة دعوة مجلس النواب للانعقاد قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية من اجل انتخاب رئيس جديد ،وحدد مهلة تبدأ قبل شهرين من انتهائها وهذه المادة تلقي مسؤولية جمع المجلس على رئيسه لكونه الوحيد صاحب سلطة الدعوة لهذا الأمر مع إعطائه المهلة المذكورة.
تبقى صلاحية الدعوة والجمع لرئيس المجلس حصراً، ولم يقيد الدستور الاخير بتاريخ محدد ضمن مهلة الشهرين لاجل الغاية المرجوة منها، على ان الجلسة المخصصة لانتخاب الرئيس يكون فيها المجلس هيئة انتخابية ولا يحق خلالها التشريع او مناقشة اي امر ام مسالة خارج اطار العملية الانتخابية.
الا ان الصيغة التي انيطت بها الصلاحية لرئيس المجلس لم تأتِ بالفرض بل بالواجب الوطني، فلا عقوبة ان اخل رئيس المجلس بواجباته بل تلكؤ واستهتار بحال انقضت مهلة ما قبل العشرة ايام قبل انتهاء ولاية الرئيس اذ يصبح مجلس النواب محرراً من دعوة رئيسه للانعقاد ويصبح متاحاً للنواب التداعي دون الحاجة لهذه الدعوة من اجل انتخاب رئيس لهم، عندها قد يحضر رئيس المجلس ام نائب الرئيس فيحضرون الجلسة ويتراسها الاول ان حضر والا فالثاني، والا كبير السن في المجلس بحال عدم حضور أي منهما بهدف منع حصول اي فراغ في سدة الرئاسة الأولى.
أما البدعة التي طالعنا بها رئيس المجلس بوضع شرط هو ” التوافق على مرشح واحد” من قبل النواب، فهي تشكل هرطقة دستورية ” ووضع عصي” في دواليب عملية الانتخاب ،وهذا شرط تعجيزي لان ما يطرحه الرئيس بري صعب التحقق وهو يوازي الاجماع على مرشح واحد، وهذا بعيد المنال ان لم يكن مستحيلاً في وطن التنوع والتعددية الفكرية والطائفية والسياسية، والا فلماذا رست قواعد الاكثرية المطلقة والنسبية في النظام الديمقراطي، وهي قواعد فرضها الدستور ضمن آلية عملية الاقتراع نفسها المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية ،وإن الاجماع في هذه الحال يساوي التعطيل بعينه، فيكون ما شكى منه الرئيس بري من اداء سواه قد وقع فيه، فعطل الدستور، وآلية تطبيقه، وتسبب بوقوع الفراغ الرئاسي لا سمح الله.
وان كان حميداَ افساح المجال لتوافق ما لعدة ايام او اسبوعين او ثلاثة لا اكثر، لكن تبقى اللعبة الديمقراطية سيدة نفسها، ولا يجب تفخيخها ووضع الالغام بين اوصالها ،وليُدعَ المجلس النيابي عندذاك ،ولتجرِ المشاورات والاتصالات والتواصل داخل اروقته وغرفه عندذاك، وليُدعَ السادة النواب للتصويت دورة واثنتين وثلاث واربع، لا بأس والا وبحال استحالة تصاعد الدخان الابيض من ساحة النجمة، فليُدعَ في اليوم التالي او بعده تكراراً النواب الى حين فوز احد المرشحين بالرئاسة،
إنه الدستور ،ولكم طبق في عز ايام الحرب الاهلية المدمرة في تجارب اولها يوم انتخاب الرئيس سركيس عام ١٩٧٦ تحت وابل القذائف والصواريخ وفي العام ١٩٨٢ في ظل الاحتلال الاسرائيلي يوم انتخاب الرئيس الراحل الشهيد بشير الجميل ،وبعدها يوم انتخاب الرئيس الشيخ أمين الجميل،
اما اليوم، فيلتئم السادة النواب يومياً في ساحة النجمة ،وكانوا يخترقون حصار الثوار حتى ايام الدعوة لاجتماع اللجان النيابية الفرعية لدراسة مشاريع القوانين، ولا مبرر لتعطيل الجلسة الاهم والابرز لانتخاب رئيس للدولة لانتشال الوطن من هذا الانهيار القاتل،
لعلها فرصة فريدة للانتقال من عهد العتمة والانهيار والافلاس والموت والتفجير والتدمير والهجرة الى عهد الخلاص ،عهد استغلال واستثمار ثروات البلاد والنهوض والنمو ،
كل الانظار شاخصة اليوم الى السادة النواب ورئيسهم الذين اناط بهم الدستور مهمة انتخاب رئيس جديد للبلاد ،
فليتفضلوا للاطلاع بدورهم التاريخي، والا فيكون اداؤهم ملطخاً بالتعطيل اسوة بامراء الحرب والمافيات التي امعنت بلبنان خراباً ودماراً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى