أخبار محلية

جعجع يخوض رهان تشكيل أغلبيّة مناوئة للمقاومة

كتب المحرّر السياسيّ

فاجأ رئيس حزب القوات اللبنانية الجميع بإصراره على الانتصار بتشكيل أغلبية نيابية مناوئة للمقاومة في الانتخابات النيابية، بالإضافة للإصرار على فوز ساحق على التيار الوطني الحر تمخض عن تباهي بمقعد إضافي عن التيار بمعادلة 19 مقابل 18، متجاهلاً أن كتلة التيار الوطني الحر مع حليفه حزب الطاشناق هي 21 نائباً، وفي مسألة الأكثرية النيابية توجّه جعجع لمن أسماهم الحلفاء في المعارضة والقوى التغييرية بالدعوة لإعطاء الأولوية للانتظام كأغلبية موحدة، داعياً للتوصل إلى صياغة معادلة تتيح تشكيل حكومة أغلبية مناوئة لحزب الله والتيار الوطني الحر، بينما خصص لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة أمل فصلاً خاصاً محوره انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي فاتحاً بازار استدراج عروض مرشحين لمنصب نائب الرئيس ورفض التصويت للرئيس بري لولاية جديدة في رئاسة المجلس.

مصادر نيابية تتابع توازنات المجلس النيابي الجديد قالت إن دون جعجع والقدرة على الوفاء بهذا الرهان عقبتين كبيرتين، الأولى هي موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وكتلته المكوّنة من 9 نواب، والتي من المستبعد أن تجاري جعجع في مواقفه الذاهبة الى المواجهة رغم الخطاب الانتخابي التصعيدي لجنبلاط، الذي أعقبته دعوته بعد الانتخابات للتهدئة وإحجامه عن اطلاق مواقف نارية شبيهة بما قاله في سياق الحملة الانتخابية. وتستبعد المصادر أن يصطف جنبلاط وراء خطاب المواجهة، وحكومة مواجهة، إلا إذا كان هناك موقف أميركي سعودي يمهد لحرب إقليمية كبرى، وهو ما تقول المصادر إن المؤشرات المتوافرة توحي بعكسه في زمن التراجع الأميركي والحوارات الإقليمية، خصوصاً الحوار السعودي الإيراني، حيث تكفي الانتخابات كمحطة لترسيم الأحجام والأوزان تمهيداً لرسم اطار التسويات. أما العقدة الثانية فهي في مواقف عدد من النواب المستقلين كأسامة سعد وعبد الرحمن البزري والياس جرادة وسجيع عطية وفراس سلوم، وهؤلاء أدلوا بمواقف واضحة لا تتيح الرهان على استمالتهم لخيار المواجهة مع المقاومة، بالإضافة للنواب المتحدرين من تيار المستقبل الذين ينظرون لجعجع بصفته مَن طعن الرئيس سعد الحريري وغدر به ويرفضون اللقاء بالقوات اللبنانية، وعدد آخر من النواب المستقلين التقليديين مثل النائب ميشال المر، ونواب من لوائح تغييرية يصرحون بأن أولويتهم هي مواجهة خطر الانهيار وليس نبش القضايا الخلافيّة، رغم مواقفهم المبدئية مع حصر السلاح بيد الدولة، مثل حليمة قعقور وإبراهيم منيمنة ونجاة صليبا.

الامتحان الأهم لموقفي جعجع وجنبلاط وفرص الاصطفاف في خندق واحد ستظهر مع انتخابات رئاسة مجلس النواب، حيث تتوقع المصادر النيابية أن يذهب جنبلاط لمنح صوت نواب كتلته لصالح الرئيس نبيه بري، ومثله سيفعل عدد من النواب المستقلين.

في سياق رسم هوية المجلس النيابي الجديد، قالت مصادر متابعة للاجتماعات التي عقدها نواب اللوائح التغييرية في محاولة تشكيل كتلة موحدة إن الخلافات كبيرة بين مكونات وأعضاء هذه اللوائح، حتى داخل اللائحة الواحدة، والخلافات تتركز حول عنوانين، الأول حول اختيار أولوية تتقدم على ما عداها في رسم التوجهات، بين نواب يتبنون خطاباً قريباً للقوات اللبنانية والكتائب تحت عنوان السيادة مفتاح بناء الدولة، وبناء الدولة مفتاح أي إنقاذ، وبناء الدولة يمر بنزع سلاح حزب الله، ونواب مقابلهم يقولون إن هذا الأمر معقد وشائك وفوق طاقة لبنان واللبنانيين حله منفردين، لذلك يجب الاكتفاء بتسجيل موقف مبدئي بالدعوة للحوار حول كيفية حماية لبنان وترسيخ مفهوم السيادة، لكن مع إعطاء الأولوية لمواجهة استحقاقات معيشية داهمة تضع لبنان في قلب انهيار متدحرج، بلغ مرحلة الخطر، والناس التي منحت نواب التغيير ثقتها، تنتظر منهم إنجازات عملية في ملفات كمصير الودائع، وتثبيت سعر الصرف، ومصير الكهرباء. وتقول المصادر إن الاستحقاقات المتصلة بتسمية نائب رئيس مجلس النواب ورئيس جديد للحكومة لا تشكل قاسماً مشتركاً بين النواب، حيث يتم التداول بينهم بأسماء مختلفة، منهم من يؤيد تسمية السفير السابق نواف سلام، بالتنسيق مع حزبي القوات والكتائب، ومنهم من يتساءل لماذا تتم تسمية شخصية لم تكلف نفسها عناء خوض المواجهة وتحمل تبعات وتحديات حملها النواب، ويستحقون أكثر منه أن تتم تسميتهم، مثل النائب إبراهيم منيمنة، والنائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، وربما يشكل أحدهم قاسماً مشتركاً يتيح تجاوز المأزق الحكوميّ الذي يبشر به طرح اسم نواف سلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى