أبرز الأخبار

لماذا غيّب الوزير زياد المكاري عن هذا الموضوع ؟

الكاتبة: مريم مجدولين اللحام
المصدر : جسور

غيّب “تجمّع نقابة الصحافة البديلة” وزير الإعلام زياد مكاري عن توقيع كتابين رسميين جمعا نحو “120 جهة محلية ودولية تطالب بتحقيق مستقل باستهداف إسرائيل للصحافيين في لبنان”. وذلك، لا يُفسّر إلا محاولة مبطّنة، لإدانته وتذنيبه وتصويره زورًا بأنه غير مكترث أو متراخٍ في مسألة الدفاع عن شهداء الصحافة اللبنانية واستهداف إسرائيل لهم خلال قيامهم بواجبهم المهني في الجنوب اللبناني.

 

شيطنة مُستغربة، وغير بريئة، لوزير كمكاري، جهد في تكريم زملائنا الشهداء، وتابع عن قرب مسار التحقيق والمراسلات الرسمية بين الدولة اللبنانية والجهات المعنية، وأشرف على الشكاوى التي تقدّمت بها وزارة الخارجية والمغتربين عبر مندوب لبنان في الأمم المتحدة.

 

وزير، بشهادة إعلاميين كُثر، ضغط على المؤسسات الإعلامية العالمية المرموقة كـ”رويترز” والصحافة الفرنسية “أ.ف.ب” بالمباشر.

ولم يتهاون في إرسال كتابين إلى كل من الوكالتين، أعرب فيهما عن أسفه “الشديد لما صدر عنهما بشكل ملفت، لجهة تجهيل قاتل المصور عصام عبدالله وجرح المراسلة كريستينا عاصي، ولجهة المساواة بين القاتل والقتيل.”

أو بوضوح أكبر، كان كلا من الكتابين الرسميين لمكاري، بمثابة ضغط فعلي عالي اللهجة، دفع باتجاه تعديل موقف الوكالتين حينها وقد باشرا بعدها بالفعل وبالتعاون مع “هيومن رايتس ووتش” و”أمنستي” و”مراسلون بلا حدود” في نشر تحقيق في قضية عصام عبدالله، خلص إلى أنّ إسرائيل استهدفت الصحافيين في 13 أكتوبر عن عمد، ما يعدّ جريمة حرب في القانون الدولي.

 

ومنذ اللحظة الأولى لتسلّمه مكتب الوزارة، عامل مكاري الإعلاميين سواسية بعيدًا عن توجهاته السياسية الشخصية، وأثنى على تضامن الجسم الإعلامي اللبناني مع بعضه البعض وخصوصا في الأزمات ونظم مؤتمرًا لتكريم شهيد الصحافة الأول في العدوان الإسرائيلي على لبنان، عصام عبدالله، بإمكانيات الوزارة المحدودة تحت عنوان “الحرب في عيون المراسلين”.

 

لن يُجبر ضرر استبعاد “تجمّع نقابة الصحافة البديلة” لوزير الإعلام بسهولة. فمراسلات بهذه الجدية كان من المفترض أن تُدبغ بغطاء رسمي، وتُذيّل بتوقيع شخص وزير الإعلام أوّلاً كائنًا من كان عوضًا عن إرساله بلا ختم رسمي في إقصاءٍ صارخ وممنهج لوزير فاعل كمكاري. بخاصة في هذه القضية الجامعة!

 

فمن يراجع الأسماء الموقعة، يسخر لاستبدال توقيع وزير الإعلام كممثل الصحافيين الرسمي بتوقيع لوزير البيئة ناصر ياسين على قاعدة أن أحد الصحافيين الزملاء المنتمين للتجمّع هو مستشار الأخير!

 

صحيح أن توقيع وزير البيئة هو “إضافة حسنة”، وكان من المتوقع أن تحمل هذه الكتب تواقيع جميع الوزراء بلا استثناء إلا أن المعني المباشر، والمسؤول أمام الشعب اللبناني والجهات الدولية هو بالتحديد شخص الوزير زياد مكاري بصفته وزيرًا للإعلام في لبنان.

 

ثم أن احتكار الحديث باسم الصحافيين من قبل “تجمع بديل” بهدف التمايز، لا يُترجم على أرض الواقع في مراسلات رسمية مهما جهد البعض لرسم حيثية وشرعية للمجموعة.

والأغرب أن هذا التجمّع غير مقاطع للوزير أساسًا، لا بل لطالما اجتمعوا به في مسألة “قانون الإعلام” واعترفوا مرارًا بشرعيته التمثيلية، ولا خلاف بين الفريقين على الأقل أمام الملأ، ما يدعو كل من يَستَغْيِبْ توقيع الوزير إلى إدانته، والظن به سوءًا، وافتراض أنه رفض ضم اسمه!

 

وبعد تهميش الوزير مكاري عن الأمر (ما يرسم غبشاً في الرؤية)، لا عجب بعدم وجود توقيع “قناة الميادين” وهي المؤسسة التي قدمت شهيدين اثنين من طاقم الأخبار لديها (مراسلتها فرح عمر والمصور ربيع معماري)، ولا استبعاد توقيع مؤسسات إعلامية تبنت قضية الزملاء الشهداء والمصابين كقناة “mtv” اللبنانية مثلاً.

 

لستُ هنا لأستعرض مسلسل إقصاء “تجمّع نقابة الصحافة البديلة” لكل صحافي لا يتماشى مع شبكة العلاقات التي تحكم المجموعة، ولا السياقات السياسية التي جرت فيها، أو الشكوك التي طاولت عدالة جلسات “لجنة التنسيق” الضيّقة التي تدعم المقرّبين وتهمّش الأشقياء، عن حقٍّ أحيانا أو عن غير حقٍّ أحيانا أخرى.

 

بل أكتب آملة تصويب أفعال مرفوضة تكررت، لتجمع يمتهن المرور بين الألغام، ويتفادى الدفاع عن الصحافيين الذين يتم لصق تهمة العمالة بهم مؤخرًا ويصمت عن التهديدات الجسدية التي يتلقونها وكأن موقف الصحافي/ة يستحق هكذا ردود فعل هادرة للدم. كما أكتب راجية فرملة عجلات قطار انتقائي، بدأ يشابه السلطة بالنهج، والذي بات يلقي بظلاله الثقيلة على مكانة قضايا الصحافيين/ات في لبنان.

 

الحقيقة اليوم واضحة للعيان، محاولة شيطنة شخصيات رسمية متجاوبة ومتعاونة بهدف نقل صورة لا تعكس الواقع الحالي في وزارة الإعلام، بالمقارنة مع وزراء سابقين، باتت بائسة. وهذه الصَبْينة بالتصرفات غير مقبولة في وقتٍ علينا التعاضد به والتماسك ككتلة إعلامية موحّدة قوية جامعة صارمة، على مختلف مشاربنا السياسية وفي مختلف مواقع وجودنا، بمواجهة معتدٍ كإسرائيل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى