أبرز الأخبار

الشارع السنيّ… بيئة حاضنة لـ “حزب الله”

“ليبانون ديبايت” – محمد المدني

بالنسبة للشارع السنيّ في لبنان، فإن ما قبل “طوفان الأقصى” ليس كما بعده، والنظرة إلى “حزب الله” أصبحت تأخذ بعين الإعتبار كل ما حصل منذ تاريخ 7 تشرين الأول، حيث استطاع الحزب من خلال فتح جبهة الجنوب ومساندة قطاع غزة، أن يستميل الغالبية العظمى من السنّة في لبنان، من طرابلس إلى صيدا مروراً بالعاصمة بيروت.

مما لا شكّ فيه أن الشارع السنيّ يراقب بقلق ما يحدث في فلسطين، وتحديداً في غزة والضفة وعلى حدود لبنان الجنوبية مع شمالي فلسطين، والشارع السنّي تاريخياً عُرف بأنه وطني عروبي، تعنيه القضايا الكبرى ويتحمّس لها، وهذا ما عزز مكانة الحزب في الشارع السنيّ.


من الناحية الوطنية، هناك دائماً رغبة سنيّة في الدولة وتقويتها وتعزيز مؤسساتها، أمّا المزاج العربي السنيّ فهو كان دائماً مرتبطاً بالقضايا العربية الكبرى، وخصوصا في ناحيتين، الأولى إبقاء أحسن العلاقات الأخوية مع الدول العربية والخليجية، والثانية القضية الفلسطينية والتي هي القضية الأساس بالنسبة له.

من هنا، فإن الشارع السنّي يتألم لما يحدث في فلسطين، ولكنه يفتخر بإنجازات المقاومة الفلسطينية وما حققته رغم ضعف إمكاناتها والحصار المفروض عليها، كما أنه يراقب المواجهة اليومية المستمرة بين المقاومة في لبنان وتحديداً “حزب الله” وبين إسرائيل في شمال فلسطين، وكيف تتطور هذه المواجهة العسكرية، فالسنّة يفرحون لتحقيق انتصاراتٍ على إسرائيل، لكنهم في الوقت نفسه يخشون أن تتحول هذه المواجهة إلى حرب شاملة، لان القناعة لدى اللبنانيين عموماً، ومن بينهم السنّة، بأن لبنان بظروفه السياسية والإقتصادية والمالية، لا يستطيع أن يتحمل حرباً واسعة مع إسرائيل، ولو أن كثيرين من أهل السنّة يعتبرون أن هناك قدرةً رادعة لدى المقاومة.

ولناحية تفاصيل المزاج السنيّ مع الحزب، يبدو واضحاً أن بعض القوى السنيّة الملتزمة إسلامياً والتي كانت على مسافة بعيدة عن الحزب وأحياناً على تناقضٍ معه، تعيش اليوم مرحلة تنسيق مع الحزب خصوصاً في ما يتعلق بالأمور العسكرية، وهذا ينطبق على “الجماعة الإسلامية” مثلاً التي كانت في حالة تناقض سياسي وأحياناً فكري مع “حزب الله”، لكنها اليوم تسعى إلى التناغم والتنسيق معه عسكرياً، وخصوصاً في ما يتعلق بواقع حركة “حماس” ووجودها على الساحة اللبنانية، أو حتى “قوات الفجر” وهي الجناح العسكري ل”الجماعة”.

لكن يبقى الهمّ الكبير لدى الشارع السنّي هو الهمّ الإقتصادي – المعيشي على غرار جميع اللبنانيين، وتبقى أولويتهم على المستوى السياسي – النيابي، إنتخاب رئيسٍ للجمهورية من أجل تحريك عجلة التشريع وتحريك الحركة الدستورية وإعادة تفعيل المؤسسات. ويرى بعضهم ورغم إعجابهم بالقدرة العسكرية للحزب وتقديرهم للتنسيق العسكري بين الحزب و”حماس” والفصائل الفلسطينية الأخرى، من بينها “الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية” وغيرهم، إلاّ أنهم يعتقدون بأن موضوع رئاسة الجمهورية ما زال عالقاً، كما أن جزءاً منهم يحمّل الحزب مسؤولية هذا التأخير في إتمام الإستحقاق الرئاسي.

صحيح أن فلسطين هي قضية جامعة، وأن ما يحدث فيها يجب أن يكون سبباً لجمع الساحة اللبنانية ومن بينها تقريب المزاج السنيّ باتجاه العديد من القوى الفاعلة الأخرى، وصحيح أن الشارع السنيّ يؤمن بالقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني، إلاّ أنهم أيضاً يريدون الحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، لذلك إن صفاء العلاقة بين الحزب والشارع السنيّ يتطلّب مراعاة “حزب الله” لهذا الأمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى