بأقلامهم

التيار يبحث عن كبش محرقة / ألمحامي لوسيان عون

ألمحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

لا يختلف اثنان من المحللين على أن الوقت يداهم فريق رئيس الجمهورية بحيث على ما يقال بالعامية : ” الدق محاشر” وليس هناك من ترف للغوص بالنكايات وتبادل الشتائم والتهم على ما كان يمارس عبر أثير وهواء وسائل الإعلام لطالما ” الشهر على الباب”، و ” فتح عين غمض عين” سنصل الى تاريخ مفصلي هو ٣١ تشرين الاول مهما كانت نتائج الانتخابات أو حتى ان لن تحصل، حين يتوجب على رئيس الجمهورية وفق الدستور الذي حلف عليه مغادرة قصر بعبدا الى منزله وتسليم الخلف مقاليد السلطة الرئاسية سواء جرت انتخابات مبكرة على غرار ما حصل عندما انتخب الرذيس الشهيد بشير الجميل ام لم يحصل.
ومن اليوم حتى ذاك التاريخ تبقى امام كل من رئيس الجمهورية وتياره والمحسوبين عليه تجييش الساحة وتهيئتها بغية قلب الطاولة على النحو الذي يراود هذا الفريق مع استخدامه شتى الوسائل اكانت دستورية ام قانونية ام إجرائية، وأكانت قانونية ام غير قانونية والبحث عن كبش محرقة وان كان الاشخاص مدار البحث تواطؤوا معهم على هندسات افلست الوطن وانتجت انهياراً اقتصادياً ومالياً غير مسبوق في تاريخ لبنان المعاصر
طالما أن مرحلة ما بعد ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٢ مختلفة تماماً عما قبله.
إنها معركة مفصلية ليس للتيار ورئيسه الذي يواجه عقوبات دولية ومعارضة محلية مروحتها تتسع كل يوم بعد يوم، بل معركة قوى ٨ آذار التي تمكنت من انتزاع غطاء مسيحي وازن منذ العام ٢٠٠٦، فحولت ما مني به لبنان من خسائر ودمار جراء الحرب الاسرائيلية على لبنان الى انتصار ذي ابعاد متعددة ان لناحية صد العدو الاسراذيلي ومنعه من احتلال الاراضي اللبنانية من جديد وان عبر انتزاع اقوي دعم مسيحي بعيد تحقيق التيار انتصارات عن طريق انتخابات العام ٢٠٠٥ والتي ارست مقولة ” تمثيل ٧٥٪ من المسيحيين.”
لكن لحزب الله اجندة اقليمية يسير في هديها، ولن تكون محطة تشرين مفصلية بالنسبة اليه بعكس حليفه التيار الذي يشك تاريخ الخروج من بعبدا تحولاً دراماتيكياً مخيفاً بالنسبة له، فللثنائي خياراته لما بعد تشرين عبر انتقاء رئيس قد يكون حيادياً يجري التوافق عليه مع عواصم القرار وتماشياً مع ما ستسفر عنه التوازنات الاقليمية، حيث ربما لن يكون ضحية هذا التوافق، وقد ادى قسطه للعلى ورد جميل العماد عون لست سنوات منصرمة عن وقوفه الى جانبه في حرب تموز ٢٠٠٦، وقد ابرأ ذمته تجاهه وبادله” الوفاء ” ولم يعد للتيار بذمته اي مطلب الا اذا كان طمعاً بالكرسي والسلطة مدى الحياة، وهذا خطأ في الرؤيا السياسية التي وقع فيها التيار الذي جهل او تجاهل ان السنوات الست ليسن مصيرية في عمر الاوطان ولم تكن سوى احدى المحطات السياسية….
ومن اليوم حتى موعد خروج او إخراج العماد عون من بعبدا نسبة للضغط الكثيف الذي يمارس عليه والمواجهات واياه على كل المستويات المالية والسياسية والقضائية المختلفة فان الاشهر التسعة الباقية من عمر العهد تشكل فرصة لممارسة اتباع رئيس الجمهورية شتى الضغوط لإجهاض الاستهدافات التي تبقى الهدف الرئيسي منها قطع الطريق على وصول رئيس التيار الى سدة الرئاسة ام في مطلق الاحوال التجديد سواء للمجلس النيابي الذي بإمكانه تمديد الولاية عبر تعديل دستوري بحال تحقق توافق لقوى ٨ آذار تزامناً مع تمديد ولاية المجلس لعام او عامين تحت ذرائع مختلفة وكم هي متعددة بدءاً بانتشار الكورونا مروراً بعجز وزارة الداخلية عن تمويل العملية الانتخابية والانفاق اللوجستي عليها، إلى الظروف الامنية ومخاطر المس بالسلم الأهلي، هذا إن لم تستجد تطورات امنية دراماتيكية ، ربما مفتعلة بهدف التأجيل والتمديد. إنها لعبة السلطة التي تسعى للمصالح الشخصية، فلا حس وطني لديها بانه لو دامت للطامعين لما آلت لسواهم، في بلد ديمقراطي افرغ من صفاته ومرتكزاته وسماته فتحول نظامه الى اقطاعي لا يختلف عن الانظمة القمعية المستبدة التي طالما هاجمها وجعل من معاركه آنذاك شعارات سرعان ما كشف انها كانت للإستهلاك وغب الطلب بحجة ان الكذب في السياسة ليس عيباً بل شطارة لبلوغ الكراسي، دون الادراك ان السحر سرعان ما ينقلب على الساحر وقد شارف العهد على الانتهاء ومغادرة كرسي مكهربة ومفخخة بشتى انواع الافخاخ، فلم ترح جالسها يوماً بل تحول الحكم إلى وبال على الحاكم، وهنا نستذكر آخر عهد الرئيس الراحل الياس سركيس الذي كان يعد الدقائق الأخيرة لتسليم كرسي بعبدا الى خلفه الرئيس الشيخ بشير الجميل.
يبقى التذكير بمقولة الفيلسوف شارل القرم في كتابه الشهير la montagne inspire والتي ذكر فيه عبارة pour vivre heureux vivre cache
للقول ان المناصب لا تجلب السعادة بالضرورة خاصة عندما يتحول هم الحاكم لتامين ثروات لحاشيته وانصاره وصرف النفوذ وممارسة الاقطاع العائلي والابتعاد عن قاعدة أن المنصب ابتكر لخدمة المواطن وليس العكس، خاصة في حالة نظامنا القائم والمبني على تداول السلطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى