أبرز الأخبار

برّي: مع ميقاتي “شو ما عِمِل”

على وقع “اختبار” هدنة غزة، وما سيليها من مراحل متقطّعة من وقف إطلاق النار ومدى “تفاعل” الجبهة اللبنانية -الإسرائيلية معها، تَجهَد حكومة نجيب ميقاتي لإنقاذ نفسها من ورطة استحقاق قيادة الجيش، خصوصاً بعدما رفع ميقاتي السقف عالياً موحياً بوجود “حلّ ما” للتمديد لقائد الجيش من فوق رأس وزير الدفاع ليلمس لاحقاً صعوبة “تسويق” تسوية تطيح بقانون الدفاع والدستور معاً، وتستجلب طعناً مؤكّداً بالقرار أمام مجلس شورى الدولة.

يُشارك ميقاتي في قمّة المناخ COP28 التي ستنعقد في الإمارات بين 30 تشرين الثاني الحالي و12 كانون الأول في مدينة أكسبو دبي. وفور عودته من افتتاح القمّة تحدّثت أوساطه عن عقد جلسة لمجلس الوزراء من ضمن بنودها إقرار مشروع “قانون إصلاح المصارف وإعادة تنظيمها” من ضمن سلّة مشاريع قوانين ستُحال إلى مجلس النواب في حال وفَى الرئيس نبيه بري بوعده بتحديد جلسة تشريعية في النصف الأول من كانون الأول المقبل.

لا تمديد في الجلسة المقبلة

بحسب الأوساط الحكومية التي عَكَسها إعلام ميقاتي أمس لن يُطرح ملفّ قيادة الجيش من ضمن جدول الأعمال ولا من خارجه “بانتظار استكمال الاتصالات السياسية”. وهي عبارة تحسم واقع عدم التوصّل حتى الآن إلى توافق سياسي على تمرير التمديد (أو تأجيل التسريح) في الحكومة مع العلم أنّه مضى نحو شهر ونصف على تكليف ميقاتي الأمين العامّ لمجلس الوزراء محمود مكية إعداد دراسة قانونية (جلسة 12 تشرين الأول) لملء الشغور في القيادة العسكرية، والدراسة أُنجِزت فعلاً وموجودة على طاولة رئيس الحكومة، لكنّ الأخير ربط التمديد في جلسة 14 تشرين الثاني بشرط “التوافق السياسي” عليه قائلاً: “لست بوارد تحدّي أحد”.

هنا تقول المعلومات إنّ لقاء النائب جبران باسيل بالبطريرك بشارة الراعي قبل أسابيع كان سلبياً حيث بادره رئيس التيار بالقول فور بدء الاجتماع بينهما: “بيكفينا خطوط حمر. شفنا لمّا حطيتو خطّ أحمر على رياض سلامة شو صار، واليوم بدكم تحطّوا خط أحمر على قائد الجيش أيضاً”.

وزارة الدفاع: تجاهل لأيّ قرار بالتمديد

يقول مطّلعون إنّ “رئيس الحكومة يتهيّب أيّ حلّ يمكن أن يثير جدلاً قانونياً ويستجلب طعناً به في ظلّ موقف بالغ الغموض للحزب، وقد يؤدّي، كما وصل إلى مسامع ميقاتي، إلى تجاهله وإهماله بالكامل من قبل دوائر وزارة الدفاع وكأنّه غير موجود”.

يضيف المطّلعون: “مع العلم أنّ ميقاتي، وعلى الرغم من الخلاف الذي نشأ بينه وبين الوزير موريس سليم على خلفية كتاب التحذير الذي وجّهته إليه رئاسة الحكومة، يتعاطى مع العميد سليم بوصفه حالة سياسية من ضمن فريق جبران باسيل لكن لا تأتمر منه ولا تخضع لإملاءاته بحيث يتصرّف الوزير من منطلق فهمه لواقع المؤسّسة العسكرية وقوانينها، وهو غالباً ما يتحدّث عن احترامه الكبير لوزير الدفاع. لذلك أتى من يلوم ميقاتي على قيامه بـ “صلحة” شكلية وغير متوازنة بين قائد الجيش ووزير الدفاع بحيث أخذ طرفاً إلى جانب العماد عون بوجه وزير الدفاع”.

هنا أيضاً أتى من يلوم ميقاتي على مشاركته وقبوله بإحياء ذكرى الاستقلال في راشيا بغياب وزير الدفاع، وهو أمرٌ غير منطقي استُتبِع خلال الحفل بمديح كاله لقائد الجيش بدا وكأنّه “تمديد” له بالكلام قد يسبق التمديد على الورق.

نصيحة لميقاتي

في الوقائع، التقى ميقاتي أخيراً أكثر من شخصية نَصَحَته بأنّ “مهامّ الحكومة تنحصر فقط بالتعيين، وأيّ إجراء تتّخذه بتأجيل تسريح قائد الجيش من دون اقتراح وزير الدفاع أو بالقفز فوقه يُشكّل مخالفة صريحة للمادة 55 من قانون الدفاع والمادة 66 من الدستور المتعلّقة بصلاحيات الوزير ضمن وزارته، خصوصاً أنّ وزير الدفاع متمسّك بقرار عدم رفعه اقتراح بتأجيل تسريح القائد”.

برّي: مع ميقاتي شو ما عِمِل

مع ذلك، تجزم أوساط مطّلعة لـ “أساس” أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حَصَر الخيارات بالتعيين أو التمديد يردّد في مجالسه حرفياً: “شو بيعمل الرئيس ميقاتي أنا معه وسأغطّيه بأيّ قرار”، بما في ذلك التعيين أو إيجاد فتوى تتيح التمديد لقائد الجيش بقرار حكومي مع مهلة سماح حتى بداية الشهر المقبل حيث سيدعو، بعد “استسلام” الحكومة في حال لم تبتّ الملفّ، إلى جلسة بجدول أعمال دَسِم تتصدّره مشاريع القوانين المُحالة من الحكومة، مع “وعد قواتي متجدّد بالحضور” بعكس الموقف السابق لمعراب الذي حَصَر المشاركة بإدراج بند التمديد فقط.

هكذا تقدّم احتمال دخول مجلس النواب على الخطّ لحسم إشكالية التمديد في ظلّ وجود عدّة اقتراحات قوانين، منها التمديد لكلّ العسكريين (قانون بلال عبدالله) والتمديد لرتبة عماد (اقتراح القوات) واقتراح تكتّل الاعتدال الوطني (لرتبة عماد ولواء) وغيرها. هنا يبدي عسكريون كثر استياءً كبيراً من “التخصيص” في عملية التمديد لقائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، وربّما لضبّاط آخرين من رتبة لواء، وهو ما يَخلق تمييزاً غير مبرّر ويلحق الظلم بعدد كبير من الضبّاط.

الحلّ بنائب رئيس الأركان؟

للدليل على التخبّط في التوجّهات وضياع الحكومة، سَرَت معلومات في الكواليس عن طرح اقتراح تولّي نائب رئيس الأركان في الجيش الأعلى رتبة مهامّ القائد باعتبار أنّ رئاسة الأركان تابعة لقيادة الجيش وهيكليّتها لا تشبه المجلس العسكري التابع لوزارة الدفاع، وذلك بعدما علَت أصوات معتبرة أنّ عضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب لا يستطيع تسلّم مهامّ القائد لأنّ مؤسّسة المجلس العسكري غير تابعة لقيادة الجيش بل لوزارة الدفاع.

للتذكير فإنّ لرئيس الأركان أربعة نواب: نائب رئيس الأركان للعمليات (شيعي، وهو العميد حسن جوني الذي أحيل إلى التقاعد الشهر الفائت)، نائب رئيس الأركان للعديد (سنّي، وهو العميد وليد عبد الغني ويحال إلى التقاعد في كانون الأول المقبل)، نائب رئيس الأركان للتجهيز (ماروني، وهو العميد زياد هيكل)، ونائب رئيس الأركان للتخطيط (أرثوذكسي، وهو العميد يوسف حداد).

لكن ليس كلام برّي بعدم جواز التكليف وحده وضع حدّاً لأيّ سيناريوهات تحاكي تسلّم الضابط الأعلى رتبة أو صدور قرار بالتكليف، بل لأنّ قراراً كهذا يخلق إشكالية في التراتبية والإمرة بسبب وجود ضابطين برتبة لواء في المجلس العسكري (اللواء محمد مصطفى واللواء بيار صعب أعلى رتبة من نواب رئيس الأركان).

ملاك عقيل – اساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى