أخبار محلية

أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس ١٦ / ١١ / ٢٠٢٣ 

كتبت النهار

“أبو عبيدة” في بيروت، وأيضاً في طرابلس، وعكار، وقبل يومين استفاقت صيدا على ما وُصف بأنه “طوفان أبو عبيدة”، حيث انتشرت لافتات ضخمة في شتى أرجاء المدينة، تحمل صورة الناطق العسـكري باسم “كتائب عزالدين القسـام”. وفي مدرسة “الرواد” في البقاع، وُزعت على التلامذة مسابقة تسأل عن “أبو عبيدة”. وخرج أحد المواقع الالكترونية يتوقع لجوء “أبو عبيدة” الى لبنان في ما لو أجبرت اسرائيل قيادات “حماس” على مغادرة غزة. وتناقل ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي نقلاً عن شهود عيان أن موكباً كان يجول في الشوارع المحيطة ببلدية جونية رافعاً صوَر “أبو عبيدة”، واستغرقت جولته نحو نصف ساعة قبل أن يغادر بعدها، ما أشعل مواقع التواصل، مرفقاً بهاشتاغ “طريق القدس لا تمرّ بجونية”.

إذاً “ابو عبيدة” حطّ رحاله في لبنان، بالروح، حتى تاريخه. وأدى حضوره “الصّوَري” الى انقسام واضح في الرأي العام اللبناني، وهو انقسام كامن يتفجر من حين الى آخر، وبات يؤكد أنه عصيّ على العلاج، والترميم، عبر مصالحة وطنية صارت هشّة الى حد الانفراط. تؤكد التعليقات والنقاشات العقيمة عبر وسائل التواصل، وهي وسيلة إخراج مكنونات النفوس، ان التلاقي لم يعد ممكناً الى حد كبير، وان لبنان لا تكفيه إعادة النهوض بمؤسساته، بل يحتاج إنسانه الى علاج اولاً. كل اختلاف سياسي يتحوّل طائفياً ومذهبياً ومناطقياً، وترتفع مجدداً جدران الحقد الدفين.

“أبو عبيدة” كنية المتحدث الإعلامي الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (“حماس”). ليس “أبو عبيدة” بطلاً ميدانياً، ولا مقاتلاً، ولا قيادياً، ولا يملك سجلاً ناصعاً من الانجازات. كل ما يُعرف عنه إطلالاته الاعلامية لمحاكاة شعوب عربية، محبطة غالباً، تتعلق بنجوم، زعماء وإعلاميين وسينمائيين وفنيين، ورجال دين أحياناً، يملكون الاطلالة، وربما لا يملكون شيئاً آخر غيرها ذا قيمة.

مَن هو “أبو عبيدة”؟ في المعلومات: لا يُعرف الاسم الحقيقي لـ “أبو عبيدة” ولا شكله، كما أنّ التفاصيل أو المعلومات الشخصية عنه أو عن حياته شبه منعدمة إنْ لم تكن منعدمة فعلاً، حيث يظهر ووجهه ورأسه مغطَّيان بالكامل بالكوفيّة باستثناء عينيه. يظهر “أبو عبيدة” في البيانات الاعلامية داخل قطاع غزّة.

بات صوتُه مألوفاً بالنسبة الى الفلسطينيين والإسرائيليين على حدٍ سواء بعدما كان قد أطلَّ على الشاشة للمرة الأولى عام 2006 معلناً نبأ أسر “كتائب القسام” للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومنذ ذلك الوقت وهو الناطق الرسمي والرئيسي لـ “الكتائب”. ولكن لم يسبق له الظهور بشكل علني في أيّ وسيلة إعلاميّة.

نشرت وسائل إعلام اسرائيلية عام 2014 بإيعازٍ من “الشاباك” (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) صورةً زعمت أنها له يظهر فيها وجه “أبو عبيدة” الملثّم، وفي الأسفل صورة أخرى لشخص ذي لحية، وكُتب قبالة اسمه “حذيفة سمير عبد الله الكحلوت”. ونفت “حماس” المزاعم الإسرائيليّة مؤكدة أن الصورة مركّبة. وادّعت اسرائيل أنها قصفت منزله بشكل متكرر في الأعوام 2008، و2012، و2014، ومرة أخرى، في الحرب الجارية والمستمرة على غزة.

صورته ليست مهمة الى هذا الحد. ربما الغموض في هويته يعتبر الأكثر إثارة وجاذبية كما في الافلام. ولن يتبدل شيء كثير في التعرف اليه. المهم بالنسبة الينا كلبنانيين، ان “ابو عبيدة” الحاضر بصور لا تقدّم ولا تؤخّر، على غرار مئات الصور المثيرة للجدل في لبنان، بدا بطلاً فضح هشاشتنا الوطنية، واستعدادنا لنبش الماضي البغيض ولتفجير “وحدتنا” المفترضة، والتي – إنْ وُجدت – عادة ما تزيد تماسكاً في الازمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى