أبرز الأخبار

الهجوم “يتجدّد” على بكركي… تاريخ “عوني” يعيد نفسه!

 

ألمحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

في ١٢ نيسان ٢٠٢١ جاء في صحيفة نداء الوطن تحت عنوان:

الهجوم يتجدد على بكركي… تاريخ عوني يعيد نفسه!

وقد استقيت العنوان اياه لكتابة المقال الحاضر وفي المقدمة اسرد حرفياً ما جاء فيه يومها قبل التعليق وابدائي رأيي على هذا الصعيد.

جاد في مقال الصحيفة يومها :
“في المشهد الوطني العريض، ما عدا “حزب الله” بوصفه الراعي الرسمي للعهد وتياره وسنده الرئاسي والسياسي، بات اللبنانيون، مسلمين ومسيحيين، متّحدين حول تشخيص علّة البلد والعطب البنيوي في إعادة الانتظام لدورة حياته المؤسساتية، لتتلاقى ( يومها) “عظة الأحد” مع “رسالة رمضان” عند التصويب على التعطيل العوني الممنهج لاستنهاض لبنان وإنقاذ أبنائه. فكانت صرخة مدوية من مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في وجه المعرقلين ليقلعوا عن “التعنت والتزوير وخرق الدستور”، مندداً بـ”الأيادي الخبيثة” التي تمتهن “الابتزاز السياسي والكيديات والحقد الدفين وبث السموم”، بالتزامن مع رفع البطريرك الماروني بشارة الراعي الصوت عالياً في مواجهة محاولات “اللف والدوران” العونية، تهرباً من تشكيل الحكومة والاستمرار في “التعطيل واختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثيّة”.

… إلى أن كانت تعرية الاستثمار العوني في موضوع التدقيق الجنائي، من خلال تشديد الراعي من دون مواربة على أنّ “جدية طرح التدقيق هي بشموليّته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة، وأصلاً لا تدقيق جنائياً قبل تأليف حكومة”، فأحدث كلامه هذا وقع “المسلّة تحت باط” رئيسي الجمهورية و”التيار الوطني الحر”، ليسارعا إلى إطلاق العنان لهجوم عوني حافل بالشتائم والتخوين ضد بكركي والبطريرك الماروني، بشكل أعاد إلى الأذهان صورة هجوم العونيين على الصرح والبطريرك نصرالله بطرس صفير عام 89، في مشهدية “متجددة” لم تستغربها أوساط مسيحية، إنما وضعتها في سياق الترجمة العونية لمقولة “أنا الجنرال ميشال عون… وتاريخه الذي يعيد نفسه اليوم حروباً إلغائية وخراباً وانهياراً فوق رؤوس المسيحيين والمسلمين على حد سواء”.

وفي تفاصيل الهجوم العوني على البطريرك الماروني، فهو ما أن انتهى من إلقاء عظته ( قبل يوم من كتابة هذا المقال في نداء الوطن) ، حتى أطلق العونيون ضده هاشتاغ “#راعي_الفساد” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكالوا له مروحة من التعليقات المهينة التي لم تخلُ من استخدام عبارات بذيئة تستهدفه بالشخصي وتتهمه بـ”الفساد والخيانة والتآمر وتلقي الرشاوى”… إلى أن وصل بهم الأمر حدّ التشكيك بمصادر تمويل البطريرك الماروني والمطالبة بأن يشمل التدقيق الجنائي “أموال بكركي”!

وإذ لفتت مشاركة مراسلين صحافيين في قناة “أو تي في”

في الحملة الموجّهة ضد البطريرك الراعي، بادر مناصرو “حزب الله” إلى مؤازرة هذه الحملة فأشادوا بالهاشتاغ العوني وأعادوا استخدامه لنشر تدوينات تصف الراعي بـ”العميل”… ليتوّج مساءً رئيس الجمهورية ميشال عون شخصياً حملة التشهير بالراعي عبر تغريدة رد فيها مباشرةً على عظة البطريرك الماروني من دون أن يسميه، فدوّن على حسابه على “تويتر” عبارة: “الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به”… وسرعان ما أعاد المغردون العونيون نشرها، مقرونة بسيل وافر من التحامل والتجريح ضد البطريرك الراعي.
اليوم، تاريخ يعيد نفسه للأسف، فالموتورون الحاقدون هم أنفسهم، وطاعنو المجتمع المسيحي ومصالحه هم انفسهم، ومن تعدى على البطريرك صفير رحمه الله عام ١٩٨٩ هم ذاتهم، كما هم إياهم المتطاولون على بكركي، وقد ثبت ان هدفهم ليس شخص البطريرك، بل بكركي بما تمثله من خط تاريخي مدافع عن المقاومة المسيحية في زمن الطغيان،…

انتهى مقال نداء الوطن …

أمس زار رئيس التيار جبران باسيل بكركي ،ولم يرشح شيد عن لقائه بالبطريرك الا في اليوم التالي عندما وقف الاخير سداَ منيعاً في وجه الاطاحة بقائد الجيش وتصفيته ” سياسياً ” في هذه الظروف ،ليس لغاية بل انتقاماً، وازاحة لمرشح يحظى بالحظوظ الأوفر للوصول الى قصر بعبدا.
انه تاريخ حافل بالانقضاض على الحلفاء والاصدقاء، واللف والدوران والانقلاب على الشعارات الوهمية الفارغة،
اليوم خصم هؤلاء كل الاطراف، احزاباَ وافرقاء ومسؤولين وبكركي وقائد الجيش والجيش ،حتى الثنائي تبرأ من ذاك الحليف الذي تخلى عن كل شيء، ولو لم يكن كذلك لوصل رئيسهم الى بعبدا، اولم يشكل يوماً بيضة قبان تحت قبة البرلمان، وقد حسم المراقبون مسالة لو اراد ايصاله السيد نصرالله لفرض على حليفه المرشح سليمان فرنجيه التنازل له بدقيقة واحدة لحصل الحسم، لكن حزب الله اوضح بلسان امينه العام منذ أشهر انه لن يضغط في هذا السياق، وسوف يترك اللعبة الديمقراطية تأخذ مداها.
في المحصلة، بينما تاخذ معارك غزة والجنوب مداهما ،يتفرغ رئيس التيار الى استثمار الفرص عبر احراق واسقاط هذا وذاك من المرشحين لرئاسة الجمهورية بانتظار ان تأتي فرصة انجاز صفقة العمر – الغاء العقوبات عنه يوماً – فهل تجري الرياح كما تشتهي السفن وسط هذه العواصف المزلزلة التي تلف الشرق الأوسط برمته؟!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى