أبرز الأخبار

لماذا يُطرح اسم قائد الجيش لرئاسة الجمهوريّة وهل من أسباب؟

مع كل استحقاق رئاسي، يُطرح اسم قائد الجيش كرئيس للجمهورية، وهذا بدأ يظهر العام 1952، في اول حركة اعتراض سياسية وحزبية وشعبية، على عهد الرئيس بشارة الخوري سميت “الثورة البيضاء” قادتها “الجهبة الوطنية الاشتراكية”، وكان ابرز شخصياتها كميل شمعون وكمال جنبلاط وغسان تويني (مثّل الحزب السوري القومي الاجتماعي)، فاستقال رئيس الجمهورية الخوري تحت ضغط الشارع، فتوجهت الانظار الى قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب، ليكون رئيساً للجمهورية، وهو كان صاحب رغبة، لكن “ثوار تلك المرحلة”، قرروا ان يكون رئيس الجمهورية منهم لينفذ برنامجهم، فوقع الاختيار على شمعون، بعد ان وُعد حميد فرنجية بالرئاسة الاولى.

لم يصل اللواء شهاب، الى رئاسة الجمهورية، فعينه الرئيس الخوري، رئيساً لحكومة، تحضيراً لانتخاب رئيس الجمهورية، وهذا ما حصل بعد حوالى اسبوع فجرى توافق بريطاني ـ سوري على شمعون وانتخب رئيساً للجمهورية في 23 ايلول 1952.

ومنذ تولي قائد الجيش رئاسة الحكومة، بدأت لوثة رئاسة الجمهورية تتغلغل الى من يتولى قيادة الجيش، وهو موقع ماروني، يفتح الطريق الى القصر الجمهوري، الذي لم يصله شهاب عام 1952، فدخله في العام 1958، اثر ما سُمي “ثورة” ضد حكم الرئيس شمعون الذي كان يعمل للتجديد، كما فعل الخوري اول رئيس بعد الاستقلال، لكن رغبة شمعون لم تتحقق اذ عاكسته الظروف الداخلية فتحرك معارضوه في الشارع واستخدم السلاح، كما لم يأت التقاطع الدولي ـ العربي، لمصلحته، اذ عقدت صفقة اميركية ـ مصرية، اتت بقائد الجيش رئيساً للجمهورية، وتخلى الاميركيون عن شمعون، فأتوا بقواتهم البحرية لحمايته، التي انزلوها في البر اللبناني بالقرب من شاطئه في الاوزاعي والشويفات.

ومنذ وصول شهاب الى رئاسة الجمهورية، فُتحت شهية من تولى بعده قيادة الجيش، فحاول قائد الجيش العماد عادل شهاب، وبعده العماد اميل البستاني، والعماد جان نجيم، وفكّر فيها ابراهيم طنوس وفيكتور خوري، وتمترس وراءها العماد ميشال عون، في العام 1988، وكان بدأ التمهيد للوصول الى رئاسة الجمهورية منذ العام 1978، فلم يتمكن منها، لكنه عطّل حصولها، بمنع انعقاد مجلس النواب، واختير رئيساً لحكومة عسكرية، بعد انتهاء عهد الرئيس امين الجميل في 23 ايلول 1988، واعتبر وجوده في قصر بعبدا كرئيس للحكومة، بانه سيبقى فيه حتى انتخابه رئيساً للجمهورية، لكن حصول اتفاق الطائف في خريف 1989، قطع الطريق عليه، فتمرّد على الاتفاق في قصر بعبدا ولم يعترف به، الى ان تم اخراجه منه عسكرياً في العام 1990.

وتمرد عون، وخاض حروباً، مسخرا الجيش لها، فاستخدمه من موقعه كقائد له، مما دفع بالنواب الذين ذهبوا الى الطائف، الى ادخال تعديل على المادة 49 من الدستور، وتنص على ان كل موظف في الفئة الاولى، يود الترشح لرئاسة الجمهورية يستقيل من وظيفته، قبل عامين من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وهو ما ينطبق على حاكم مصرف لبنان، الذي ومنذ ترشيح الرئيس الياس سركيس لرئاسة الجمهورية وانتخابه في ايار 1976، بعد فشله في ايلول 1970، ترك كل حاكم لمصرف لبنان يطمح لرئاسة الجمهورية، وهذا ما حاول فعله مع ميشال الخوري وادمون نعيم وكذلك فيليب تقلا.

وبعد اتفاق الطائف، جرى انتخاب رينيه معوض في تشرين الثاني 1989، فاغتيل بعد حوالى اسبوعين من انتخابه، ليخلفه الياس الهراوي، الذي مُدد له، ثلاث سنوات، لقطع الطريق على قائد الجيش العماد اميل لحود، لانتخابه رئيساً للجمهورية، فتأخر وصوله الى الرئاسة الاولى نحو ثلاث سنوات ليصل في تشرين الثاني عام 1998، وتنتهي ولايته في تشرين الثاني 2007، ليخلفه قائد جيش هو العماد ميشال سليمان وينتخب في نهاية ايار 2008، وهو وصل الى رئاسة الجمهورية، بعد احداث في الشهر والعام نفسه، عندما تحرك “حزب الله” عسكرياً لمنع تنفيذ قرار الحكومة بوقف العمل بـ “سلاح الاشارة” (الاتصالات) للمقاومة.

وبعد وصول لحود وسليمان الى رئاسة الجمهورية من قيادة الجيش والتفكير حالياً في العماد جوزاف عون، فان العماد ميشال عون انتخب رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الاول من العام 2016، متأخراً 18 عاماً عنها، وهو العسكري الرابع الذي يصبح رئيساً للجمهورية في لبنان، من ضمن 13 رئيساً للجمهورية، تسعة منهم مدنيون، وهذه ظاهرة في لبنان امتاز فيها عن دول عربية او غيرها، بان يصل عسكري الى الحكم، دون انقلاب وبانتخاب دستوري، حيث يُطرح السؤال: لماذا لا يغيب اسم قائد الجيش عن لائحة المرشحين، حيث ينجح بعضهم في الوصول، وبعضهم يسقط اسمه وكان من بينهم اسم العماد جان قهوجي، حيث يضاف الى اسماء قادة الجيش، ضباط تولوا مديرية المخابرات والموقع للطائفة المارونية، اذ طُرح اسم العمداء غابي لحود، وسيمون القسيس وجوني عبدو وجورج خوري.

اما اسباب التوجه نحو قائد الجيش تحديداً، او ضابط ماروني، فليست واضحة، حيث يتقدم تحييد الجيش عن الصراع السياسي الداخلي، او الخلاف بين السياسيين ليتقدم شعار “الجيش هو الحل”، او ان المؤسسة العسكرية لم ينخرها الفساد، كما في مؤسسات اخرى، حيث بات العرف ان قائد الجيش هو مرشح دائم، ويوازيه حاكم مصرف لبنان، وان من يساعد على انتخاب قائد الجيش هي ظروف داخلية وخارجية، حيث من يصل الى السلطة هو قائد المؤسسة العسكرية وليست هي.

وان طرح اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، هو امر طبيعي، وهو اكد قبل ايام في لقاء صحافي، انه ليس مرشحاً لرئاسة الجمهورية، او يقدم نفسه، وهو بذلك يشير الى ان اختياره، له ظروفه، فاذا تم التوافق عليه، فلن يتأخر في خدمة لبنان، كما هو في الجيش، وفق ما يؤكد امام زواره، وهو يتعاطى بواقعية امام الاستحقاق الرئاسي، الذي يعرف كيف يدار داخلياً وخارجياً، ولديه القناعة، بان الظروف الداخلية، والظروف الدولية والاقليمية، هي من تصنع رئيس الجمهورية في لبنان، فاذا ما توافرت له، يحظى برئاسة الجمهورية، التي لا يسعى اليها، بل ان قوى سياسية وحزبية ومرجعيات اضافة الى دول، تطرح اسمه، الذي يلقى قبولاً ورفضاً، وهو بالانتظار.

كمال ذبيان – الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى