أبرز الأخباربأقلامهم

الياس بو صعب : فصل أم انفصال ؟!

المحامي لوسيان عون : عضو مؤسس في التيار الوطني الحر

يوم عقدنا خلوة تأسيسية نحن مؤسسو التيار الوطني الحر المئة استمرت لثلاثة أيام عقب عودة العماد عون من منفاه الباريسي، لم نكن نعتقد أنه سيتم اختطاف التيار في يوم من الايام، وسيصادر قراره من قبل شخص وسيتحوّل من حزب ديمقراطي نمى على شعارات السيادة والحرية والديمقراطية والإستقلال ومحاربة الإقطاع إلى حزب ديكتاتوري أحادي سيختذله ولي عهد بصورة مطلقة ، فكان أن طرد بسلطة الوالي المؤسسين القدامى واحداً تلو الآخر تحت ذرائع وحجج واهية، وحوّله الى شركة تجارية صرف لا تبغي الا الربح الوفير على حساب الكرامات والعزة والشرف والنضال الشريف طيلة عقدين من الزمن.

فصل دولة نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب كان حلقة من سلسلة إجراءات معيبة في حق شخص نظيف الكف وعصامي، ذنبه أنه ناقش افكاراً طرحت ولم تعجب ولي العهد، ما شكل لدى الأخير “جرماً” إرتكبه دولته في التيار، اذ خالف قاعدة : “نفذ…. وإياك الإعتراض”… “وإلا الفصل”،تلك العقوبة التي ابقيت سيفاً مسلطاً فوق رقاب المؤسسين والمنتسبين، وقد بقي في التيار المهللون والمصفقون والمطبلون و”مسّيحة الجوخ”، حتى اولاد شقيق العماد المؤسس وابن شقيقته، فقد باتوا ” غير مرغوب فيهم” ان لم يكن قد أضحوا من عداد ” الجواسيس والعملاء والخونة داخل التيار” ما بات يستوجب فصلهم عنه.

لقد الصقوا بعد عودة العماد عون من المنفى ابشع النعوت ب ” رفاق النضال والدرب” بدءاً باللواء ابو جمرة مروراً بعدد كبير من النواب والشخصيات والمحازبين والعناصر الذين وضعوا دمهم على كفهم منذ العام ١٩٨٩ ، ولم يبق سوى من كانوا بحاجة لدعمهم المادي فاستثمروهم حتى الرمق الأخير، ويا للصدفة أن يكون هؤلاء من رجال الأعمال والميسورين تعرض عليهم المناصب النيابية… “وفهمكم كفاية”….

ذروة الطعن بالظهر تمثلت بالانقلاب على دولة الرئيس بو صعب ،لكن ما تم إلصاقه بالآخرين تارة بطمعهم بمنصب وزاري وطوراً بالاثراء على حساب التيار والكسب المادي، لم ينجح في حالة بو صعب طالما كانت قيادة الحزب هي التي استفادت دولته والكل يعلم كم من مناسبة جرى خلالها استثماره ، وهو اشهر من أن يعرف بمناقبيته ودماثة خلقه وموقعه والمناصب الدولية التي يتولاها، وهو لم يكن بحاجة لامتطاء حصان التيار المترنح لكسب مزيد من المراكز والمناصب، بل شكل بو صعب للتيار قيمة مضافة، لكن كان متوقعاً أن يفصل نفسه عن هذه الحالة التي انهت حالها بحالها، وهي اليوم تعيش في عزلة غير مسبوقة، وهي تبحث عن رافعة تضمن المحافظة على آخر ارقام مكتسبة خلال الانتخابات النيابية الأخيرة.

أمس فصل بو صعب نفسه عن هذه الموجة الظرفية الغير سليمة سياسياً والتي لفظها الواقع السياسي المستجد، فلم يبقَ لها لا حليف ولا شريك ولا مؤيد، وقد تراجعت كتلتها من ٢٩ نائباَ الى١٧، والشهود كثر، كيف ولماذا… من بينهم الوزير السابق سليمان فرنجيه والنائب ايلي الفرزلي وسواهم ممن رفضوا اداء الطاعة والولاء لصاحب البلاط والباب العالي، وما هي أخبار الوفدين اللذين قصدا الضاحية للتعزية بوالدة السيد حسن نصرالله سوى ما يعكس الإنهيار الداخلي والصراع، والفرز التلقائي الذي تسبب به رئيس الحزب جبران باسيل ،وقد بات بعد فصل بو صعب على باب قَوسين من فصل النائب ألآن عون بما يمثل، فيحارب باسيل طواحين الهواء، ولا خسارة حزبية يجدها بعد اليوم ان بقي الى جانبه عمه وزوجته وحماته، وانما سيجد حرية زائدة بعيداَ عن اعتراض آلآف الحزبيين الذين قام الحزب على اكتافهم ونضالاتهم.

ذنب دولة الرئيس ان لا غبار على سيرته ومسيرته وتاريخه النظيف…. وكأن قيادة التيار لم تكن على علم بتاريخه النضالي الشريف يوم رغبوا في ضم بو صعب الى صفوفهم ،يومها لم يكن يهمهم عقيدته ولا فكره السياسي، بل قدراته المادية، ودعمه المعنوي، واصواته الانتخابية المتنية ،وهي النظرة التي فعّلوها لاختيار المقتدرين من الشخصيات التي عرضت عليهم اللوائح الانتخابية كما يعرضها التجار لمنافع خاصة، ولم يدرك يومها رجال الاعمال والمقتدرون من جيلبرت زوين الى ابراهيم كنعان الى عصام صوايا وسركيس سركيس ان الفكر السياسي ليس مطلوب لدى التيار، بل صناديق دعم لمشروع تجاري بحت، كشف النقاب عنه لاحقاً أنه يعمل ” على القطعة” ووفق المصالح والاهواء ،ليرتبط بالطقس والبحور……

اليوم، وقد انفصل بو صعب ( قبل أن يفصلوه) عن هذه التركيبة الهجينة، ومع فصل أقرب المقربين للرئيس المؤسس، سيعتبر التيار موجة عابرة أشبه بفصيل تابع لولي العهد…. ولكم سمعنا ممن هم اليوم أشد ولاءً للعماد عون بأنه من بعده لن يبقَ التيار على ما هو عليه اليوم، وهم يناصرونه ما دام عون على قيد الحياة، بعدها سيلتزم كل من هؤلاء منزله وسيعود كل فرد الى سربه بعدما تحولت شعارات التيار الى يافطة إلكترونية تتبدل شاشتها وفق المصالح وبدلات الايجار والتركيبات، وعلى القطعة كما يجاهر أتباع باسيل أنفسهم.

لقد دخل بو صعب إلى التيار شريفاً وبقيت يداه بيضاه لم تلطخ بالصفقات والسمسرات ،وفصل ذاته عن الممارسات المشبوهة لانه اختار يوماً الإنتماد الوطني خدمة للوطن لا لأفراد وجماعات وشركات سياسية،
هنيئاً لكل من انفصل عن تركيبة باتت تنتابها العزلة والضياع… لكن يجدر التحسّر على ضياع الوقت في محاولات يائسة لإصلاح مع جماعة تحت شعار مكافحة الفساد والإصلاح ومحاربة الإقطاع والحرية، جندت كل قواها لتكريس الفساد والتحالف وإياه، وترسيخ الإقطاع والتوريث السياسي ومحاربة الإصلاح ومنعه وقمع الحريات بهدف تطبيق شعار ” أنا أو لا أحد”!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com