أبرز الأخبار

السنيورة يقارع المستقبل بـ”الحردانين”

يضع تيّار المستقبل اللمسات الأخيرة على لائحة توافقية غير مكتملة مبدئياً (7 أعضاء من 8) ستخوض انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في بيروت في الأوّل من تشرين الأوّل المقبل. مفاوضات اللحظات الأخيرة تشهد صعوبات قد يستغلّها الرئيس فؤاد السنيورة لدعم لائحة مضادّة من «الحردانين»، على رأسهم النائب فؤاد مخزومي

أقفلت المديريّة العامّة للأوقاف الإسلاميّة، السبت الماضي، باب الترشيحات إلى انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى المقرّرة في 1 تشرين الأوّل المقبل. ورغم أن تشكيل اللوائح يبدأ بعد اجتماع اللجنة القضائيّة هذا الأسبوع للبتّ في قانونيّة الترشيحات، فإن اللائحة التي يُطلق عليها اسم «توافقيّة» في بيروت، والمدعومة من تيّار المستقبل ومفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان، باتت شبه مكتملة، في انتظار أن يُسمي رئيس «جمعية بيروت للتنمية الاجتماعيّة» أحمد هاشمية المرشح الأخير، وفي ظل مساعٍ لإنهاء بعض العوائق في ما خصّ الترشيحات مع طفرة المرشحين الذين وصل عددهم إلى أكثر من 35 يتنافسون على 8 مقاعد في العاصمة!

واللائحة التي يُتوقّع أن يُعلن عنها هذا الأسبوع، ستضم: محافظ جبل لبنان محمّد مكاوي، المدير العام لوزارة الخارجيّة هاني شميطلي، الشيخ فؤاد زراد، عبدالله شاهين ومحمد دندن. فيما تجري مفاوضات مع الجماعة الإسلامية التي لم تحسم أمرها بعد للانضمام إلى اللائحة بمرشحها عبد الحميد التقي.
ويأتي استعجال اكتمال اللائحة برغبةٍ واضحة من تيّار المستقبل الذي يجهد لقطع الطريق باكراً على تشكيل الرئيس فؤاد السنيورة لائحة مواجهة، وهو ما دفع الأخير إلى إصدار بيان في 28 آب الماضي، شدّد فيه على أنه «لم ولن أتدخل، كما أنه لا ينبغي لأحد أن يتدخل بالتأثير على هذه الانتخابات كائناً من كان»، ما يشير إلى نجاح «التيّار الأزرق» في «كربجة» رئيس الحكومة السابق في بيروت، فيما عدم قدرته على التأثير في الهيئة الناخبة في مسقط رأسه، صيدا، محسوم. لذلك، تشير الترجيحات إلى أن السنيورة الذي يبحث عن «خرم إبرة» لكسر «الحريريين» قد يدعم كل «الحردانين» الذين لن يتمثّلوا في اللائحة التوافقيّة. ومن بين هؤلاء النائب فؤاد مخزومي الذي يتردّد في الأوساط البيروتيّة أنّه تواصل في اليومين الماضيين مع عددٍ من الشخصيّات لدفعها إلى تشكيل لائحة قد تضم: القاضي المتقاعد فوزي أدهم، المحامي حسن كشلي (سبق له أن ترشّح على لائحة مخزومي في الانتخابات النيابيّة)، السفير بسام نعماني (قريب زوجة مخزومي)، المختار سليم المدهون والقاضي المتقاعد محمّد طلال بيضون. وما يشجّع مخزومي على خوض المغامرة رهانه على أن اللائحة التوافقية لن تضم ممثلين عن الجمعيّات الإسلاميّة، وأبرزها جمعيتا «الفتوّة» و«الإرشاد والإصلاح»، فيما تسير المعلومات إلى أن «جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة» لن تُرشح أحداً إثر الهزيمة التي لحقت بمرشحيها في الدورتين الماضيتين. علماً أن رئيس «جمعية الفتوة» الشيخ زياد الصاحب يؤكد أنّ «اللائحة التوافقية لم تتشكّل بعد حتّى تُستثنى منها جمعيّتنا، ولم نطلب من أحد أن يترشّح لتشكيل لائحة منافسة».

مخرجٌ للجمعيات؟
ويستبعد متابعون أن يكون «المستقبل» قادراً على تجاهل الجمعيّات التي تؤثر على أكثر من 30 صوتاً من أعضاء الهيئة الناخبة في العاصمة (138 ناخباً)، حتى لا يكرر السيناريو الذي حصل قبل نحو 10 سنوات، عندما «تكتّل» المشايخ حول الجمعيّات المُستبعدة وتمكّنوا من خرق اللائحة المدعومة من «المستقبل». فرغم قوة الشيخ فؤاد زراد في الهيئة الناخبة، ما مكّنه من خرق لائحة المستقبل وحيداً عام 2019، إلا أنّه غير قادر وحده على توحيد جميع المشايخ حول اللائحة، خصوصاً أن أمين دار الفتوى الشيخ أمين الكردي الذي كان مقرّراً أن يُسمّي الشيخ الثاني على اللائحة أبلغ مفاوضي المستقبل أنّه لن يتدخّل في الانتخابات، رافضاً دعم أي اسم.

وما يزيد من أزمة «المستقبل» أن المفتي دريان طلب أن تضم اللائحة التوافقية القاضي الشيخ وسيم فلاح، إذ إنّ علاقته بهاشمية متدهورة من جهة، كما أن ترشيحه قد يثير غضب المشايخ كونه محسوباً على رئيس المحاكم السنية الشرعيّة الشيخ محمّد عسّاف. لذلك، تشير المعلومات إلى ضغوط على الشيخ زياد الصاحب لسحب ترشيحه مقابل أن يُسمّي أحد أعضاء «الفتوّة» لحل معضلة رفض دريان دخول الصاحب في اللائحة، أو استبعاد «الفتوّة» ومرشّح جمعيّة «الإرشاد والإصلاح» وسيم المغربل، وهو ما يستبعده الصاحب، مؤكداً أنه طُلب منه أن يُسمي أحد أعضاء «الفتوّة» بدلاً منه، لكنّ «الطلب لم يأت من أي جهة رسميّة بطريقة جديّة».

أزمة القضاة الشرعيين

أزمة حصّة رجال الدين (العُرف يقضي أن يترشّح رجلا دين إلى المجلس) أقل وطأة من أزمة حصّة القضاة الشرعيين في بيروت بعدما ترشّح 3 قضاة، هم: فلاح ووائل شبارو وعبد العزيز الشافعي على المقعد نفسه. ويتخوّف المتابعون أن يزيد التنافس بين المرشحين الشرخ داخل محكمة بيروت ويؤثر على أدائهم الوظيفي، خصوصاً أنّ العلاقة بين عسّاف وكل من شبارو والشافعي سيئة جداً على خلفية قضية وقف «البر والإحسان». وبحسب المعلومات فإن ترشيح الأخيرين يهدف إلى تقليل حظوظ فلاح في الترشح على اللائحة التوافقية، وفي حال نجح دريان في «فرضه»، أن لا يكون وصوله مضموناً بسبب تشتّت أصوات القضاة الشرعيين. ولهذا، لم يحسم «المستقبل» بعد ترشيح فلاح على اللائحة. وإذا كان من الصعب تبنّي أحد المرشحين الـ3 أو ترك المقعد شاغراً، طرح بعض المفاوضين ترشيح القاضي الشرعي المتقاعد الشيخ أحمد درويش الكردي كمخرجٍ. غير أن مشكلة أخرى تبرز هنا، هي سوء العلاقة بين الكردي وعسّاف، إذ ترشّح أحدُهما في وجه الآخر، على المقعد نفسه منذ نحو 10 سنوات.

لا معارك في المناطق و«عجقة» مرشّحين في عكّار
على عكس بيروت، تبدو معركة انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى هادئة وشبه محسومة في المناطق. وكان مفترضاً أن يفوز المرشحون في دائرتَي جبل لبنان (الشيخ رئيف عبدالله وقاضي التحقيق حمزة شرف الدين) وصيدا (المحامون عبد اللطيف الزين وموفق الرواس وفايز البعاصيري) بالتزكية، إلا أن كثرة الترشيحات قد تعرقل الأمر.
وفي الشمال، يعمل النائب السابق سمير الجسر على تشكيل لائحة توافقيّة بعدما وصل إلى تفاهمٍ مبدئي مع النواب فيصل كرامي وجهاد الصمد وأحمد الخير والقوى السياسية والدينية الأُخرى. وإذا كان بات محسوماً أن يُسمي الصمد الشيخ أمير رعد، يتردّد أن الشيخ أحمد الأمين سيكون من حصة كرامي، وبلال بركة من حصة المستقلين المدعومين من جميع الأطراف بعد نجاحه في تجربته عضواً في اللجنتين الإدارية والمالية للمجلس، فيما لم يحسم أسامة طراد أمر ترشحه بعد مطالبته من أكثر من فريق بالترشّح.
ورغم هدوء المعركة في عكّار، إلا أنّ «المستقبل» لم يتمكّن بعد من ضبط ساحتها مع ازدياد أعداد المرشحين الذين باتوا أكثر من 8 يتنافسون على مقعد واحدٍ، والمفارقة أن معظمهم محسوبون على المستقبل الذي تؤكد مصادره أن غالبية الترشيحات حتّى الآن غير جدية، وأن المنافسة ستكون كالعادة بين 3 أو 4 مرشحين بعد أن يُعلن الباقون انسحابهم.

«الجماعة» في كل المناطق
بعدما اتّبعت «الجماعة الإسلاميّة» «عرفاً» بالترشح إلى انتخابات «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» في دائرتي بيروت وصيدا حصراً، تنوي توسيع مروحة ترشيحاتها لتشمل كلّ الدوائر، في تكرار لسيناريو الانتخابات النيابية عندما سمّت مرشحين في كلّ المناطق بهدف اختبار حجم قوتها. وعلمت «الأخبار» أنّ الجماعة ستُرشّح عبد الحميد التقي في بيروت، موفق الرواس في صيدا، عاطف قشوع في إقليم الخروب، كفاح كسّار في عكّار، وعبد العزيز كبّارة في الشمال. وفيما تشير المعلومات إلى أنّ «الجماعة» التي تنسّق مع «تيار المستقبل» في بيروت لضمّ مرشحها التقي إلى اللائحة التي يدعمها التيار، يتواصل المحسوبون عليها في الشمال مع الرئيس نجيب ميقاتي لتوحيد الموقف في انتخابات «الشرعي» على أن يُعقد اجتماع حاسم هذا الأسبوع.

شميطلي ومكاوي «يُطيّران» المصري؟
في المقابل، حُسم مقعدا الإداريين بتبنّي ترشيح شميطلي ومكاوي لكوْنهما يدوران في فلك «المستقبل» ويمتلكان شعبيّة في أوساط القضاة والإداريين في الهيئة الناخبة. لكنّ ترشيحهما قد يُعطّل رغبة دريان و«المستقبل» بتعيين المدير العام لوزارة العدل القاضي محمّد المصري في المجلس (فضّل التعيين على الترشّح)، كون الاثنين يُعتبران من حصة القضاة العدليين والإداريين من الفئة الأولى، خصوصاً أنّ دريان حسم مبدئياً معظم أسماء الذين سيعيّنهم بعد انتهاء الانتخابات (كسمير الجسر نائباً للرئيس ونقيب المحامين في الشمال السابق محمّد المراد….)، وهو يُفضّل أن تكون التعيينات مخصّصة للتصنيفات الوظيفيّة الناقصة (إذا نقصت أعداد المشايخ يُعيِّن شيخاً مثلاً) أو المناطق (كعكار مثلاً المخصّص لها مقعد واحد).

لينا فخر الدين – الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى