أخبار محلية

حين يتذاكى باسيل

المصدر: المدن

لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل طريقته في التذاكي عند تقديم أو تسويق الأمور، ومنها صندوقه الائتماني المنتظر. فحسب تغريدات باسيل، هناك بعض “البنكرجيّة وأصحاب المنظومة والماليين” الذين يريدون بيع أصول الدولة، لتسديد الودائع. لكنّ مشروعه الحريص هو العكس تمامًا. مشروعه هو حماية أملاك الدولة من “الجشع والطمع والسرقة”، عبر الحفاظ على ملكيّة الدولة لهذه الأملاك ضمن “الصندوق الائتماني”، ومن ثم استثمارها من قبل القطاع الخاص، ورد أموال الودائع من أرباح العمليّة. بهذا الشكل -الذي يستخف بعقل أي متابع ملم بالموضوع- يحاول باسيل تسويق فكرته، التي لا تختلف عن مشروع “البنكرجيّة” أو أمل أو القوّات بشيء، باستثناء رغبته بوضع اليد على الصندوق، قبل أن تضع قوّة أخرى يدها عليه.

فبخلاف ما يقوله باسيل في تغريدته، لم تطلب جمعيّة المصارف أو “البنكرجيّة” (ومنهم من هو محسوب عليه بالمناسبة)، ولا من يسميهم قوى المنظومة، بيع أصول الدولة فورًا. فهؤلاء أكثر من يدرك أنّ عمليّة من هذا النوع لن تأتي للدولة سوى بالفتات، وخصوصًا في ظل الانهيار القائم اليوم. وبذلك، لن ينتج عن هذه العمليّة سوى سداد جزء يسير جدًا من الودائع، وبما لا يتخطّى الـ13% من إجمالي قيمتها حسب بعض الدراسات، ما سيبقي القطاع المصرفي في حالة التعثّر القائمة.

مشروع المصارف، هو العكس تمامًا: إعفاؤها من إلتزاماتها لصالح المودعين، مقابل تحويل هذه الودائع لتصبح إلتزامًا على “صندوق” ما، على أن يختص الصندوق باستيعاب الأصول العامّة واستثمارها على المدى البعيد، عبر إعطاء رخص تشغيل واستثمار هذه المرافق للقطاع الخاص. بهذا الشكل، تتخلّص المصارف من كتلة الخسائر التي تثقل كاهلها، وتنفتح للطبقة السياسيّة اللبنانيّة جنّة من صفقات الشراكة مع القطاع الخاص، كتلك التي خبرها اللبنانيون في قطاعات البريد والخليوي والمطامر والكهرباء وغيرها.

في خلاصة الأمر، ما يطرحه باسيل لا يختلف عن ما هو مطروح من قبل معظم القوى السياسيّة، ولا يختلف حتمًا عن مشروع “البنكرجيّة”، كما سماهم في تغريدته. ما يطرحه باسيل هو تحديدًا الوجهة التي يذهب باتجاهها كل هؤلاء، فيما يندفع باسيل للتفاوض على هويّة الطرف الذي سيضع يده على هذا الصندوق. مع الإشارة إلى أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان قد انصاع لضغوط لوبي المصارف، عبر استحداث فكرة “صندوق استرداد الودائع” ضمن خطّة حكومته، والتي تذهب باتجاه تحميل المال العام كلفة ردم فجوة خسائر المصارف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى