أبرز الأخباربأقلامهم

فائض القوة … والاستقواء: من عين إبل إلى الكحالة

 

جان الفغالي

كم من شاحنة تحمل شحنات عسكرية، فمن أين تنطلق؟ هل من البقاع أو من سوريا؟ وإلى أين تتجه؟ هذا يطرح السؤال الأساسي: ما هو المدى الذي سيبلغه حزب الله في استباحة الدولة؟ ماذا بعد عين إبل ثم الكحالة، وقبل ذلك الطيونة؟ هل اتخذ الحزب قرارًا ببدء استثمار فائض القوة، بل فائض الاستقواء؟

شهيرة ردّة فعل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، حين رُفِع إليه تقريرٌ عن أحداث الكحالة في سبعينيات القرن الماضي، إذ بادر بالقول إلى أحد معاونيه: “عايز أشوف الكحلة فين”؟

مغزى هذه الرواية أنّ بلدة الكحالة تقع جغرافيًا في تقاطع بالغ الدقّة، ظهر ذلك في محطات بارزة: ابتداءً من عامي 1969 و1970، إلى “حرب السنتين” بين العامين 1975 – 1976، مرورًا بالعام 1982 أثناء الاجتياح الاسرائيلي والعام 1990 أثناء الاجتياح السوري، وصولًا إلى اغتيال المصوّر جو بجاني، واليوم مقتل، في ما يشبه الاغتيال، فادي يوسف بجاني.

في 25 آذار 1970 قتل الفلسطيني سعيد غوّاش من مخيم تل الزعتر، وكان ضابطاً في الكفاح المسلح الفلسطيني.

جرت محاولة لنقل الغواش عبر مطار بيروت إلى الأردن ولكن العملية لم تتم، تقرّر نقله برّاً إلى دمشق عبر موكب مسلح. خلال مرور الموكب في الكحالة أطلق مسلحون النار في الهواء وحصل احتكاك مع عدد من الأهالي الذين أصيب عدد منهم، ولكنّ الموكب مرّ وأكمل طريقه. جرت محاولات لمنع الموكب المسلّح العائد من سوريا من المرور في الكحالة ولكن المحاولة فشلت. خلال عبوره حصل الإشتباك الذي أدّى إلى سقوط عدد من القتلى .
في حرب السنتين، وقع هجومان صاعقان على الكحالة، في شهر آذار من العام 1976، الاقسى كان الهجوم الثاني ، أطلق الشهيد الرئيس بشير الجميل نداءه الشهير عبر اللاسلكي موجِّهًا كلامه إلى المدافعين عن الكحالة: “لن أسمح بدامور ثانية” (وكانت الدامور قد سقطت على يد منظمة الصاعقة في كانون الثاني من العام 1976، أي قبل شهرين من الهجوم على الكحالة).

بعد أربعة عشر عامًا على الهجوم على الكحالة، جاء الاجتياح السوري في عملية 13 تشرين 1990، حين دفعت الكحالة ثمنًا غاليًا من أرواح بنيها.

عملية 7 آب التي نكلت بشبان الأحزاب السيادية، بدأت شرارتها في الكحالة، فأثناء مرور البطريرك صفير في طريق عودته من الجبل، أوقف في الكحالة وأُطلقت شعارات مندّدة بالرئيس إميل لحود والمنظومة الأمنية السائدة آنذاك ، فكانت تلك الوقفة الاحتجاجية الشرارة لـ7 آب في اليوم التالي.
النقطة التي فاض بها كوب المرارة لدى أبناء الكحالة ، كانت في اغتيال المصور جو بجاني أمام منزله، حتى اليوم لم يظهر شيء في التحقيقات، أو بشكل أدق لم يُعلَن شيء عن التحقيقات، وقد بلغ الغموض بهذه القضية جدًا دفع زوجته مع ابنتيه الصغيرتين إلى مغادرة لبنان نهائيًا.

اليوم ، يتمّ الاستقواء مجددًا على الكحالة، يُقتَل أحد ابنائها فادي بجاني، وهو من الجيل الذي قاتل في الكحالة، فكان منضويًا أولًا إلى حزب الكتائب ثم التحق برئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية آنذاك إيلي حبيقة، الذي أسّس لاحقًا حزب الوعد، وكان من القريبين جدًا منه.
ولهذا فإنّ مقتله، في ما يشبه الاغتيال، من شأنه أن يحدث دويًا في الكحالة.

اليوم بعد كلّ الذي جرى، يسأل المواطن العادي: كيف تمرّ شاحنة بمواكبة ميليشيوية، كتلك التي شهدها كوع الكحالة؟ والسؤال الثاني: لو لم تنقلب الشاحنة لكانت أكملت طريقها إلى المستودع لتُفرغ حمولتها، وعليه فكم من شاحنة تحمل شحنات عسكرية، فمن أين تنطلق؟ هل من البقاع أو من سوريا؟ وإلى أين تتجه؟ هذا يطرح السؤال الأساسي: ما هو المدى الذي سيبلغه حزب الله في استباحة الدولة؟ ماذا بعد عين إبل ثم الكحالة، وقبل ذلك الطيونة؟ هل اتخذ الحزب قرارًا ببدء استثمار فائض القوة، بل فائض الاستقواء؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى