أبرز الأخبار

ملايين الدولارات توزعت في الضاحية الجنوبية

جلال نعنوع
كانت ذكرى عاشوراء هذا العام في الضاحية الجنوبية لبيروت “سوبر استثنائية”، وجميع من قصد الضاحية منذ عشرة أيام حتى اليوم، رأى بأم العين ما لم يشهده لبنان في تاريخه: مئات المضافات المنظمة والمهندسة مع الذكرى على جوانب الطرقات، ومئات الحواجز الفردية وسط الطريق، تعطيك، رغما عنك، الماء والحلوى، “على حب الحسين”.

اللافت في هذا العام، كمية المضافات المنظمة، أي الأكشاك التي توزع الطعام والشراب مجانا لكل من وقف منتظرا دوره، طيلة عشرة أيام، منذ الأول من محرم وحتى العاشر منه. وتتنوع الضيافة عند كل مضاف، فمنها من يعد الهريسة، الوجبة الأكثر ارتباطا بعاشوراء، ومنها من يعد الرز باللحم والدجاج، ومنها ما يعد “عروسة اللبنة” مع الخضار، بالإضافة الى تحويل بعض الخيم لأفران تخبز فيها المناقيش و”كعك العباس”، وأخرى فيها الحلويات والفواكه على كل أنواعها..

مراقبون للمضافات الحسينية أكدوا أن تكلفة المضافات في لبنان إجمالا زادت عن المليون دولار أميركي، والقسم الأكبر من الأموال كان يصرف للمضافات في الضاحية الجنوبية، ومصادر التمويل، بحسب المراقبين، أتت من مغتربين لبنانيين، خصوصا في أفريقيا، حيث علم بأن عددا من رجال الأعمال الشيعة دفع كل منهم مئة ألف دولار لإطعام من يشاء من السكان لأي جنسية انتموا.

في الحسابات المبدئية، كل خيمة للضيافة تحتاج ميزانية يومية بحدود الألف دولار يوميا، أي بتكلفة وقدرها 10 آلاف دولار في أيام عاشورء، وإذا تحدثنا عن مئة مضيف فقط، فإن التكلفة خلال الأيام العشر تتخطى المليون دولار. وطبعا، بحسب المراقبين، فإن التكاليف الإجمالية للمضائف الكبيرة على جميع الأراضي اللبنانية تتخطى ال850 مضيفا، عدا عن آلاف المضائف الصغيرة، في إحصاء غير رسمي.

وحول تنسيق التبرعات للمضائف، أكد المراقبون أن التبرعات وصلت مباشرة الى “أحد الأحزاب الفاعلة والموثوقة”، الذي قام بتوزيع المضائف على مختلف أحياء الضاحية، وكان للشوارع الواسعة الدور الأبرز للمضافات الكبيرة، خصوصا في مناطق حارة حريك وبئر العبد والسان تيريز والجاموس وأوتوستراد السيد هادي نصرالله، حيث كانت المضائف “على مد عينك والنظر”، وطبعا، لا يمكن أن ننسى المبادرات الفردية، التي غصت بها شوارع وأحياء الضاحية، ليصرّ الأهالي الفقراء، على إطعام الفقراء، والتي تمثلت بانتشار الأهالي وأبنائهم في الطرقات، حاملين بيديهم أقراص “العباس”، وعبوات المياه الباردة، وسلات الفواكه الموسمية، وقطع الحلوى. وهنا، يصر الأهالي أينما حللت في الضاحية، على أن تأخذ منهم، حتى لو أنك أخذت من 10 مضائف سبقتهم، طمعا منهم بأجر متساو للضيف والمضيف. وبالطبع، كي لا ننسى، يمكنك أن تشرب مئة فنجان قهوة أو شاي مجانا، اذا قمت بجولة يوما واحدا في الضاحية!

وردا سؤال حول وجود عدد كبير من السوريين والفلسطينيين، الذين ينتظرون حصصهم من الهريسة والأرزّ والمياه والعصائر، ويقفون في طوابير المضافات، قال المتابعون: الحسين للجميع، وفي الإطعام لا تمييز بين شخص وآخر بأي شكل من الأشكال.

وفي سياق متصل، أكدت مصادر مواكبة لهذه المضافات، أن الحزب الذي نسقها، كان يأخذ عينات بشكل يومي وأحيانا غير مرة في اليوم الواحد، من المضائف التي تطبخ الطعام، وذلك قبل توزيعها على الناس، ولدى سؤال تلك الجهات حول السبب، كان الجواب أن ذلك يتعلق بإجراءات أمنية، دون الكشف عن السبب، الا أن الرد بالموافقة على توزيع الطعام للزائرين يكون خلال وقت قصير. في حين أن مصادر متابعة رجحت أن يكون فحصا لجودة الطعام وصحته، حرصا على الأهالي الذين سيتناولون هذه الوجبات.

في المحصلة، حسنات عاشوراء هذا العام في لبنان، وخصوصا في الضاحية الجنوبية لبيروت، كانت وحتى الآن، على كل لسان، فلا جائع، ولا عطشان، إثباتا بأن ما مر به “الحسين” لن يتكرر في هذا الزمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى