بأقلامهم

معركة رياض سلامة فتحت…خط تماس جديد / ألمحامي لوسيان عون

ألمحامي لوسيان عون – كاتب ومحلل سياسي

هي واحدة من ابرز المعارك المستعرة بين الممانعين والحلفاء إن جاز التعبير.
سلامة الذي تربع على امبراطورية لبنان المالية على مدى ٢٩ عاماً متواصلاً لم يأت التصاقه بعرش حاكمية مصرف لبنان من العدم لكن جزءاً من التوازنات وشد الحبال الذي فرض نفسه على اللعبة السياسية. عملية معقدة استمرت لثلاثة عقود من الزمن يصح كتابة مجلدات عنها، نكتفي بعرض آخر فصولها الشيقة والتي دارت وتدور رحاها بين عوكر وبعبدا.
بعبدا فرضت وزكت سلامة من خارج جدول اعمال مجلس الوزراء لكنها انقلبت عليه بعدما عمدت الى تغطيته، وعندما وقع الانهيار وجدت جسمه ” لبيس” فالصقت به كافة التهم والجرائم علماً انه كان يتردد الى بعبدا ويطلع رئيس الجمهورية اولا باول بآخر تداعيات الانهيار الاقتصادي الذي بدا يستفحل مع وصول عون الى القصر الجمهوري وإلا ،فان اجتماعات بعبدا تبقى بروتوكولية بهدف التقاط الصور التذكارية والتصاريح الروتينية على مدخله.
وبعيداً عن دفاعنا عن الحاكمية وشخص الحاكم المسؤول عن الصرفيات وسن تشريعاتها هو المجلس النيابي، والكل يعلم انه لا تنفق ليرة واحدة الا بقانون يصدر عن مجلس النواب او مرسوم صادر عن مجلس الوزراء بناء على تفويض تشريعي من المجلس. تبقى الهندسة المالية التي يضعها المجلس المركزي لمصرف لبنان والتي تعنى بسياسة النقد والتسليف وهي محكومة بتشريعات حصرية وتعاميم علنية تنشر وفق القانون والانظمة المرعية. لكن رغم كل الجعجعة والطحن والصراخ الذي شاب حقبة حكم التيار العوني للسنوات الست ،فسلامة بقي امبراطوراً تظلله وتحميه الخطوط الحمر الدولية ،فبقيت تدابير القضاء الخجولة والعقيمة عاصية عن التنفيذ بحق الرجل فلا البحث والتحري اعطى مفاعيله بحقه ولا المذكرات والاستدعاءات الاخرى، ولم تتخذ الاجراءات الا بالتزامن مع ضمانات للولايات المتحدة بالحضور الى قصر العدل وارتشاف فنجان قهوة لا اكثر ولا اقل – على اعين المجتمع والرأي العام – اما حماية مقرات اقامة سلامة فتؤمنها وحدات من الجيش اللبناني مع علمها بالبحث والتحري والاستدعاءات في حين ان الحاكم الامبراطور يعقد تباعاَ مؤتمرات صحافية وندوات واجتماعات مع كبار المسؤولين في المال والاقتصاد وفي مقدمهم وزراء المال والاقتصاد ورئيس جمعية المصارف وجمعية الصناعيين والتجار كما المسؤولين الدوليين الوافدين الى لبنان ناهيك عن لقاءاته تباعاً مع الرؤساء الثلاثة.
آخر التدابير التي اصدرتها القاضية غادة عون منع سفر سلامة قبل ادلائها بتصريح مخفف لسقف الملاحقات مفاده ان كل شخص بريء الى حين ثبوت التهم الموجهة اليه وبعد تحرك السفيرة الاميريكية تجاه عين التينة وما شاب اللقاء من مد وجزر.
بات جدير ذكره ان الاشتباك بين الحلفاء والممانعين يشتد على أكثر من جبهة تزامناً مع اقتراب الاستحقاقات الدستورية الداهمة، احد محاوره خط تماس رياض سلامة الذي يطاوله رصاص الممانعة ولم يقع، ويبدو ان ثمة ردود مرجح تصاعد وتيرة ضغطها من قبل الحلفاء باتجاه الممانعة لان تطيير سلامة كما تطيير البيطار على محور المرفأ والذي ربحت معركته الولايات المتحدة لن يكون بالسهولة التي خالها الثنائي الشيعي لكونه يشكل احد المتاريس الدولية المنتشرة من العراق وسوريا ولبنان حتى افغانستان وأن خط انتشار البيطار – سلامة – بعبدا اضيف إليه بالأمس متراس حي الاميركان ليضاف إلى الطيونة ( معراب) والمرفأ والحمرا ( مصرف لبنان).
حقبة تاريخية تدخل المجهول… وحافلات تشبه بوسطة عين الرمانة بانتظار ختم قضية الملف النووي الايراني كما ختمت قضية فلسطين بالشمع الاحمر عربياً ودولياً بعد الاجهاز على المخيمات الكبرى وترحيل أبو عمار والتطبيع العربي مع الدولة العبرية.
عام مصيري تكثر فيه الاستهدافات وخطوط التماس والرسائل السياسية وربما الأمنية، منها بهدف التعطيل واخرى بهدف الاطاحة برؤوس كبيرة لان ” الدق محشور” مع اكثر من فريق سياسي يشعر أن مصيره عالق بين الحياة أو الموت السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى