أبرز الأخبار

هل يشهد لبنان انقلابا سياسيا مدعوما من الغرب؟

علاء خوري\ ليبانون فايلز

قبل أشهر وصلت الى بيروت رسائل غربية تؤكد أن المسار السياسي الذي تسير به القوى اللبنانية غير مُطمئن والاستمرار في النهج نفسه قد يضطر الدول المعنية بالملف اللبناني الى تغيير مسارها مع الجانب اللبناني القابض على زمام السلطة، لان الامور في المنطقة تتجه نحو التهدئة في معالجة الازمات وتتطلب من الدول المعنية ملاقاة هذا التغيير برؤية اصلاحية شاملة وجذرية وفق متطلبات المرحلة.
تزامنت الرسائل مع استقبال بعض عواصم القرار شخصيات اكاديمية وسياسية لبنانية للاطلاع منهم على التفاصيل اليومية لما يجري في البلاد ومطابقتها على التقارير الواردة من السفارات خصوصا في الشق الاقتصادي والمالي حيث ساهمت الازمة بتوسع الجريمة المنظمة كتبييض الاموال والتهرب الضريبي، وهو ما ترصده الدول المعنية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تخشى من اقتصاد الكاش وما يترتب عنه من عمليات تبييض اموال تكثر اليوم في لبنان حيث يُعتبر أرضا خصبة لهكذا نوع من الجرائم المالية والتي تُغذي قوى سياسية نافذة في البلاد.

سرَّع التفاهم الاميركي الايراني والذي يُطبخ في سلطنة عمان خارطة الطريق الشرق اوسطية، وسنلحظ من خلالها تغيرات جوهرية في عدد من البلدان ومنها لبنان الذي يعيش مرحلة انتقالية صعبة تُمهد لهذا التغيير السياسي بالدرجة الاولى حيث تُراهن عواصم القرار على ادخال نَفَس جديد يُنهي الحقبة التي امتدت منذ تسعينات القرن الماضي. ويُشكل الفساد وارتباطه بالازمة المالية في البلاد عنصرا جوهريا لهذا التغيير. من هنا جاء بيان صندوق النقد الدولي والذي تحدث عن اسباب الازمة الاقتصادية وتفاقمها وتعود برأيه الى “الإخفاق في اتخاذ إجراءات سياسية ورفض المضي بالإصلاحات والتي تحول المصالح الشخصية من دون إجرائها”. تصويب صندوق النقد الدولي على المسؤولين بادارة الدولة هو اشارة لدول الخارج بأن الامور لا تزال على حالها بسبب أهل الحل والربط في لبنان، ودليل اضافي بيد تلك الدول للتحرك باتجاه فرض عقوبات على المعرقلين وغالبيتهم من القوى السياسية والحزبية الممثلة في الحكومة وفي مجلس النواب ويوجد في ملفاتها الكثير من علامات الاستفهام حول ثرواتها في لبنان والخارج. ومسألة العقوبات باتت من المسلمات بحسب مصادر دبلوماسية غربية حيث تشير في مجالسها الى أن دولها أعدت قائمة باسماء النافذين الذين ستصدر بحقهم عقوبات وذلك في اطار الضغط واعطاء مبادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان زخما للضغط من خلالها على المعنيين لتسهيل مهمة الانتقال الى مرحلة جديدة من الحكم في البلاد.

وتستغرب المصادر استخفاف القوى السياسية بالازمة وعدم اكتراثها لتداعياتها، ظنا منها أن الغرب مشغول بملفات كثيرة ابرزها الحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، ولكن الامور في لبنان تختلف خصوصا من الناحية الاقتصادية حيث تحول البلد الى اكبر مصدر للكبتاغون في السنوات الاخيرة ويدير شبكة منظمة لتهريب الاموال وتبييضها عبر قوى حزبية نافذة، الامر الذي يشكل تهديدا جديا لمصالح الدول في المنطقة وبالتالي لا يمكن السكوت عنه او محاربته.

هذه القراءة دفعت ببعض المتحمسين من القوى المعارضة للاحزاب في السلطة الى “التبشير” بـ 17 تشرين سياسية قد تطيح بالقوى الحزبية التي تمسك زمام المبادرة في لبنان وتعطي فرصة للنخب الجديدة لادارة البلاد، غير أن مثل هذه التوقعات لا يمكن البناء عليها الا في حالة حدوث حرب أهلية في لبنان تنتج قوى حزبية على انقاض التي تحكمنا اليوم، وهو مشروع برأي القوى الحزبية وتحديدا المقربة من حزب الله، بعيد المنال أقلَّه في الوقت الراهن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى