أبرز الأخبار

مواقف البطريركية المارونية ثابتة والسياسيون متغيرون…”ما حدا يلبسنا ثوب مش النا”

لحظة بلحظة تابع البطريرك بشارة الراعي ما كان يجري على الأرض ليل السبت – الأحد على خلفية توقيف الناشط وليم نون شقيق الضحية في جريمة تفجير المرفأ جو نون، علما أنه كان لا يزال خارج الأراضي اللبنانية. وبالمباشر نقل رسالة إلى من يعنيهم الأمر قبل أن تحط طائرته في مطار بيروت الدولي مفادها”إذا لم يصر إلى إطلاق سراح وليم نون في غضون ساعات سأتوجه مباشرة إلى مكان توقيفه في مقر أمن الدولة للقيام بذلك”. وصباح اليوم تابعت البطريركية المارونية عملية مثول 12 شخصا من أهالي ضحايا تفجير المرفأ للتحقيق في ثكنة بربر الخازن حتى لحظة خروجهم وتركهم رهن التحقيق وكذلك الأمر عند توجه كل من وليم نون وبيتر بو صعب بسيارة النائب جورج عقيص الذي أصر على اصطحابهما إلى مقر أمن الدولة في الرملة البيضاء لإقفال ملف التحقيق معهما.

غيض من فيض ما نقرأه ونسمع به من مواقف للبطريرك الراعي سواء منذ يومين أو في عظاته كل نهار أحد منذ الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية. لكن قصة أهالي ضحايا تفجير المرفأ قصة، والراعي والكنيسة المارونية لن يقفا حتما مكتوفي الأيدي إزاء ما حصل ويمكن أن يحصل خصوصاً أن ملف التحقيق مع أهالي الضحايا لم يقفل بعد.

ردود الفعل على موقف الراعي والكنيسة مما حصل حمل الكثير من التناقضات “لكن في العمق لا يمكن اعتبار موقف البطريرك الراعي إلا استمرارية لمواقف 76 بطريركا سبقوه” يقول منسق “التجمع من أجل السيادة” ومدير مركز “مينا جيوبوليتكس” نوفل ضو لـ”المركزية” ويتابع :”مواقف البطريركية المارونية ثابتة لأنها مرتبطة بخلفية سلامة الكيان واستقلاله ومصلحة الشعب في هذا الكيان،بالتالي فإن كلام الراعي ثابت ولا يتغير في حين تستند مواقف السياسيين إلى مصالح متغيّرة ويبثّونها إستناداً إلى رؤيتهم الذاتية”.

ما حصل ليل السبت-الأحد استوجب تدخل الكنيسة ليس من باب التدخل في الشأن القضائي أو الإعتراض على القرارات الصادرة عنه كما حاول البعض تفسيره” فالراعي أراد من موقفه المباشر تأكيد الحفاظ على كيان الدولة وتطبيق الدستور والحفاظ على موقع لبنان العربي والغربي والعودة إلى ميثاق 1943 أي عدم تبعية لبنان لا للشرق ولا للغرب في حين أن صيغة الحكم تبدلت. أما موضوع حضور الطوائف فيندرج تحت هذا السقف وهذا الموضوع أساسي والبطريركية المارونية حريصة عليه”.

وفي مقاربة للمحطات التي وقفت فيها البطريركية في وجه أي محاولة لخطف لبنان وتغيير هوية استقلالية الكيان، يشير ضو إلى أن ما يحصل اليوم يشبه مواقف البطريركية المارونية عام 1929 عند قيام لبنان الكبير والإستقلال عام 1943 بحيث وقفت مع الإستقلال وقادته.وليست معركة اليوم أقل شانا من زمن التأسيس والإستقلال وصولا إلى زمن التحرير الذي قاد لواءه البطريرك الراحل الكاردينال نصرالله صفير عام 2005، من دون إغفال دور البطريرك المعوشي في الحفاظ على دور الدولة”.

وردا على سؤال حول الكلام الإعتراضي على تدخل الكنيسة في الشأنين السياسي والقضائي يوضح ضو:”موقف الكنيسة في الحفاظ على استقلالية القضاء وإحقاق الحق واحترام ميثاق العيش المشترك ومؤسسات الدولة وتطبيق الدستور بمثابة البديهيات ولا يمكن لأي مرجعية إلا أن تذكّر بها. التدخل في الشأن السياسي يحصل عندما تدخل الكنيسة كطرف في تسمية هذا الرئيس أو ذاك وليس عندما يقول لهم الراعي إذهبوا وانتخبوا رئيساً. أكثر من ذلك عندما يقول الراعي حافظوا على المؤسسات الدستورية لأنه على يقين بأن البديل عن ذلك هو الفوضى، وعندما يطالب بتطبيق الدستور إنما لأن البديل هو شريعة الغاب”.

ويختم ” ما يقوم به الراعي يعبّر عن صوت الضمير وبديهيات الأموروالأخلاقيات التي يجب أن يتّبعها السياسيون وأفراد الشعب”.

بدوره، يؤكد رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم عبر “المركزية” أن محاولات إثارة الفتنة التي تظهرت في المدة الأخيرة بدءا من التعرض للرموز الدينية ورسم شعارات على منازل المسيحيين في بريح أو كما حصل في كفرقاهل في الكورة بحيث كان هناك تعرض بالمباشر للراعي كل هذه الممارسات الإستفزازية وضعتها الكنيسة في عهدة القضاء لأنها لا تملك ميليشيا ولا سلطة إجرائية لها على الأرض إنما تكتفي برفع الصوت إحقاق الحق ضمن أجهزة القضاء”.

ويلفت أبو كسم في معرض تعليقه على تحرك الكنيسة على خلفية توقيف وليم نون “إلى أن الكنيسة ليست ضد القضاء والإجراءات القضائية الكنيسة تقول “أحكموا بالعدل”. ويستغرب انتقاد البعض تدخل الكنيسة لا سيما وأن كاهنا وهو خال نون الأب جورج صوما تعرض للضرب وهو يرتدي ثوب الكهنوت وكان يعمل على تهدئة الوضع. فهل يمكن أن تقف الكنيسة مكتوفة اليدين أمام مشهد مماثل؟إنطلاقا من ذلك يضيف أبو كسم” التعرض للكهنة مرفوض لأنهم لا يدعون إلى العنف إنما إلى المحبة والسلام وهذه رسالتنا إضافة إلى الحفاظ على لبنان بكل مقوماته وما حدا يلبسنا ثوب مش لإلنا”.

ويختم بقول للكاردينال صفير” الموارنة صنعوا لبنان لكن لبنان ليس للموارنة وحدهم”.

المصدر: المركزية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى