بأقلامهم

لبنان واسرائيل بحاجة لهذا الاتفاق/ غابي .س. ايوب

بقلم الكاتب والمحلل السياسي غابي ايوب

 

 

 

في ظل الأزمة الاقتصادية العنيفة التي يشهدها لبنان حتى الآن، لم يكن أمام «حزب الله» سوى الامتناع عن عرقلة عملية التفاوض، خوفاً من تداعيات ذلك على شعبيته إذا ما استقر في أذهان اللبنانيين أن الحزب يحول دون فتح نافذة فرص مهمة للتغلب على الأزمة الاقتصادية.

قال خبراء لبنانيون إن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لحل النزاع المستمر منذ عقود بينهما في شرق البحر الأبيض المتوسط سيكون له تداعيات إيجابية قصيرة وطويلة الأمد على الاقتصاد اللبناني، فيما أجمع مراقبون إسرائيليون أن اتفاق ترسيم الحدود الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة الأمريكية منذ عامين يخدم مصالح إسرائيل الأمنية والسياسية والاقتصادية.

بعد قرابة عامين من الاتصالات المعلنة حيناً، والسرية في أغلب الأحيان، بين إسرائيل ولبنان بوساطة أميركية، صدرت تصريحات واضحة من الأطراف الثلاثة بالتوصل إلى اتفاق يقضي بترسيم «مؤقت» للحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل،  يوم الخميس الواقع في 2022/10/27 وبما يسمح لكلا البلدين باستغلال ثرواته من الغاز في البحر المتوسط.

وإلى جانب الغموض بشأن مصير اتفاق ترسيم الحدود البحرية، ثمة تساؤلات حول دوافع لبنان وإسرائيل للتوصل إليه وفي هذا التوقيت، والعوامل التي تدفع نحو تنفيذه أو قد تعيق طريقه في كلا البلدين، ومدى إمكانية اعتبار الوسيط الأميركي ضامناً للاتفاق، وحكماً في أي خلاف يمكن أن ينشأ بين البلدين مستقبلاً، فضلاً عن التساؤل بشأن التوصيف الدقيق لهذا الاتفاق ودلالاته في سياق مشروعات ونماذج التسوية ودعم السلام بين إسرائيل ومحيطها العربي.

وهذا يعني أن الاتفاق الذي وقعته الحكومة الإسرائيلية المؤقتة بقيادة يائير لابيد، قد لا يصمد في حال التصويت عليه في الكنيست، بالإضافة إلى أن بعض الجمعيات الحقوقية في تل أبيب تقدمت للمحكمة العليا بطلب منع حكومة لابيد من المُضي في تنفيذ الاتفاق، ومن المنتظر أن تصدر المحكمة حكمها بهذا الشأن في السابع والعشرين من شهر أكتوبر 2022، أي قبل أربعة أيام من إجراء الانتخابات العامة.

يرفض زعيم «حزب الله» اللبناني، حسن نصرالله، وصف العملية التي جرت بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أميركية، بأنها مفاوضات أفضت إلى اتفاق، ويُفضل وصفها بأنها «تفاهم» مثل التفاهمات التي تم التوصل إليها في أعقاب كل المعارك والحروب التي خاضتها إسرائيل، ضد جهات لا تعترف بها، وتسعى لتدميرها (حزب الله، وحركتا حماس والجهاد الفلسطينيتان). ويؤكد نصرالله، من خلال هذا التناول، أن ما جرى لا يمكن اعتباره اتفاقاً مُلزماً ينهي ما يسميه هو بـ«حق المقاومة في العمل ضد إسرائيل»، كما أنه ليس اتفاقاً يقود إلى «تطبيع العلاقات» وعقد لقاءات مباشرة في وقت لاحق بين مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين.

قد تتغير هذه الديناميكيات في مرحلة ما، لكن عاملين يشيران إلى استقرار الاتفاقية على الأقل على المدى المتوسط. الأول هو عزوف إسرائيل وحزب الله عن الدخول في مواجهة مفتوحة. وهكذا تشكّل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية هذه امتدادًا لمنطق الانسحاب الذي وضعه الطرفان بعد حرب يوليو/ تموز 2006. أما العامل الثاني، فهو الفوائد الاقتصادية التي سيجنيها كل جانب، إذ أن إسرائيل بحاجة إلى الغاز لتقليل اعتمادها على الطاقة، ولبنان يمرّ بأزمة اقتصادية خطيرة ويحتاج هذا الاتفاق للحصول على المساعدات الأجنبية والاستثمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى