أبرز الأخبار

رئاسة منشغلة بأوسمة الوداع و”العهد” في صحوة نهايته يتمسّك بحطام مركبه

كلادس صعب – صوت بيروت انترناشيونال

انشغل القصر الرئاسي ودوائره في الأسبوع الأخير من ولاية “العهد القوي”، بإصدار البيانات المرفقة بالصور، عن الأوسمة التي يمنحها الرئيس ميشال عون لعدد من الشخصيات التي طغى عليها “اللون البرتقالي” تقديراَ ل”إنجازاتها”، مع الإشارة الى أن الرئيس التي شارفت ولايته على لفظ أنفاسها سيكمل مسيرته بعد انتهائها وفق تغريداته حيث اعتبر أن “العمل بعد خروجه من القصر أفضل” ، ملقياَ اللوم والمسؤولية على الطبقة السياسية التي حكمت منذ 32 سنة وأوصلت لبنان إلى ما هو عليه”، وهو بذلك يحاول نفض يديه من الوضع “الجهنمي” الذي بشر به اللبنانيين في أيلول من العام 2020.

“أسوأ ما يمكن أن يوصف به جسم سياسي هو محاولة تحويل نهايته الى بداية”.

بهذا الكلام بدأ المحلل السياسي الياس الزغبي حديثه ل”صوت بيروت انترناشونال”، معتبراَ أنه “في الواقع ما يقوم به “عهد حزب الله” في أيامه الاخيرة وكأنه يؤسس لمرحلة نهوض سياسي جديد، بينما هو ينوء تحت أثقال عهده في كل الاخفاقات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، لذلك نراقب كيف يستميت فريق العهد الزائل في تسجيل نقاط ولو دعائية وإعلامية قبل رحيله، مع أنه يصاب بنكسات وخيبات كثيرة، كان آخرها الخيبة التي صدمته من خلال رفض دمشق استقبال وفده للترسيم البحري مع سوريا، إضافةً الى محاولته المكشوفة لتسجيل انتصار في الترسيم البحري مع “اسرائيل”، علما أنه ليس سوى شاهد على عملية المفاوضات الرباعية بين إيران وأميركا وأوروبا وإسرائيل، ومطلوب منه أن يوقع وثيقة الترسيم كشاهد لم يكن له دور فعلي في التراجعات والتنازلات، او حتى فيما يسمى انجازات وانتصارات”.

ويضيف الزغبي: “لعل هذه الخيبات التي يتخبط فيها في لحظة سقوطه دفعته إلى تغطية النكسات بمسألتين: الأولى استعراضية من خلال عشرات الأوسمة لمن يستحق ولمن لا يستحق، في حركة يومية مثيرة للضحك، حين نرى أشخاصاَ لم يقدّموا أي عمل مميز أو حتى عادي كي يستحقوا تكريماَ ووساماَ رئاسياَ”.

“أمّا المسألة الثانية يتابع الزغبي فهي في كلام الرئيس عون البارحة، عن بساطة حل العقدة الحكومية من خلال منح تياره حق تعيين جميع الوزراء المسيحيين أسوة بالطوائف الأخرى، مختزلاَ بذلك الحقوق المسيحية بشخص وريثه السياسي، والهدف مكشوف طبعاَ وهو مدّ هذا الوريث بأوكسجين سياسي عبر السلطة السياسية والإدارة في مرحلة الشغور الرئاسي المتوقع، فلعل هذه المرحلة الانتقالية من الشغور تعيد تبييض سجل خليفته مع الداخل والخارج كي ينعش آماله في البقاء على قيد الحياة السياسية أو حتى الرئاسية”.

ويتابع الزغبي: “بعد 34 عاماَ من ممارسته العمل العام في السياسة والسلطة، لم يستطع ميشال عون أن يستفيد من تجاربه وسقطاته وخيباته، على قاعدة القول المعروف بأن “الرجل الناجح هو الذي يستفيد من أخطائه” ويسعى الى تصحيحها والانطلاق نحو مرحلة جديدة من النجاح. فعون فعل ويفعل العكس حتى اللحظات الاخيرة في الحكم، وهو لا يزال يطلق شعارات صحيحة ، ويذهب إلى تطبيقات خاطئة. واذا راجعنا حزمة شعاراته، منذ أولها “السيادة والحرية والاستقلال” حتى آخرها “صلاحيات الرئاسة وحقوق المسيحيين”، فقد فعل عكس هذه الشعارات، ولعل نجاحه الوحيد يكمن في أنه نقل هذه الازدواجية البائسة إلى وريثه الذي نجح فعلاَ في تطبيق التناقض بين الشعار والعمل، كل هذا يعني أن ميشال عون الذاهب الى تقاعده المتعدد سياسياَ وحياتياَ لم يعد في موقع القادر على منح وريثه ما منحه اياه من شعبية وسلطة سياسية ونفوذ، لذلك فإن أي مراقب يمكن ان يستنتج أن الحالة السياسية المعروفة ب”العونية” لا يمكن فعلياَ أن تتخذ صفة أخرى، هي “الباسيلية”. فعناوين الفشل لا يمكن أن تتقمص تحت أشكال شتى، أو أسماء متنوعة. وفي المحصلة ينتظر ان تكون الحالة السياسية العونية، من اسرع الحالات انقباضاَ وانكماشاَ وزوالاَ، سواء في الفترة الزمنية او في المدى الجغرافي والشعبي”.

ويختم الزغبي بالقول: “ما يثير السخرية السوداء أن يتحول العزاء إلى زفّة، كمن يرقص بين القبور، او كمن يرفع صوته استئناساَ واستقواءاَ كي يبدد خوفه، فرفع العقيرة في لحظات الاحتضار، ما يدل على أن صحوة النهاية ذات صدى مدوٍّ، ولا يستطيع الغريق أن يستنجد ببقايا حطام مركبه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى