أخبار محلية

مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد – لبنــان: خطوات ثلاث طارئة توقف التدهور الاقتصادي

 

النقيب السابق جينا الشماس، رئيسة جمعية مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد – لبنـان

رأت جمعية “مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد – لبنان” ان الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب اللبنانية اثبتت فشلها في مأسسة الوقاية من الفساد وفي استثمار الدعم الدولي المعنوي والمالي لتثبيت النظام الاقتصادي الحر. بل على العكس مأسست هذه الحكومات المحاصصة السياسية، بغطاء طائفي، في إدارة مرافق الدولة كافة، ضاربة عرض الحائط المصلحة العامة للشعب اللبناني وحقوقه الدستورية والمساواة بين اللبنانيين. كما وضعت هذه الحكومات العقبات أمام اي إجراء يؤمّن استقلالية السلطة القضائية تطبيقا للدستور، وتمادت في تعزيز المحاصصة بين الأحزاب النافذة والطائفية. كما سهّلت حصر الصلاحيات بيد الأزلام غير الأكفّاء، ووافقت على المخالفات القانونية المرتكبة مهددة بذلك سيادة القانون بدلاً من تطبيقه في مراكز حساسة كوزارة المالية والمصرف المركزي ومجلس الإنماء والإعمار ووزارات كالصحة والطاقة والاتصالات وغيرها، والاسوأ انها أهملت أجهزة الرقابة وكل إجراءات الضبط الداخلي فبدّدت الأموال العامة والهبات والقروض دون حسيب أو رقيب.
لا سيما وان المؤسسات التي اقرضت لبنان او قدمت له الهبات لم تضع اي شروط كالاطلاع على قطع حساب الدولة لمقارنة العجز الحقيقي مع عجز الموازنة مثلاً، أو البيانات المالية المدقّقة للدولة، أو ما يثبت صحة استخدام الهبات كالتقارير من قبل جهات مستقلة. بل على العكس انكبّ بعض المؤسسات الدولية على تزوير الحقائق، فمُنحت الجوائز لحاكم مصرف لبنان كقائد مالي عظيم. فقمع او رُهِّب اي خبير مالي أو اقتصادي أو مصرفي حاول الانتقاد البنّاء لحاكم مصرف لبنان، وتوعية الشعب على مكيدة اغتيال الليرة اللبنانية. ولم يتجرّأ الا ثلاثة خبراء على التحذير منها خلال الفترة الممتدة من ١٩٩٦ و ٢٠١٩ بدء انهيار الليرة، أهمهم وزير المالية السابق الدكتور جورج قرم.
لا بد من الاشارة الى المخالفات القانونية التي ارتكبها حاكم مصرف لبنان وصنّفتها دول وصحف عالمية في اطار جرائم الفساد و”البونزي”، حيث جمع لنفسه الثروات من المال العام مستغلّاً سلطات متناقضة ومطلقة بالتواطؤ مع شركائه وأسياده، حيث أفسد بمنهجية متعمّدة القطاع المصرفي اللبناني، من خلال السيطرة على لجنة الرقابة على المصارف المسيسة اصلا والخاضعة للمحاصصة، وخنوع جمعية المصارف وتواطؤ بعض المصارف الجشعة التي استفادت من الهندسات المالية، وارتكبت جرائم التهرّب الضريبي، والإعفاءات من الغرامات بقرارات من مجلس الوزراء بمخالفة واضحة للدستور وتغييب المساواة بين المواطنين. ولم تكن الهيئة الخاصة للتحقيق برئاسة الحاكم إلا عبئاً إضافياً على الشعب اللبناني أمّنت بالشكل ما تطلبه المؤسسات الدولية من مصرف لبنان ومن الدولة اللبنانية وأخفقت فيما عدا ذلك. من هنا يجب أن تعلم المصارف وجمعية المصارف أن انتظار الحلول من الدولة او مصرف لبنان هو عمل غير منطقي ومكلف، سيفقد المصارف اللبنانية مصداقيتها الى الأبد، فيقوم الاقتصاد الوطني مستقبلا على المصارف الأجنبية التي تفرض رقابة نوعية مميزة.
الى ذلك الحين، سيبقى الشعب اللبناني يواجه وحده تراكم المآسي، في ظل انعدام أي مبادرة يتحمّل المسؤولون فيها مسؤولياتهم، لا سيما إعادة الأموال المهربة التي يفوق مجموعها سبعة مليارات دولار، كالمليارين المسحوبين من قبل المسؤولين نجيب ميقاتي ووليد جنبلاط على سبيل المثال لا الحصر، ويغيب مجلس النواب عن تفعيل المحاسبة والمحاكمة وتطبيق الطائف.
عليه، توصي جمعية مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد – لبنـان، من اجل سحب فتيل الفوضى المدمر للمجتمع والاقتصاد، بخطوات ثلاث أولية وملحّة وهي:
أولاً، عمل جمعية المصارف على التماسك والمطالبة بتعيين مجلس مركزي مختص بعيدا عن المحاصصة لمدة لا تزيد عن السنة، فيضع الحلول الفعّالة لإعادة القطاع المصرفي الى نشاطه الطبيعي ولتأمين حقوق المودعين. وعلى جمعية المصارف ان تصر على أن يكون حاكم مصرف لبنان الجديد مستقلاً صاحب كفاءة واختصاص وخبرة عالية وغير حزبي ليساهم في رسم خطة وطنية اقتصادية تخصص دورا فعّالاً للمصارف المحلية والاجنبية مرتكزاً على المعايير الدولية في الحقوق والواجبات، على ان تكون الخطة غير مرتهنة لأي جهة دولية.
ثانيا، مساندة جمعية المصارف للبنوك للقيام بإعداد وتنفيذ استراتيجية عملية ممكن تنفيذها هدفها الأساس الاستمرارية وإعادة أموال المودعين واستعادة ثقتهم وفقاً للقوانين المرعية محلّياً ودولياً.
ثالثاً، تشكيل نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان لجنة خاصة لدراسة جميع تقارير مدققي الحسابات الصادرة في الخمس سنوات الماضية عن المصارف اللبنانية ومصرف لبنان والشركات المرتبطة بها او على علاقة بها أو بمساهمين أو نافذين فيها بأي شكل من الأشكال. واعتبار نتائج هذه اللجنة بمثابة التحقيق الأوليّ في النقابة واتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص طبقاً للقانون، علّها ترسي المدماك الاول في بناء المحاسبة والمساءلة المهنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى