أبرز الأخبارأخبار محلية

التيار لا يحسد عليه : ازمة وجودية معلقة على التجديد أو التمديد وإلا…!

Almarsadonline

ألمحامي لوسيان عون

بات يعلم القاصي والداني أن التيار الذي ولد من رحم شعار ” تحرير لبنان من الاحتلال السوري” ، والذي اعاد تموضعه في محطات مفصلية اساسية في الاعوام ٢٠٠٥ مع عودة زعيمه العماد عون من منفاه الباريسي وعام ٢٠٠٦ مع تفاهم مار مخايل كما في العام ٢٠١٦ مع اتفاق معراب الذي مهد لوصول عون الى سدة رئاسة الجمهورية يعيش اليوم أياماً مصيرية مفصلية وجودية يرتبط استمراره السياسي والشعبي خلالها بخيارات ضاقت مروحتها وبات أحلاها مرّ بعد تجارب مريرة فشل في مقاربتها خاصة خلال السنوات الست من عهد متهالك صارع أشد الازمات الاقتصادية والسياسية والمالية والمعيشية فتكاً.
ومع تسرّب مداولات فريق رئيس الجمهورية المعاون له ومن ضمنه رئيس التيار جبران باسيل في سبل ووسائل قلب الطاولة على رؤوس خصومه، تضيق فرص ايجاد المخارج الملائمة، لأن ما يمكن استخدامه خلال الاسابيع المقبلة قبل تاريخ انتهاء ولاية العماد عون من صلاحيات دستورية قد يشكل فرص نجاة من المأزق الذي يتخبط فيه التيار، وبعد تاريخ ٣١ تشرين الاول ،عهد آخر وسلطة أخرى ، بل قوة مختلفة لن يكون بعهدتها الدوائر الرسمية والوزارات والجيش والقضاء والأجهزة ،انما سيعود ” الملك” الى مقر إقامته كما عمد أسلافه رؤساء الجمهورية السابقين ،وسيكون شعار المرحلة المقبلة عند الشعب اللبناني : ” مات الملك عاش الملك” والاول من تشرين الثاني يوم آخر، ويعود معه العماد عون ذاك الجنرال ” المعارض” للدولة والسلطة والعهد الجديد ،يطلق النار من الرابية على الكل، ويطالب بالاصلاح ومكافحة الفساد، لكن هذه المرة، مع كل شعار تجربته الفاشلة في الاذهان لتدخل التاريخ، بعدما طبع العهد الحالي في ذاكرة اللبنانيين مآسي الافلاس والانهيار على كل المستويات وتفجير المرفأ والفساد وشلل الدولة بمؤسساتها ومحاكمها ووزرائها ونهب اموال المودعين ،وككل عهد جديد سوف يعطي الشعب الفرص والامل للرئيس الجديد مع شعارات رنانة مخملية واعدة فضفاضة…. فتمر الاشهر والسننين ربما، لكن : من سينسى فشل العهد ” القوي” الحالي في تسجيل انجاز واحد، مع ان عمره كان ست سنوات من اليد الحديدية القابضة على كل شيء بالحديد والنار، التعيينات والمحاصصات والصفقات بالتوافق مع ” الحلفاء” وقد سمي عهد ٨ آذار الذي استبعد المسيحيين ” اليمينيين” ( القوات والكتائب والمستقلين…. وسواهم) عن السلطة… لكن في نهاية المطاف طاف شعار ” ما خلّونا” على سطح المستنقع النتن الذي اغرق اللبنانيين بوحوله الجارفة وأنزل لبنان الى قعر الدول النامية والمتخلفة في التصنيف الدولي.
غداً سيغادر العماد عون الى منزله متعباً ،ينتابه القرف والشعور بالفشل، فشل الاقربين قبل الابعدين، في انجاح عهده ،وكالعادة لن تعقد جلسة نقد ذاتي للوقوف على اسباب هذا الفشل الذريع، فيما صهر العهد جبران باسيل عائد الى مركز التيار في الشالوحي لينظم معارضة يترأسها وقد يكون شعاره ” السعي للفوز مجدداً برئاسة الجمهورية” و ” أن يحظى بالأكثرية” في الحكومات العتيدة او ” الثلث المعطل “فيما سيغادر عدد غير قليل من الكوادر والحزبيين الى منازلهم، هؤلاء ممن آمنوا بنجاح عهد عون فخاب املهم ،وهم لن يتبعوا رئيس حزب تسببت سياسته بانفراط عقد تيار بلغ اوجه عام ٢٠٠٥ ، وتلقى ضربة قاسية من جراء فرض عقوبات دولية على مرشحه كان الابرز ليتحول اليوم الى احد الناخبين،
هل يشهد التيار انقساماً عامودياً في ١ تشرين الثاني ؟
يقول احد الكوادر اليوم أن رئيس الجمهورية حالياً ما زال يجمع بين صفوف مؤيديه، لكن معظم الحزبيين يؤكدون ان التيار بغياب العماد الرئيس لن يكون كما اليوم في ظل وجوده في بعبدا،
أما السؤال الذي يطرح نفسه غداً :
هل يبقى التيار ” الموالي” اليوم موالياً ام سيتحول بسحر ساحر الى معارض،
من سيعارض ؟
وهل سيؤمن اي كان بجدوى معارضته وخطته طالما انه اعطي فرصاً ذهبية وتولى زمام السلطة فلم يحسن استخدامها، بل العكس اذ قاد البلاد الى جهنم ولا حاجة لتعداد الانهيارات التي تقض مضاجع اللبنانيين.
في المحصلة ،الثابت أن انقلابات سيحاول التيار خوضها في السياسة ،
لن يكون حليفاً ” على العمياني” مع حزب الله كما هي الحال اليوم خاصة عندما يلمس جدياً تخلي حزب الله عن تبني ترشيح رئيسه لرئاسة الجمهورية وقد بدأت ملامح مواقف الحزب لجهة دعم مرشح توافقي على حد تعبيره ما اعتبرته اوساط سياسية رسائل لباسيل نفسه، كما ان اجندة حزب الله تقوم على مدى زمني يمتد لمئات السنين تبعاً لمشروع اثني عقائدي فارسي فيما اجندة التيار ” خدمت عسكريتها ” وباتت عرضة للتلف وهدفها كان لست سنوات كفرصة ل ” إصلاح وتغيير” تبخّر بفعل الفساد والمحاصصة مع المافيات بعيداً عن الحس الوطني.
كما ان التيار لن يسير بالمرشح سليمان فرنجيه وفق ما هو ظاهر اليوم ،
اما علاقته المتفجرة مع الرئيس بري فحدث ولا حرج، فيما لن يمد الآخرون يدهم له بعد اضعافه وخسارته السلطة، فلا القوات مستعدة لهذا الحلف، ولا الكتائب ولا نواب التغيير، ولا وليد جنبلاط سيعطيهم ما كان مستعداً له ايام العز والتحكم بالسلطة.
اما الوضع الداخلي في التيار ،فثمة من يعتبر انه يشكل قنبلة موقوتة سيفتح بابها على مصراعيه، من جزين حيث النائب زياد اسود المتمرد على الحزب الى صهر العماد عون شامل روكز الى قدامى المؤسسين والكوادر والنواب السابقين المتمردين على سياسة باسيل، ومن بينهم اللواء عصام ابو جمرة الذي يترقب فشل سياسة متهورة قادت الشعب اللبناني الى الهلاك، الى كل من اعتبر نفسه مستبعداً ومظلوماً ومضطهداً خدم ” قضية” سامية فلم يدر انه استعمل وقوداً لبيعه بالجملة والمفرق بغية وصول عون الى كرسي الرئاسة، فسقط القناع وتبخرت الشعارات، واسدلت الستارة عن اداء مسرحي وسيناريو لم يوصل الا الى العتمة والهلاك والانهيار.
عملياً ، وللأمانة ،قسم الدستور حياة لبنان الى حقبات مرتبطة بعهود رئاسية ،
اليوم يذكر من يذكر أن عهد بشارة الخوري اتسم بميزات وصفات معينة، وعهد فواد شهاب، وكذلك عهد كميل شمعون ،وشارل حلو مع حفظ الالقاب، كل من الرؤساء عنون اداؤه واداء المقربين منه عهده، وصولاً الي عهد الرئيس عون، فلن يكون الا السذج يشيدون بعهده على انه عهد استقرار ورخاء وازدهار وبحبوحة وأمن ، لأن خمسة ملايين لبناني كما كل المقيمين عاشوا ست سنوات في نار جهنم يكتوون من العهد، عهد العتمة والنهب والفساد والافلاس ،
وبعد مئة عام من اليوم لن يذكر احد من رؤساء الحكومات في عهده الميمون من يتحمل تبعة هذا الانهيار المخيف المدمر، ولا اي من اعضاء المجالس النيابية الحالي والسابق، ولكن سيبقى على كل شفة ولسان مقولة ان عهد العماد عون كان عهد الفقر والمجاعة والافلاس والفساد وتفجير بيروت والفلتان والنهب وشل الادارات والمؤسسات الرسمية.
إنه عمل ارادي وليس قضاء وقدراً، لقد شاء فخامته ان يخوض تجربة مع المافيات، قبطاناً علم بشدة العاصفة قبل مغادرة الشاطىء الى عمق المحيط، فيتحمل تبعات خياراته الخاطئة، بل اكثر من ذلك، رغم فشله الذي امتد ست سنوات، رفض الاستقالة من منصبه او حتي التهديد بها متشبثاً بكرسي الحكم الذي طالما ارتد وبالاً وكوارث على العديد ممن خاضوا تجربتها على مدى سبعة عقود من الزمن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى