أخبار محلية

بكركي لن تقع في فخّ باسيل

الدكتور فادي الاحمر –  أساس ميديا

زار النائب جبران باسيل الديمان بعدما تأكّد من عدم وقوع بكركي في “الكمين” القضائي الذي نُصِب للمطران موسى الحاج. ارتدّ “الكمين” على ناصبيه. لكنّ باسيل لم يرتدّ سياسيّاً. عودته إلى بكركي لا تشبه عودة “الابن الضالّ”. فهذا الأخير عاد إلى أبيه تائباً ونادماً على ما فعله من موبقات. أمّا باسيل فعاد متعنّتاً مُكابراً، متعنّتاً في سياساته، ومُكابراً على الخسارة السياسيّة والشعبية التي مُني بها تيّاره السياسيّ بعد فشل عهد ميشال عون. وقد استغلّ وجوده في الصرح ليُظهر انفتاحه على حوار مسيحي – مسيحي موضوعه “الاستحقاق الرئاسي”.

على الرغم من انهيار البلاد في عهد “الرئيس القويّ”، ما يزال جبران باسيل يسوّق لفكرة “الرئيس القويّ” بتمثيله الشعبي الذي يتجسّد بكتلة نيابيّة وكتلة وزاريّة “تدعمه”. وقال إنّ “القرار في موضوع الرئاسة والرئيس يجب أن يكون بدرجة أولى لدى الممثّلين الفعليّين”. إنّه كلام يؤكّد أنّ “العونيّة السياسيّة” لم تتعلّم شيئاً من تجربتها الفاشلة في الحكم.

من الديمان أيضاً قال باسيل إنّ الاستحقاق الرئاسي “مناسبة لتقوم بكركي بأيّ مبادرة ممكنة، ونحن نتجاوب ونلبّي لتقوم بأيّ مسعى ممكن” للاتّفاق على مرشّح واحد. ردّ سمير جعجع على كلام باسيل بسؤاله: “هل المسيحيون عشيرة عليهم الاتفاق في ما بينهم فيما المسلمون عشيرة أخرى؟ بالطبع لا، المشكلة أعمق من هذا بكثير”.

أثار كلام باسيل وردّ جعجع نقاشاً في البلاد حول حوار مسيحي – مسيحي تدعو إليه بكركي. فهل هذه الأخيرة في وارد الدعوة إلى لقاء مسيحي لمناقشة الاستحقاق الرئاسي؟

كيف تردّ بكركي؟

مصادر كنسيّة تنفي لـ”أساس”. ليس لأنّ بكركي لا تريد التوافق المسيحي – المسيحي. فالبطريرك هو “بيّ الكلّ”، لا المسيحيّين فقط، إنّما كلّ اللبنانيين. وهو يتصرّف على هذا الأساس. وطروحاته في موضوع الرئاسة وغيرها تؤكّد ذلك.

البطريرك الراعي لن يدعو إلى اجتماع مسيحي – مسيحي للأسباب التالية:

1- لا يُقدم غبطته على مثل هذه الدعوة لمجرّد اقتراح أحد الأطراف السياسيّة، خاصّة أنّ الاقتراح مشبوه.

2- مبادرات بكركي للحوار المسيحي – المسيحي، بخاصة تلك التي قام البطريرك الحالي بطرحها، غير مشجّعة. وللتذكير، منذ وصوله إلى السدّة البطريركيّة دعا البطريرك الراعي “الأقطاب” المسيحيين إلى الاجتماع في بكركي. دعاهم إلى الصلاة والتأمّل والاتّفاق. دعاهم قناعةً منه بأنّ الصراعات المسيحية – المسيحية ليست مجرّد لعبة ديمقراطيّة، إنّما هي انتحار سياسي للمسيحيّين وللوطن.

3- لن تدعو بكركي إلى أيّ اجتماع مسيحي لعدم تأكّدها من تلبية الدعوة من قبل كلّ الأطراف، ولشكوكها في إمكانية اتّفاقهم، والأهمّ من كلّ ذلك، لعدم ثقتها بأنّهم سيلتزمون بما سيتوافقون عليه. والتجارب السابقة خير دليل.

4- اجتماع المسيحيّين واتّفاقهم صعبان في الظروف السياسيّة العاديّة، فكيف بالحريّ قبل الاستحقاقات الانتخابيّة، وتحديداً قبل استحقاق انتخاب رئيس الجمهوريّة، خاصّة أنّ كلّ المدعوّين المحتمَلين يقدّمون أنفسهم مرشّحين طبيعيّين للرئاسة؟

5- بكركي تعلم أنّ دعوة باسيل إلى إطلاق مبادرة اجتماع لـ “الممثّلين الفعليّين” للمسيحيّين أتت لإظهار أنّه “تحت عباءة بكركي”، ومحاولةً منه لدقّ إسفين بين بكركي والقوّات، المتوافقين على الاستحقاق الانتخابي المقبل وعلى مواصفات الرئيس العتيد. من هنا كان هجوم التيار الوطني وإعلامه، كما إعلام حلفائه، على سمير جعجع، واعتبارهم أنّه رفض اجتماع المسيحيّين يوم “عيد السيّدة”. وكأنّ الدعوة إلى الاجتماع وُجّهت وجعجع لن يلبّيها، والاجتماع حاصل وجعجع سيقاطعه، والاتفاق مضمون وجعجع لا يلتزم به. وأتبع باسيل الهجوم على جعجع بفيديو على “تويتر” جاء فيه: “شياطين 13 تشرين 90، وقتها كي يتخلّصوا من العماد عون تنازلوا عن صلاحيّات الرئيس في الطائف، والشياطين نفسها اليوم تجعلهم يتنازلون عن شرط التمثيل للرئيس حتى يتخلّصوا منّا”. أبهذا الكلام يُصار إلى تهيئة الأجواء لاجتماع مسيحيّ وتوافق على مرشّح للرئاسة؟!

6- مفهوم بكركي لـ “الرئيس القويّ”، منذ إطلاق هذا التعبير، يتناقض مع مفهوم التيار الوطني الحرّ. أكّد باسيل مجدّداً أنّ الرئيس القويّ يكون بتمثيله الشعبي. واعتبر هذا التمثيل الصفة الأولى “وتكاد تكون الأخيرة” للرئيس العتيد. في حين تعتبر بكركي أنّ الرئيس القويّ هو القادر على جمع اللبنانيين. والرئيس العتيد القويّ هو القادر على جمعهم على إنقاذ الدولة والشعب، ليس بالكلام إنّما بالفعل. ويكون إنقاذ الدولة بتحريرها من سطوة السلاح غير الشرعي، وإنقاذ مؤسّساتها وإداراتها بإعادة تفعيلها وبقيادة ورشة إصلاح فعليّة تبدأ بمحاربة الفساد وتُستكمل بتطوير الإدارة، وإنقاذ لبنان بفكّ عزلته السياسيّة العربيّة والإقليمية والدوليّة، وإنقاذ الشعب بمحاربة البطالة والفقر ووقف الهجرة التي يتوق إليها السواد الأعظم من اللبنانيين هرباً من الجوع

7- يتعامل البطريرك مع استحقاق انتخاب رئيس الجمهوريّة ليس لتحسين موقع المسيحيّين في الدولة، إنّما لإنقاذ الجمهوريّة. من هنا كلامه عن مواصفات الرئيس العتيد ودعوته المرشّحين إلى تقديم مشاريع انتخابيّة واتّخاذ مواقف من الملفّات السياسيّة الأساسيّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى