أخبار محلية

عون راجع بعد فتوى “جريصاتي”.. !

على ما يبدو أن “عون راجع”، راجع بالزمن لسيناريو المرحلة الإنتقالية في العام 1988.. وبحسب المعطيات لا حكومة في الأفق المنظور والاستحقاق الرئاسي يتصدّر وربما سنكون أمام أزمة دستورية كبرى في ظل عقم نجاح التسويات الداخلية وشراهة البعض نحو السلطة، لو مهما كان الثمن.

وبعد فترة من الجمود على صعيد تشكيل الحكومة، التقى الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي برئيس الجمهورية ميشال عون، علّه يحدث خرقاً وتتشكّل حكومة تنهي الجدل القائم والقادم حول دستورية تسليم حكومة تصريف أعمال صلاحيات رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جديد. ومن الواضح من خلال التصعيد السياسي أن سيناريو معيّنا يحاك خلف الأبواب المغلقة، ستتضح معالمه رويداً رويداً، فنسمع عن فتوى دستورية من هنا ولي ذراع وضغط من هناك لبرمجة توازنات المرحلة المقبلة.

ويشير الصحافي والمحلل السياسي طوني بولس الى أنه “بحسب المعلومات المتوافرة، أن الرئيس عون إتخذ قراراً بعد فتوى من الوزير السابق سليم جريصاتي، الا يسلّم حكومة تصريف الأعمال، علماً ان الدستور واضح وينصّ على تسليم الحكومة صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال حصول شغور في الرئاسة الأولى، ولا يشير الدستور اذا كانت حكومة تصريف أعمال أو مكتملة الصلاحيات، وبالتالي هم يستغلون هذه النقطة”.

ففي العام 1988 عاش لبنان واقعاً مشابهاً، حين سلّم آنذاك الرئيس أمين الجميّل قائد الجيش ميشال عون الصلاحيات لتشكيل حكومة عسكرية، لأنه إعتبر حينها أن حكومة الرئيس سليم الحص مستقيلة. واليوم وفق بولس، يحاول جريصاتي أن يجد فتوى دستورية شبيهة في هذه المرحلة وذلك إنطلاقاً من أن ولاية رئيس الجمهورية إنتهت ولا يمكن أن يستمر الرئيس عون في قصر بعبدا، فمن أجل إستمرارية المرافق العامة يجب أن يسلّم مؤسسة أخرى، وفي رأيهم الحكومة الحالية ليست شرعية، معتبرين أنها مستقيلة.
ويشير بولس الى انه “جرت العادة أن يسلّم الجيش، إذا ما عدنا الى ما حصل في العام 1988، لكن اليوم يعتبر العونيون قائد الجيش من الفريق المعادي لهم، ويعتبره جبران باسيل مرشحاً خصماً لرئاسة الجمهورية، لذلك يحكى عن تسليم الصلاحيات للمجلس القضاء الأعلى، على أن يصبح المجلس السلطة الإنتقالية لمرحلة إعادة إنتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة وغيرها”.
ويضيف بولس: “هذه فترة يدرسونها ويرّوجون لها في مكان ما وستنفّذ”.

بالمقابل، يرى الفريق الآخر أن الرئيس عون جدّي بعدم تسليم حكومة تصريف الأعمال الصلاحيات وذلك ظهر جلياً في تصريح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، عندما قال أن “عون ليس ضعيفًا”. وفي الوقت عينه يزداد الخلاف بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر، “وكأن أصبح الرئيس ميقاتي تحت وطأة الضغط”، على حد تعبير بولس.

ويلفت بولس الى أن الرئيس ميقاتي يحاول أن يقدّم تنازلات كي يشكّل حكومة، لتجنّب هذا السيناريو، الذي يضع حكومته خارج المعادلة من خلال التسليم الى مجلس القضاء الأعلى.

في غضون ذلك، إن أي تعديل في الحكومة الحالية خاضع للتوازنات التي تناسب الفريق البرتقالي، خصوصاً أن أي حكومة ستتشكّل سيطول زمن وجودها لحين إنتخاب رئيس جمهورية.

الى ذلك، تحاول القوى السياسيّة تسريع تشكيل حكومة لعدم الوصول الى هذه الأزمة، وتنتقل السلطة اليها بشكل طبيعي، فهل ستنجح في ذلك؟ ويرى بولس ان هناك علامات إستفهام كبيرة حول مدى نجاحها.
وعلى الرغم من وجود ضغوطات داخلية لإجراء الإستحقاق الرئاسي في الموعد الدستوري، لكن هناك صعوبة في مكان نتيجة التناقضات الداخلية الكبرى.

ومن ناحية أخرى، لا يقف الخارج متفرّجاً إزاء هذا الواقع، ويلفت بولس الى أن هناك ضغوطاً خارجية لتسريع تشكيل الحكومة قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، ويتمّ العمل على هذا الموضوع”، ولكن تبقى العقدة في إمكانية حصول تسوية داخلية التي يشوبها صعوبة، إذ أن “الفرنسيين يحاولون السير بإنتخاب رئيس جمهورية وسطي، لذلك يذهب موقف وليد جنبلاط في هذا الإتجاه، والفرنسيون يحاولون الدفع نحو إنتخاب رئيس وسطي ويقبل به حزب الله”، وفق بولس.

ويضيف: “لدى حزب الله ضمانات معيّنة للست سنوات المقبلة ويحاول تأمينها من خلال هذا الرئيس الوسطي. بالمقابل، تعتبر القوات اللبنانية أن رئيسا وسطيا هو إستمرار للمعاناة عينها، كما حصل خلال ولاية الرؤساء السابقين”.

ويرى بولس أننا “ذاهبون فوراً الى معركة الإستحقاق الرئاسي، إذ بمجرد أن يبدأ شهر أيلول يصبح المجلس النيابي هيئة إنتخابية لإنتخاب رئيس جمهورية، وأصبحت الحكومة ساقطة حكماً، وكما أن هناك نظرية دستورية تقول أنه بمجرد دعوة الرئيس بري لجلسة إنتخاب رئيس جمهورية، لا يمكن أن يعطي المجلس ثقة للحكومة”.

من المؤكد أننا أمام أيام مفصلية تحدّد مستقبل المرحلة القادمة، وإذا لم تحصل أي تسوية داخلية إنتقلنا حكماً الى معركة رئاسة الجمهورية. وبين تشكيل حكومة وإنتخابات رئيس جمهورية إنقاذي، لا يسعنا إلا أن ننتظر أن يعي البعض خطورة الواقع الإقتصادي والإجتماعي الراهن.. إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى