أخبار محلية

المصارف أنفقت مئات ملايين الدولارات على التلفزيونات لتلميع صورتها

 

المدن

صَوَّرَت المصارف نفسها على مدى عقود بأنها الملاذ الآمن للأموال، وعملت على بث الثقة في نفوس أصحاب الأموال لدفعهم إلى إيداع أموالهم في القطاع. فعملت بعدها على استغلال تلك الودائع في استثمارات محفوفة بالمخاطر. ولكي تحرف الأنظار عن تلك المخاطر، أنفقت المصارف مئات ملايين الدولارات لتلميع صورتها. ورغم الانهيار الذي تسارع في العام 2019، استمر الإنفاق الإعلاني بهدف “إصدار خطاب صديق للبنوك خلال الأزمة، بما في ذلك الفترات التي توقفت فيها الخدمات المالية فعلياً”، وفق ما ورد في تحقيق نُشر على موقع the policy initiative. ولزرع الصورة التي تريدها المصارف، كان لا بد لها من شراء أبرز الوسائل الإعلامية العاملة في لبنان.

الإنفاق بالأرقام
من العام 2012 حتى العام 2021 اشترى القطاع المصرفي ما قيمته 1.17 مليار دولار من الإعلانات المتلفزة. منها 80 بالمئة تم شراؤه قبل العام 2019، وبلغت قيمتها 931 مليون دولار. ونحو 97 بالمئة من إعلانات المصارف، جرى تمريرها عبر المؤسسات الإعلامية الستة الأكثر مشاهدة في لبنان، وهي: المر تلفزيون (MTV)، المؤسسة اللبنانية للإرسال الدولي (LBCI)، الجديد، شبكة البث الوطنية (NBN)، تلفزيون المستقبل، وتلفزيون أورانج (OTV). ونحو 57 بالمئة من المشتريات الإعلانية، أي نحو 530 مليون دولار، انفقت أثناء عمليات الهندسة المالية سيئة السمعة.

وتُعَدّ البنوك من فئة “ألفا”، وهي 14 بنكاً، من أكبر المساهمين في الإنفاق من أصل 33 بنكاً تساهم في هذا الإنفاق. وبنوك ألفا أنفقت 99 بالمئة من إجمالي قيمة الإعلانات. على أن أبرز البنوك المنفقة على الإعلانات، هي بنك BLOM، BANKMED وBLF، وهؤلاء أنفقوا نحو 400 مليون دولار على الإعلانات. وقد حظي تلفزيون MTV على أكثر نسبة مبيعات إعلانية، يليها LBC وFUTUR، وحصلا مجتمعين على نحو 550 مليون دولار، فيما حصل OTV على 100 مليون دولار، وهي النسبة الأقل بين التلفزيونات.

 

وأشار الموقع إلى أن متوسط قيمة الإعلانات المصرفية السنوية، بين عاميّ 2012 و2015، بلغ 100 مليون دولار. وبين العامين 2016 و2018 زاد متوسّط الإنفاق إلى نحو 175 مليون دولار سنوياً. ولمزيد من الدقة، بحسب الموقع، بلغ الإنفاق 141 مليون دولار في العام 2016، و170 مليون دولار في العام 2017 و215 مليون دولار في العام 2018. وبالتالي، امتلك القطاع المصرفي ما بين 12 بالمئة و15 بالمئة من إجمالي مساحات الدعاية الإعلامية.
وركّزت المصارف إنفاقها الدعائي على “جذب الودائع إلى محافظها المحفوفة بالمخاطر، لتحقيق أرباح قياسية”. وبعد الأزمة تركّز الإنفاق على دعم سردية المصارف “حول أسباب الأزمة المالية ومن يجب أن يتحمل مسؤوليتها”.

 

نجاح الخطة
مئات الملايين التي أنفقتها المصارف، أتت ثمارها، فقد زادت عائدات المصارف وتم خداع المودعين. فارتفعت الودائع في البنوك التجارية من 155 مليار دولار في كانون الثاني 2016 إلى نحو 179 مليار دولار في نهاية العام 2018. فيما الأرباح السنوية الصافية في هذه السنوات الثلاث وحدها، بلغت 5.9 مليار دولار.

وحالياً، تعمد المصارف إلى تسويق فكرة الصندوق السيادي كبديل لخطة التعافي التي طرحتها الحكومة. وهذه الفكرة، هي بمثابة “القاتل الضمني” لأي خطاب يدعم مبدأ التوزيع العادل والمسؤول للخسائر. وبذلك، تكون المصارف قد قوّضت عبر الإنفاق الإعلاني، الخطاب الذي يمكن أن يهدد مصالحها. ولا يبدو أن المصارف ستوقف هذا النهج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى