أخبار محلية

سيناريو 1990: قصر الشعب

 

نجم الهاشم – نداء الوطن

هل يُعيد التاريخ نفسه مع العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2022 بحيث يكرر تجربة العماد عون رئيساً للحكومة العسكرية في 13 تشرين الأول 1990 عندما رفض مغادرة القصر الجمهوري معتبراً أنه السلطة الشرعية وأن انتخاب رينيه معوض رئيساً للجمهورية كان باطلاً كما انتخاب الياس الهراوي خلفاً له لأنه، أي عون، كان قرر حل مجلس النواب فجر 5 تشرين الثاني 1989 قبل أن تهبط الطائرة التي كانت تقل عدداً منهم في مطار القليعات في شمال عكار؟ قبل ثلاثة وثلاثين عاماً كان عون رئيساً لحكومة عسكرية فقدت نصف أعضائها وقامت مقابلها في بيروت الغربية حكومة الرئيس سليم الحص وحتى بعد اتفاق الطائف وانتخاب رئيس للجمهورية بقي عون يعتبر نفسه أنه السلطة الشرعية. كان يستند إلى اعتصامه في القصر الجمهوري وإلى ولاء قوى الجيش التابعة له حيث كان احتفظ بقيادته لهذا الجيش.

استفاد ميشال عون من الإنقسام الذي حصل حول اتفاق الطائف ومن شن حرب الإلغاء ضد القوات اللبنانية وتقسيم المناطق الشرقية بحيث أصبح بقاؤه في القصر الجمهوري حاجة سورية أدت إلى مده بكل الأسباب الموجبة للبقاء حتى حانت اللحظة التي حتمت التخلص منه في 13 تشرين. عندما هدد الرئيس الهراوي وهو عائد من زيارة إلى سوريا بالدبابات السورية التي ستزحف للإطاحة بعون بعد قليل من تسلمه سدة الرئاسة دعا عون الشعب إلى التوجه إلى قصر بعبدا. وعندما استشعر أن ساعة الحقيقة قد اقتربت مرة ثانية دعا الشعب أيضا إلى القصر. ولكنه ليلة 12 تشرين دعاهم إلى الرحيل لأن معلومات وصلته تقول إن النظام السوري حدد موعداً لوفد يمثله. كانت تلك من الخدع التي أعمته عن تصديق كل ما نقل إليه من معلومات عن أمر العمليات وتحديد الساعة الصفر صباح 13 تشرين.

بعدما كان تعهد بأن يكون آخر من يغادر القصر الجمهوري ترك عائلته وفر إلى السفارة الفرنسية. اليوم هل يخطط عون أو من يحيط به للبقاء في القصر الجمهوري بحجة عدم تسليم السلطة للفراغ؟ لتحقيق هذا الأمر يجب أن تتحقق خطوات عدة:

أولاً، أن لا يحصل انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 31 تشرين الأول وهذا يمكن أن ينتج عن تعطيل نصاب الجلسات منعاً لوصول أي رئيس للجمهورية لا يحظى بموافقة مسبقة تؤمن نصاب الثلثين ولا يكون تحدياً لـ»حزب الله» وحليفه الرئيس عون ولا للقوى السيادية والمستقلة والتغييرية. أو أن تحصل فوضى كبيرة وفلتان في الشارع يؤدي إلى توترات كبيرة تمنع انعقاد جلسات لانتخاب الرئيس.

ثانياً، أن لا تتشكل حكومة جديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي المكلف حتى إشعار آخر وبالتالي بقاء حكومة تصريف الأعمال حتى 31 تشرين. وبالتالي تكون هناك حجة دستورية يستند إليها المنظرون لبقاء الرئيس عون في القصر لأنه لا يمكن أن يسلم السلطة إلى الفراغ، أي إلى حكومة تصريف أعمال لأنها ليست حكومة كاملة المواصفات لتتسلم سلطة الرئاسة.

ثالثاً، إذا اكتمل التعطيل وقرر الرئيس البقاء في القصر فإنه يحتاج إلى قوة تساعده على البقاء. لا يمكنه أن يتكل هذه المرة على ولاء الجيش اللبناني بقيادة العماد جوزاف عون ولا على ولاء قسم من هذا الجيش. ولا يمكنه الإعتماد على دعم من «حزب الله». يمكنه في حال قرر المغامرة بإرادته أو نزولاً عند رغبة من يريدون هذه المغامرة أن يدعو أنصاره إلى التوجه إلى قصر بعبدا ويحوله مرة جديدة إلى قصر الشعب. ولكن حتى لو حصل مثل هذا الأمر فإن الحشد الشعبي لن يكون كبيراً لأنه سيقتصر على الموالين الذين لا يمكنهم أن يؤمنوا له الحماية. وحتى لو بقي في القصر في 1 تشرين الثاني فإن ما سيفتقده هو قوة الشرعية بحيث أنه سيصبح حكماً خارجاً على الشرعية ولا شرعية لأي قرار يأخذه خصوصاً أن صلاحياته لا تخوله ذلك ولا يمون حتى على المصرف المركزي بخلاف ما حصل في العام 1989 عندما بقيت حكومته تعمل وبقي حاكم المصرف المركزي الدكتور إدمون نعيم يدفع الرواتب للحكومتين.

ولذلك فالخيارات ضيقة أمام الرئيس في حال اختار أن يسلك هذا المسار حتى أن لا سفارة يمكن أن يلجأ إليها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى