أبرز الأخبار

عون يريد والسيد يؤيّد: حكومة جديدة تضم باسيل

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان” :

ما يتصدّر اهتمام دوائر قصر بعبدا هذه الأيام، هو كيف يتم تشكيل حكومة جديدة تتولى ملء فراغ الرئاسة الأولى بعد 31 تشرين الأول المقبل. ويبدو أن حسابات العهد في آخر شهوره، تدور حول إبقاء نفوذه على مستوى السلطة التنفيذية بعد أن يغادر رئيس الجمهورية ميشال عون القصر بموجب الدستور. وهو يدرك يوماً بعد يوم، أنه بات من المستحيل أن يحقق أمنيته الغالية بتوريث النائب جبران باسيل الرئاسة الأولى، لذلك، فمن الأفضل أن يكتفي بإيصال الأخير إلى داخل الحكومة المقبلة، بإنتظار مستجدات لبنان والمنطقة.

المواكبون لملف الحكومة الجديدة، يدركون أن التركيز حالياً يصب على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وساد إعتقاد قبل أشهر أن الرئيس عون يتحيّن الفرصة كي يكون الترسيم جواز عبور لرئيس تياره السياسي النائب جبران باسيل من عقوبات الخزانة الأميركية، لكن هذا الاعتقاد تلاشى في الأيام الأخيرة، بعدما تبيّن لباسيل مباشرة من خلال اتصالات خارجية قام بها أخيراً بعيداً عن الأضواء، أن الحصول على براءة ذمة أميركية مقابل التنازلات في ملف الترسيم هو سراب.

لم يبق إذاً أمام رئيس “التيار الوطني الحر” سوى العودة إلى تجربة الحكومة الأخيرة في عهد الرئيس ميشال سليمان التي أبصرت النور في 15 شباط 2014 برئاسة تمام سلام، أي قبل 3 أشهر من نهاية ولاية سليمان. وبين 15 شباط 2014 و31 تشرين الأول 2016، تاريخ انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، قام باسيل، بصفته وزيراً للخارجية بكل ما يلزم لشل عمل الحكومة عند المستطاع من أجل فرض انتخاب عون.

في كتاب عبد الستار اللاز “الدولة المستضعفة”، يروي الكاتب، وكان مستشاراً إعلامياً للرئيس سلام، فصولاً من الدور المشاغب الذي لعبه باسيل، كي يفرض أولوية إنتخاب مؤسس التيار رئيساً للجمهورية. يقول اللاز: “في جلسة الحكومة في 9 تموز 2015، باغت باسيل رئيس الوزراء بالقول:

-دولة الرئيس، بموجب الدستور الفقرة 1-11 من المادة 53 أطرح موضوع التعدّي على صلاحيات رئيس الجمهورية… حاول سلام منع وزير الخارجية من المضيّ في ما يفعل، قائلاً أنه لم يفتتح الجلسة بعد، ولم يعطه الإذن بالكلام، لكن باسيل لم يأبه وواصل عرضه. عندها ضرب سلام ضربته الشهيرة على الطاولة، وقال غاضباً:

“لم نعتد أن يتم الكلام بدون أن يعطي رئيس مجلس الوزراء الإذن بالكلام. رجاءً هذا نوع من المشاغبة غير مقبول داخل مجلس الوزراء… رجاءً أن تتمتع بالأدب. لا مكان للمشاغبين بيننا. لا أحد يتكلم بهذه الطريقة معنا يا معالي الوزير باسيل.”

ليست مصادفة، أن يتم توزيع تسريبة في بعض وسائل الإعلام قبل أيام حول احتمال إعطاء حقيبة الخارجية لباسيل في الحكومة المقبلة، وكأن مطبخ التسريبات هو ذاته الذي واكب ولادة حكومة سلام في نهاية عهد سليمان قبل 8 أعوام، يحاول تكرار الأحداث في نهاية عهد عون.

قبل 8 أعوام كان هدف “التيار الوطني الحر” بمساندة كاملة من “حزب الله”، تمكين الجنرال من الوصول إلى قصر بعبدا. أما هدفه الآن على ما يبدو، فهو إيصال باسيل إلى الحكومة ثانية لكي يدير دفة التحضير لملء فراغ سدة الرئاسة الأولى بمواصفات تحقق أهداف “حزب الله.”

ما سيجنيه باسيل من العودة إلى الحكومة وزيراً للخارجية فهو إخراجه من العزل الكامل الذي فرضته العقوبات الأميركية بحقه. في المقابل، سيجني حليفه فرصة كي يعمل خلالها على تهيئة الظروف المؤاتية كي يأتي إلى رئاسة الجمهورية من لا يلحق، كحد أدنى، الأذى بمشروع سيطرته على لبنان في ظل ميزان قوى لم يعد وازناً كما كان في مجلس النواب المنتخب عام 2018.

روما من فوق وروما من تحت.

باسيل، ما زال يتصرف بهدي مأدبة الإفطار التي أقامها الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله في رمضان الماضي، وضمت إلى باسيل، زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية. في تلك المأدبة التي كتب حولها الكثير، ما زال هناك على ما يبدو حاجة للكتابة حولها أكثر. في هذه المأدبة، رسم نصرالله خريطة طريق لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية التي جرت في منتصف الشهر الماضي. ضمن هذه الخريطة هو كيف يحمي “حزب الله” مع حلفائه نفوذهم في مرحلة التحولات في لبنان والمنطقة. ومن وسائل هذه الحماية الإتيان بحكومة سياسية تملأ فراغ الرئاسة الأولى، بما يحفظ هذا النفوذ. هذه روما من فوق. أما روما من تحت، فقد لا تصح حسابات حقل فريق الممانعة على بيدر واقع لبنان الحالي، قد تكون هناك حكومة جديدة، لكن ليس هناك ما يضمن أن تأتي حكومة كما يشتهي السيد ويطمح باسيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى